لن يرجع كما كان

لن يرجع كما كان

لن يرجع كما كان

 العرب اليوم -

لن يرجع كما كان

غسان شربل

لا يستطيع العراق احتمال سيطرة «داعش» على أجزاء واسعة من أراضيه. لا تستطيع المنطقة احتمال قيام إمارة «داعشستان» على جانبي الحدود السورية - العراقية. العالم أيضاً لا يستطيع قبول قيام أفغانستان جديدة في قلب العالم العربي وفوق حقول النفط.
لا بد من هزيمة «داعش». هذا ما تقوله الدول القريبة والبعيدة. ومثل هذه الهزيمة ليست مستحيلة. لكن الحل يبدأ بقراءة ما حدث. «داعش» فجر مشكلة كبرى. لكن المشكلة لا تقتصر على «داعش».
لا يملك «داعش» جيوشاً جرارة. ويصعب القول إن أهالي الموصل والأنبار يتحرقون للعيش في ظل مبادئه. وواضح أن «داعش» استفاد إلى أقصى حد من الانهيار الذي ضرب العلاقات السنية - الشيعية وتفاقم بفعل الأسلوب الذي اختاره نوري المالكي لمعالجة الاحتجاجات في الأنبار. ما كان «داعش» لينجح في اكتساح المناطق التي اكتسحها لو كان المكون السني يشعر أنه شريك فعلي في إدارة البلاد. فمشاعر الإقصاء والتهميش لدى السنة كانت السلاح الأمضى الذي استخدمه التنظيم لطرد سلطة المالكي من هذه المناطق. وما كان الجيش العراقي ليصاب بالانهيار الذي ضربه لو لم تكن علاقته بالأنبار وصلاح الدين ونينوى تقوم على ما يشبه العداء المتبادل.
لم يكن سراً في الفترة الأخيرة الماضية أن العملية السياسية أصيبت بانتكاسة شديدة الخطورة. ظهر ذلك جلياً في تصريحات السياسيين السنة وزعماء العشائر. لم يتوقف المالكي جدياً عند الخطب التي ألقيت في ساحات الاعتصام. تعامل مع ما كان يجري بوصفه مؤامرة لإطاحته أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. نظر إلى الاحتجاجات بوصفها تمرداً سنياً على الوضع الذي حصل عليه الشيعة في عراق ما بعد صدام حسين. والحقيقة أن الأسلوب الذي اعتمدته الحكومة هو ما حول حركة الاحتجاج تمرداً سنياً سهل لـ «داعش» فرصة الانقضاض على مناطق ومواقع.
لا يحق للمالكي الممسك بمقاليد رئاسة الوزراء ومعها حقائب الدفاع والأمن ألا يتوقف طويلاً عند أسباب انهيار الجيش العراقي أمام هجوم «داعش» ومن تعاطفوا معها. لم يقاتل الجيش دفاعاً عن مناطق انتشاره ربما لشعوره أنها ليست مناطقه بالمعنى المذهبي. وهذا يكشف أن عملية إعادة بناء الجيش العراقي، والتي كلفت بلايين الدولارات، دفعت ثمن انحراف السياسات عن روح العملية السياسية. خسر المالكي علاقاته بالمكون السني وخسر أيضاً علاقاته بالمكون الكردي فصار الجيش مكشوفاً أمام المتربصين به من إرهابيين وأصوليين وبقايا النظام السابق وناقمين على سياسات الإقصاء والتهميش.
لا بد من إلحاق الهزيمة بـ «داعش». لكن استخدام الجيش العراقي والميليشيات الشيعية في هذه المهمة سيقود بالتأكيد إلى مذبحة مروعة. هزيمة «داعش» يجب أن تتم على أيدي أبناء المناطق التي اكتسحها التنظيم، وفي ظل حكومة وحدة وطنية فعلية يلعب المكون السني دور الشريك الكامل فيها.
ثلاثة استنتاجات حضرت في لقاءات الديبلوماسيين الأميركيين مع السياسيين العراقيين عشية جولة جون كيري. الأول أن المالكي ليس الشخص المناسب لقيادة المرحلة المقبلة. والثاني أن السنة لن يرضوا بالعودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل ما حصل في الموصل. أغلب الظن أنهم يريدون لأنفسهم ضمانات كتلك التي يوفرها إقليم كردستان لأبنائه. والثالث أن الأكراد ليسوا في وارد التراجع عن المناطق «المتنازع عليها»، والتي أخلاها الجيش العراقي وتقدمت إليها البيشمركة لحمايتها من «داعش». عدم التعامل بواقعية مع هذه الاستنتاجات يعني الغرق في حرب أهلية مدمرة ذات جاذبية إقليمية قاتلة. والسؤال هو هل تقبل إيران بتسهيل مثل هذا الحل وما هو الثمن الذي تريده أم أنها ستتمسك بالمالكي معتبرة الانقلاب عليه انقلاباً عليها أيضاً؟ الأكيد أن الديبلوماسيين الأميركيين سمعوا من بعض من التقوهم أن العراق «لن يرجع كما كان قبل سقوط الموصل».

 

arabstoday

GMT 19:51 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مؤامرة التهجير

GMT 19:33 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

البشر والحجر!

GMT 19:24 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أهلا ببطل الكونفدرالية

GMT 19:20 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قرننة المفسدين

GMT 04:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

فى المشمش!

GMT 04:50 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الأصدقاء وذكريات لا تعنيهم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لن يرجع كما كان لن يرجع كما كان



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 19:22 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

القمة العربية.. لغة الشارع ولغة الحكومات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab