قعدة عائلية في الطيبة

قعدة عائلية في الطيبة

قعدة عائلية في الطيبة

 العرب اليوم -

قعدة عائلية في الطيبة

حسن البطل

وجدت الشيخ خزعل في بيت نعيم خوري في بلدة الطيبة. مرتين وثلاث سألته: من هذا؟. قال: هذا والد جدي. داريت ارتباكي بتمسيد شعر أصغر أحفاد الاحفاد. كانت الطفلة تمشط شعر لعبتها الاشقر. "يا بنت يا شاطرة مشطي لي شعري. أنا مش عموّ، صاحب البابا. أنا لعبة زرع الاميركان برنامجا هنا -أشرت لقلبي – وهناك" (أشرت لرأسي). ليس غير حفدة الاحفاد من يضحك على طرفة سخيفة كهذه. انا جالس على المقعد وقامة الطفلة اوطأ من قلبي الذي في صدري.   
وجدت الشيخ خزعل متصدرا جيشا من الصور العائلية الغابرة في بيت المعلم القديم ابي داود، والد مضيفنا، المغترب العائد، نعيم خوري. ومَن ذلك؟ سألت نعيما. قال: هذا جدي، والد أبي. هو، اذاً، نعيم خوري حفيد خوارنة عديدين يتبادلون النظرات الراضية مع جدهم الشيخ خزعل، عبر الجدران المتقابلة.  
من هذا؟.. هممت بالسؤال، قبل ان أشير الى صورة جد الجد، خيل اليّ انه قال: نعم، حسنا، اعتبرني الشيخ خزعل. ما الذي أتى بالشيخ خزعل، شيخ مشايخ قبائل عربستان العاربة ليشاركنا جلسة عائلية جدا في بلدة الطيبة؟ في الربع الاخير من القرن المنصرم، كانت الكاميرا مصابة برمد ربيعي مزمن. كل شيخ عربي يلبس لباسا عربيا من حطة رأسه البيضاء وعقاله الاسود، الى عباءته، و"باكورته " سيشبه الشيخ خزعل، شيخ مشايخ العرب الاقحاح في عربستان الغابرة، الذي ثار لعروبته فأخمد الفرس ثورته. ***                                              
   ضيافة عربية جدا في بيت نعيم خوري، منحتنا اجواء جلسة فلسطينية عائلية جداً.  
صاحبنا محمد يحكي مع معلمه القديم عن أيام التلمذة في المدرسة، والمعلم الذي يبدو في عمر تلميذه (وهو زميلي الأصغر مني بنصف عام) يستغرب شعري الاسود والفاحم وانا في منتصف العقد الخامس: "الزلمة - الزلمة تشيب رجولته من فوق الى تحت؛ والزلمة - نصف الزلمة تشيب رجولته من تحت الى فوق". يضحك المعلم، فأهدده بصبغ شعري الاسود بصبغة بيضاء.
***
صاحب بيرة "طيبة " في بلدة الطيبة قضى 20 عاما في الولايات المتحدة. عاد الى بلدته مستثمرا. لولا حقيبته لحسبته صحافيا مثلي، ولولا محتويات حقيبته، الملأى بمشاريع تطوير مشروعه. حلم بمشروعه في اميركا. لكن، كأي رجل اعمال لا يزال يمشي على حافة المغامرة - النجاح، فإن هموم المشروع تزوجت صاحب المشروع. بيديه وضع كل شيء في مصنعه بمكانه. انه مهندس مشروعه ايضا. عمر الآلات الحديثة من سنة عمر المشروع الحديث الذي يعبئ "الطيبة "بزجاجات في مصنع "الطيبة " في بلدة "الطيبة" من اعمال رام الله - فلسطين.   
دوسيه كاملة من تحقيقات صحف، المانية، واميركية، وعبرية عن مغامرة المستثمر نعيم خوري، بالبحث عن نكهة شرقية خالصة.. والا، فإن "مكابي" اليهودية لن تترك مكانا على الرف في "سوبر ماركت" اميركي لـ "الطيبة".    
من أجل الاعفاء الجمركي الاميركي لقوارير نعيم خوري لا بد من اسم بلد المنشأ: "فلسطين" غير ان فلسطين ليست اسماً للرواج التجاري مثل "هولي لاند". لدى المستهلك افكاره المسبقة، وعلى جودة البضاعة ان تزرع افكارا اخرى.
***                                             
  استقبلنا صندوق بريد مرصع باسم "الايام" على باب بيت نعيم خوري في بلدة الطيبة. لكن"المفاجأة " كانت عندما ذكّرني والده، ابو داود، بمقالتي عن زميلي  في المنفى وابن بلدته: الشهيد حنا مقبل. أربكني هذا الانكشاف الذي يسببه لي عمودي اليومي.. ثم ان نعيما اخرج من حقيبة رجل الاعمال ملفا خاصا بـ "اطراف النهار" فأحسست بأن انكشافي صار "فضيحة "!
***                                             
   قانون الاستثمار الفلسطيني لم يقف، بعد، على قدمين راسختين، وفي جعبة المستثمر نعيم مسودة رسالة الى ابو عمار تحثه على سد ثغرات اخرى في القانون لجهة خفض الضرائب. اذا انكسر المشروع سيخسر صاحبه 52،1 مليون دولار، واذا نجح ستعود مئات أولى من 40 الف "طيباوي" في المهجر للاستثمار في البلدة والبلد.
***                                         
   ثلاث مكونات رئيسية لـ "الطيبة " تمر في سبع مراحل نظيفة جدا، حديثة جدا. يقول اللبنانيون: "الطبخة الطيبة من نفس طباخها الطيب" ضحك نعيم شاكرا. بصحتك!
 12000 مواطن في الطيبة ينتظرون رياحا طيبة فلسطينية، قد تحمل بضعة آلاف من 40 الف طيباوي مهاجر على العودة ليحيوا هذه البلدة شبه الشفا-غورية. مؤلم ان يكثر المستوطنون في الجوار ويقل عدد سكان الطيبة.   
.. عن هذا دار معظم الحديث بين الصديق ومعلمه، بين الصحافي ورجل الاعمال؛ بين الشاعر وست البيت .. في جلسة عائلية جدا حضرها (متربعا في اطار صورته) الجد الاكبر، وخوري العائلة و"ست الكل".. وأحفاد يضحكون وقامتهم اقرب الى الارض من قلبك وأنت في وضعية الجلوس.  
حظيت في بلدة "الطيبة " بقعدة عائلية طيبة تماما، كأن لجوءنا الى بلاد العرب، ولجوء نعيم الى اميركا لم يغيرا شيئا سوى في زيادة رهافة تذوق نكهة العودة الى البلد. بصحتكم يا اخوان!   
.. ولا زلت اعتقد ان جدّ جده قد يكون الشيخ خزعل من عربستان، او قد يخلق الله من الشبه اثنين في مكانين مختلفين.   
منّ الله عليّ بنعمته. ها أنا أذهب الى تفاصيل البلاد، فأسلو عن أن أمي في الشام، وابنتي في لبنان، وابني في لندن، لأن القعدة العائلية جدا كانت طيبة. العراقة فواحة. والعراقة معبأة في زجاجات. أنت تعود الى البلاد.. والى ناس البلد.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قعدة عائلية في الطيبة قعدة عائلية في الطيبة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab