حسن البطل
بلبلني غدعون ليفي، ونوّرني نيقولا الياس. ليفي كتب في «هآرتس» 8 آذار «تصوروا القائمة المشتركة العربية هي الثالثة في حجمها بالكنيست، ويتم اختيار متصدرها أيمن عودة رئيساً للمعارضة؟
المسرحي النصراوي نيقولا إلياس، مقيم في رام الله، أوضح أن شرط هذا ألاّ يدخل الائتلاف الصهيوني والليكود في حكومة شراكة بالتناوب، فانتبهت إلى ما كتبه ليفي: الحكومة المقبلة هي حكومة بيبي وبوجي ويائير (لبيد). إنه يتوقع حكومة وحدة صهيونية ويهودية، ومن ثمّ فإن القائمة العربية ستكون هي المعارضة.
ماذا يعني هذا؟ تصوّروا أن أوباما سيلقي خطته للسلام أمام الكنيست، فإن كانت الحكومة الـ 21 مشتركة، أو بالتناوب، بين بيبي وبوجي، فإن أيمن عودة سيلقي كلمة المعارضة بعد كلمة أوباما.
المسألة أبعد من البروتوكول، فحسب قانون الكنيست على رئيس حكومة إسرائيل أن يُطلع زعيم المعارضة، مرة في الشهر على الأقل، على التطورات السياسية والأمنية.
أيضاً، حسب قانون الكنيست فإن عدد مقاعد الأحزاب والائتلافات يفرض رئاستها للجنة أو أكثر من لجان الكنيست التسع!
ماذا إن طالبت المعارضة البرلمانية العربية برئاسة لجنة تُعنى بتشريع الاستيطان اليهودي، سواء في النقب والجليل، أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
السؤال الماثل في انتخابات 17 آذار، الإسرائيلي اليهودي والعالمي هو: من سيكون رئيس الحكومة الـ 21؟ هل رئيس الحزب الأكبر أم رئيس الائتلاف الأكبر؟ هذا منوط بما يقرره رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، الليكودي الأصلي، وله «ثأر» مع بيبي لأنه دعم مائير شطريت مرشحاً للرئاسة.. وفاز ريفلين في الجولة الثانية.
السبت الماضي، نظّم خصوم بيبي والليكود مظاهرة في ميدان رابين من 35 ـ 50 ألفاً، والسبت المقبل سينظم أنصاره مظاهرة مضادة لتأييده. المهم أن مظاهرة الخصوم رفعت شعار «الانقلاب»، وتحدث اللواء متقاعد عميرام ليفين وقال: «إذا واصلنا الحلم ببلاد إسرائيل الكاملة فسنفقدها كلها».
حكومة شراكة صهيونية ـ يهودية (بيبي وبوجي) لن تكون انقلاباً، فقد سبق وتشكلت أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي، وكانت «حكومة رأسين» بالتناوب أو «حكومة شلل»!
ما بلبلني، قليلاً، هو فشل القائمة العربية و»ميرتس» في اتفاقية «فوائض الأصوات»، ربما لأن القائمة لا تريد اتفاقاً مع حزب يساري صهيوني، باعتبار القائمة ائتلافاً قومياً غير صهيوني.
«الانقلاب» هو أن تكون القائمة العربية هي «الحصان الأسود» في الكنيست، وان تشكل حاجزاً أمام حكومة برئاسة بيبي، الذي يدعي وجود «تمويل» خارجي ومؤامرة يسارية محلية لرفع عدد النواب العرب إلى 16، أي 14 مقعداً للقائمة ومقعدين أو ثلاثة من قوائم الأحزاب الصهيونية، لأن زهير بهلول، مرشح الائتلاف الصهيوني، والرقم 17 قال: «لست صهيونياً؛ أنا عربي».
ليفي ليس أول صحافي إسرائيلي يحث المصوّتين العرب على التصويت بكثافة للقائمة العربية، ولا أول من يتمنّى تصويتاً يهودياً لها، بما يشير إلى تصويته لصالحها.
على ما يبدو، فإن كل مقعد تحرزه القائمة يتعدى الـ 13 أو 14 مقعداً سيكون بفضل أصوات يهودية، ترى في القائمة خياراً متاحاً لتفضيل إسرائيل ديمقراطية، أجدى من التصويت للائتلاف الصهيوني أو حتى «ميرتس» اليسارية الصهيونية، التي كان لها الفضل في إدخال أول نائب امرأة عربية في الكنيست، وفي قائمتها عربي أيضاً.. لكنها لن تحرز أكثر من 5 ـ 6 مقاعد في انتخابات 17 آذار.
البرنامج السياسي للائتلاف الصهيوني ضبابي ولا يتحدث عن دولة فلسطينية، بل عن دولة ديمقراطية ـ يهودية لها حدود تضمن غالبية يهودية.. لكن في «انقلاب» غير مفاجئ من زعيم الليكود، تنصّل هذا من خطاب جامعة «بار ـ إيلان» وأعلن معارضته لفكرة دولة فلسطينية، مدفوعاً تحت ضغط وثيقة مفاوضات مولخو ـ آغا، التي صدّقها زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينيت وأنكرها الليكود!
من الواضح أن حلفاء الليكود في الحكومة 20 ليسوا حلفاءها في الحكومة 21، وهم يائير لبيد، نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان، لكن حلفاء الائتلاف الصهيوني لن يجدهم خارج دعم نواب القائمة العربية.
في حكومة بيبي الثالية كانت هناك مشاركة من «ييش عتيد» و»البيت اليهودي»، لكن كان حزب العمل بمقاعده الـ 15 هو رئيس المعارضة، وفي الحكومة الـ 21 ستكون القائمة العربية هي زعيمة المعارضة، بقيادة أيمن عودة.. هذا إن لم تتشكل حكومة ائتلاف بين الحزبين الأكبرين: الصهيوني واليهودي (بوجي وبيبي)، وهما يريان في تزعم العرب رئاسة معارضة برلمانية أمراً خطيراً و»انقلابياً» على الصهيونية واليهودية في آن.