ليبيا والمجاهدون فيها من الاحتلال إلى «داعش»

ليبيا والمجاهدون فيها من الاحتلال إلى «داعش»!

ليبيا والمجاهدون فيها من الاحتلال إلى «داعش»!

 العرب اليوم -

ليبيا والمجاهدون فيها من الاحتلال إلى «داعش»

طلال سلمان

اختلف الزمان وانقلبت المفاهيم والمعايير وتمّ تشويه معنى «الجهاد» حتى صُيِّر في خدمة الهيمنة الأجنبية والاحتلال الإسرائيلي، أقله كما تدل تصرفات من نصب نفسه «خليفة» على المسلمين، المدعو «أبو بكر البغدادي»... وآخر «إنجازات» جيشه من «الدواعش» الشريط الذي يُظهر فيه بطولات «مجاهديه» عبر إعدام واحد وعشرين من العمال المصريين الفقراء، الذين قصدوا ليبيا لكي يكسبوا، بعرق الجبين والزنود، قوت عائلاتهم التي افترضت أنهم سيكونون آمنين بين أهلهم، ولن يسألهم أحد عن دينهم وشعائرهم، بل سيحاسبون على جهدهم كعمال، وعلى ما ينجزون مما يكلفون به من أعمال في ورش ترميم ما خربته «حرب الإخوة».
لكن «الخليفة» الذي تقصّد الإساءة إلى أول خلفاء المسلمين بعد رحيل الرسول العربي محمد بن عبد الله، أبو بكر الصديق، فاختلس كنيته، لم يجاهد ضد قوات الاحتلال الأجنبي للأرض العربية، سواء أكان أميركياً أم إسرائيلياً (على وجه الخصوص)، بل اندفع يقتل أهل الإيمان من أبناء هذا الوطن الكبير، بدءاً من سوريا امتداداً إلى العراق قافزاً إلى ليبيا التي تركها القذافي نهباً لفوضى المسلحين، «إسلاميين» أساساً، و «وطنيين» يناضلون من أجل استنقاذ وحدة بلادهم المهددة بالاندثار، وثرواتها الهائلة المعرّضة للنهب الداخلي في ظل تواطؤ الخارج..
وهكذا شهد العالم بأسره على جريمة وحشية نفذها «الداعشيون» في مكان ما من الساحل الليبي الذي نزلت فيه قوات الاحتلال الإيطالي في العام 1911، حيث لقيت مقاومة باسلة امتدت لأكثر من ربع قرن، وسقط فيها آلاف الشهداء، بعضهم في مواجهات شرسة مع المحتل، وبعضهم عبر عمليات الإعدام التي توالت «وجباتها» على مر السنين وذهب ضحيتها ألوف المجاهدين من شباب ليبيا، كما من المتطوعين الذين لبّوا نداءها فذهبوا إلى الجهاد فيها ضد المستعمر الوافد من الغرب والذي كانت لديه خطته لطرد أهلها من السواحل ومن الأرض الصالحة للزراعة لكي يقطعها لمستوطنين سيأتي بهم لاحقاً من إيطاليا.. وقد فعل!
ومع أن سجل الفظائع التي ارتكبها الاستعمار الاستيطاني الطلياني في ليبيا حافل وثقيل، إلا أن «الداعشيين» قد تجاوزوها قسوة ووحشية، كما يدل شريط الترهيب الذي بُثّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، وعمّمته وسائط الإعلام على العالم.. وبالألوان، حيث أُلبس «الرهائن» الذين سيُقتلون ملابس إعدام تشابه تلك التي أُلبست لمن أدينوا بالإرهاب فسُجنوا في غوانتانامو.
فلقد اختارت العصابات «الداعشية» المسلحة أن توقع في أسرها مجموعة من العمال المصريين الذين جاءوا يبيعون عرق الجباه من أجل حياة كريمة لعائلاتهم.. وتقصّدت هذه العصابات أن يكون ضحاياها من «الأقباط» حصراً، أي من بناة مصر بحضارتها الباهرة التي سبقت بها العالم جميعاً، ممهدة بذلك لإذكاء نار الفتنة داخل مصر، التي حاول إيقاظها «حكم الإخوان» فانتصرت عليه بوحدتها الوطنية الصلبة والتي صمدت في وجه كل المحاولات لضرب صلابتها الجامعة للمصريين كلهم.
الطريف أن «الداعشيين» وبعدما فرغوا من ارتكاب جريمتهم الشنيعة، تقدموا نحو البحر ليطلقوا، عبره، تهديدهم أوروبا بأنهم قادمون إليها ليكملوا فتوحاتهم ونشر الدين الحنيف فيها!
والحمد لله أن بطل المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي الشيخ الجليل عمر المختار قد استُشهد شنقاً، فلم يشهد مثل هذه الإساءة الفظيعة للدين الحنيف وللجهاد في سبيل الله وللنضال من أجل حرية الأرض والإنسان، والحمد لله أن المجاهدين الذين لبّوا النداء فذهبوا أساساً من مصر بمدنها وصعيدها، ومن بلاد الشام ليقاتلوا نصرة لإخوانهم الليبيين، وبينهم كوكبة من أهل طرابلس الشام، قد استشهدوا هناك، وقليل منهم من عاد ببعض الجراح ووجع العجز عن الانتصار على القوة الاستعمارية التي سبقت إلى استخدام الطيران الحربي في قصف المجاهدين، كما سبقت إلى «نفيهم» إلى معتقلات شديدة الحراسة في قلب الصحراء بحيث لا يملك من يحاول الهرب فرصة للنجاة.. تماماً كما في السجون الأميركية في غوانتانامو.
إن هذه العصابات «الداعشية» قد أضاعت الطريق إلى الله كما أضاعت الطريق إلى العدو، فارتدّت تقاتل أهلها، ولا سيما الفقراء منهم، كما حدث مع أبناء الأقليات في العراق، من قبل، وكما حدث بالأمس مع الأقباط المصريين الذين ذهبوا يبيعون عرق الجباه ليوفروا لأهلهم وأبنائهم الحد الأدنى من العيش الكريم..
على أن هؤلاء وأولئك، كما الشهداء المسلمين في أي أرض اجتاحتها عصابات «داعش» هم «مجاهدون» أصلاء، وهم بين أشرف الناس الذين حاولوا تأمين حياة كريمة لأبنائهم بعرق الجباه وليس بنهب خيرات البلاد والعباد وبيعها إلى أعدائها في الدنيا والآخرة.
إن «الداعشيين» هم أعداء الأمة، أعداء الوطن، أعداء المؤمنين... وأبسط الواجب أن يواجههم أهل الإيمان فيهزموهم، لأنهم بلا قضية، ومحركهم الشبق إلى السلطة.. وقد شهدنا من ممارساتهم وهم في الطريق إليها ما يكفي لكي نجتمع في مواجهتهم إنقاذاً لأوطاننا ولأدياننا ولأجيالنا الآتية والذين عملنا ونعمل من أجل أن يكون لها الغد الأفضل.
وليس أسوأ منهم إلا من نصبهم النفوذ الأجنبي «مسؤولين» في الفوضى التي تعصف بليبيا وتستنبت فيها «الدواعش»... والذين تصدّوا لمن حاول إنقاذ الليبيين منهم!

 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا والمجاهدون فيها من الاحتلال إلى «داعش» ليبيا والمجاهدون فيها من الاحتلال إلى «داعش»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 العرب اليوم - الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab