الصحراء كلك أخطاء وللناس أعين

الصحراء؟ كلك أخطاء وللناس أعين

الصحراء؟ كلك أخطاء وللناس أعين

 العرب اليوم -

الصحراء كلك أخطاء وللناس أعين

علي الأمين

يدرك حزب الله مع ملحمة الثورة السورية انه انتقل من ضفة المشروع العام الذي يخاطب الامة العربية والاسلامية، الى حالة ضيقة تعيش هاجس البقاء. اذ لم يعد لديه هاجس مخاطبة الأمة. فقد ظنّ بعد انجاز التحرير في العام 2000 انه قادر على شقّ مسار ثابت في الوسط الاجتماعي والشعبي العربي والاسلامي باسم "المقاومة". وفعلا بدا انه حقق ذلك، واقتنع الكثيرون بقدرته على ذلك، وبقي حريصا في خطابه على التوجه الى العرب والمسلمين عموما، وحاول في كثير من الأحيان لجم الظواهر التي تستنفر العصب المذهبي في بيئته المذهبية والايديولوجية.

لكن واجهته مشكلة في العمق، تمثلت في التناقض بين تطلعاته العامة وبين الارضية التي يقف عليها. فولاية الفقيه عززت التمايز السني – الشيعي، الذي لم يكن قائما في المجتمعات العربية، بالشكل الذي رست عليه بعد صعود نجم ولاية الفقيه في البيئة الشيعية بقوة ايران وحزب الله.

فالمذهبية هنا، تقوم في جوهرها على غلوّ مذهبي ومن مظاهرها "الولاية التكوينية" التي لا يمكن لها ان تشكل أرضية لمشروع عام. هذه الأرضية التي وقف عليها حزب الله في مشروعه السياسي الديني كانت فاقعة الخصوصية، فيما هو بدا كأنه يسعى لأن تكون مظلة لمشروع عام عابر للطوائف والمذاهب والمكونات الاجتماعية.

لم يستطع هذا المشروع ان يستقطب الى بنيته التنظيمية، والى المقاومة التي تبناها، واحداً غير شيعي. وعندما ظنّ انه وجدّ حلاًّ عبر ابتداعه نموذج "سرايا المقاومة"، تبين انه كان يعبر بأسلوب فاقع عن مأزقه، عبر التفافه على المشكلة بدل حلّها. هذا ﻷن تحويل مشروع المقاومة لدى حزب الله الى مشروع وطني او مشروع عربي عام كان يتطلب منذ البداية النظر في ولاية الفقيه.

من الأساس عانى مشروع حزب الله من أزمة اخلاقية. فالتحالف مع النظام السوري، المعروف بوحشيته تجاه شعبه، حوّل مشروع المقاومة لديه من مشروع اخلاقي تحرري الى شبكة مصالح. اذ لا يمكن للمقاومة ان تخوض مشروع مقاومة ومعركة تحرير، ويكون لديها علاقة عضوية ومؤسساستية مع نظام الأسد. بذور التناقضات كانت كامنة منذ البداية ضمن مشروع ايران في لبنان والعالم العربي. لكنها كانت تنتظر الشرط الخارجي ليفجرها. وعندما انفجرت عبر الثورة السورية، كشفت المأزق الأخلاقي الذي حوّل مقاومة حزب الله من افق تحريري الى جزء من شبكة مصالح. جزء من هذه الأزمة الاخلاقية سببه ايران، التي انتقلت من نموذج ثورة المستضعفين على المستكبرين، الى سلطة تريد ان تحمي نفسها. ثورة المستضعفين الايرانية في العالم العربي تحولت الى عبث ولعب في مكونات المجتمع العربي. والأزمة الاخلاقية في استمرار تغطية الجريمة غير المسبوقة التي ارتكبها نظام الاسد ضد الشعب السوري عبر نبذ المنطق الاخلاقي، فيما يستند حزب الله وايران الى المنطق الاخلاقي نفسه في مقاربة ما يجري باليمن.

نعلم ان القيادة الايرانية وذراعها حزب الله قد انتقلا من مخاطبة الامة او الجمهور الاسلامي والعربي الى مخاطبة الجمهور الخاص، المتجانس في انتمائه المذهبي. واذا كانت القاعدة الاخلاقية لا تخصص، فإن العصبية بطبيعتها، التي ركن اليها حزب الله وتترس بها، تبرر الجريمة في مكان، ولا تبرر الجريمة نفسها في مكان آخر. ذلك ان العصبية، ومنها العصبية المذهبية، لا تقوم على مبدأ أخلاقي شامل وكامل. بهذا المعنى صار المعنى الأخلاقي هنا منتف بالكامل، او على ما يقول الفقهاء "سالب بانتفاء الموضوع". المخاطب لم يعد الجمهور العربي او الاسلامي المتعدد، لأن شدّ العصب المذهبي لا يحتاج الى مضامين أخلاقية وخطاب عام، بل الى عناصر القوة المادية والتركيز على الخصوصية وتعزيز المخاوف الوجودية للجماعة الخاصة.

من هنا فإن التكفير والتكفيريين يشكلان مصدر قوة للعصبية الشيعية. لكن يجب الانتباه الى ان التكفير ليس فقها صحراويا ولا سمة مناخية. التكفير في مجتمعاتنا العربية له اسبابه العميقة، الاجتماعية والسياسية، وابرزها طغيان الدولة والاستبداد. التنظيمات التكفيرية تنتهي عندما تنتفي اسباب قوتها. ولا يمكن عزل سبب تمدد التنظيمات الدينية المتطرفة، في سورية على سبيل المثال لا الحصر، عن استبداد نظام الأسد طيلة خمسة عقود. علما ان بذور التكفير بمعناه العميق ليست حكرا على المنظمات الموصوفة بالتكفيرية، بل هي بذور موجودة في تربتنا الدينية والثقافية والاجتماعية. والاختلاف في الكمّ لا في النوع. فإذا كانت وحشية نظام الأسد هي الإسلام المديني، فإن الصحراويين لا يزالون أكثر رحمة.

فكلك اخطاء وللناس أعين.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحراء كلك أخطاء وللناس أعين الصحراء كلك أخطاء وللناس أعين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab