قمة القنبلتين

قمة القنبلتين

قمة القنبلتين

 العرب اليوم -

قمة القنبلتين

غسان شربل

لا تريد الولايات المتحدة لعب دور الشرطي في الشرق الأوسط. لا تريد إنفاق المزيد من البلايين والدم. لكنها لا تستطيع بالتأكيد نفض يديها من مصير هذا الجزء من العالم. ليس فقط بسبب أمن النفط وأمن إسرائيل، بل أيضاً بسبب أمن أميركا والغرب. أظهرت التجارب أن أمراض الشرق الأوسط معدية. وأن تجذر الإرهاب فيه يهدد سلامة نيويورك وواشنطن وباريس وبرلين وغيرها.

لا مبالغة في القول أن القمة الأميركية - الخليجية في كامب ديفيد تشكل موعداً استثنائياً سيترك بصماته على مصير الشرق الأوسط لسنوات أو عقود. المطلوب من القمة يتجاوز توزيع الترضيات والضمادات. الوضع أخطر من أن يعالج بالمسكنات والتمنيات. المطلوب ببساطة رسم ملامح نظام إقليمي جديد يعيد القدر اللازم من التوازن ويوفر صمامات أمان توقف مسلسل الانهيارات والانقلابات والاختراقات. وواضح أن الظل الإيراني سيشارك في القمة حاملاً قنبلتين.

تنعقد قمة كامب ديفيد في ظل تطورات بالغة الدلالات. التطور الأول هو التوجه إلى إبرام الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل وإصرار باراك أوباما على إنجاز هذا الاتفاق. التطور الثاني هو الحرب التي يشهدها اليمن بعد المغامرة الحوثية - الإيرانية فيه. التطور الثالث هو الحرب على «داعش» وأشباهه وتعثر هذه الحرب بسبب التمزقات المذهبية الداخلية في العراق وسورية والانخراط الإيراني الواضح في حروب البلدين.

الرسالة الأولى التي بعثت بها الحرب الحالية في اليمن هي أن مشكلة دول مجلس التعاون مع إيران لا يمكن أن تختصر بموضوع برنامجها النووي. فدول المجلس تعتبر أن دور إيران الحالي، والوافد من جمر الثورة لا من التزامات الدولة، هو القنبلة الحقيقية التي تهدد أمن دول المجلس واستقرار العرب وموقعهم في الإقليم. وهكذا يصبح المطلب الخليجي من قمة كامب ديفيد إجراءات للجم الدور الإقليمي لإيران في موازاة لجم طموحاتها النووية.

تنعقد قمة كامب ديفيد في وقت يبدو الشرق الأوسط مندفعاً نحو هاوية غير مسبوقة. لم يحدث أن اجتمع هذا العدد من الحروب والانهيارات في وقت واحد. حروب مباشرة أو بالواسطة. القاسم المشترك هو الخوف الشديد. دول خائفة على حدودها أو خائفة داخلها. سقوط مدو للحدود الدولية. وسقوط رهيب للتعايش. انتهكت خرائط من الخارج. وتمزقت من الداخل. تآكلت جيوش كبيرة ثم احتمت بميليشيات فئوية. ذابت الهوية الوطنية واستيقظت هويات الجزر المتكارهة. قوى جديدة مسلحة حتى الأسنان غادرت معاقلها في أدوار انتحارية أو محفوفة بالأخطار على مسارح تحركها. تحول «داعش» قوة إقليمية تستبيح هنا وهناك. تحول «حزب الله» قوة إقليمية تتدخل في دول قريبة وبعيدة.

غابت عن الإقليم الإدارة الدولية القادرة على ترويض نموره أو ذئابه. فضل أوباما المقعد الخلفي. اختار فلاديمير بوتين سياسة الثأر على أطراف روسيا فهبت رياح تكاد تشبه الحرب الباردة.

في ظل هذه الصورة اعتبرت السعودية ومعها دول مجلس التعاون أن «الدور الإيراني في الإقليم هو القنبلة الأخطر». اعتبرت الدور الإيراني مسؤولاً عن الإمساك بالقرار في بغداد وتفكيك التركيبة العراقية. اعتبرته مسؤولاً عن إطالة الحرب في سورية وتحولها مواجهة ألهبت خط التّماس السنّي - الشيعي وساهمت في ظهور «داعش» وتمدده في الخريطتين العراقية والسورية. اعتبرته مسؤولاً أيضاً عن إنهاك الدولة اللبنانية وإبقائها مقطوعة الرأس. وحين أطل الدور - القنبلة من اليمن اتخذت السعودية قرار كسر عملية التطويق وقادت تحالفاً لهذا الغرض. عبّر القرار عن رفض العرب أن تبقى بلدانهم مسرحاً للانقلابات الإيرانية المتواصلة فيما تنهمك أميركا بالملف النووي وحده.

لهذا تبدو قمة كامب ديفيد مطالبة بتوضيح الموقف الأميركي من قنبلتين إيرانيتين. الأولى البرنامج النووي. والثانية قنبلة الدور الإقليمي. ترفض دول المجلس أن يُعتبر الاتفاق المتعلق بالقنبلة الأولى شهادة حسن سلوك تزود إيران بالموارد اللازمة لحماية القنبلة الثانية وتوسيعها. تتعدى المسألة موضوع الدرع الصاروخية الخليجية. وتوفير ترسانة رادعة. إنها تتعلق برؤية أميركا لمصالحها في المرحلة المقبلة وعمق التزاماتها حيال حلفائها وجديتها في احتواء الاندفاعة الإيرانية في الإقليم والتزامها بضمانات قاطعة.

يستحيل بناء نظام إقليمي قابل للحياة من دون استعادة التوازن. الدور - القنبلة مناقض للتوازن الضروري. اي تردد اميركي في التعامل بحزم وجدية مع قنبلة الدور سيخفض أهمية القمة وسيُعزز المخاوف الخليجية من «السياسة الايرانية» لاوباما. التردد الاميركي سيؤدي ايضاً الى التهاب المواجهة الاقليمية خصوصاً في الحلقة السورية وبغرض قطع التواصل بين مكونات الدور- القنبلة. اي فشل لقمة كامب ديفيد في ان تكون قمة القنبلتين سيصب الزيت على حرائق الشرق الاوسط الرهيب.

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة القنبلتين قمة القنبلتين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab