زمن الجيوش الصغيرة

زمن الجيوش الصغيرة

زمن الجيوش الصغيرة

 العرب اليوم -

زمن الجيوش الصغيرة

غسان شربل

يتابع العربي التطورات في اليمن كما يتابع مسلسلاً تلفزيونياً سلساً. جيش صغير تضيق به معاقله في صعدة فيتقدم إلى صنعاء. كانت الرحلة ممتعة. لم يعثر على الجيش النظامي الذي حاربه سابقاً. لم يصطدم بدورية للأمن الداخلي. لم يسأله شرطي بلدي عن أوراقه. في البلد المدجج بالسلاح والقبائل والتارات لم يعثر «أنصار الله» على من يحاربهم.

سقوط صنعاء كثمرة ناضجة ضاعف شهيات الحوثيين. في الحلقة الثانية من المسلسل الحديدة والميناء وطريق باب المندب. جيش صغير يتقدم. وجيش كبير يتوارى. وفي الرحلة يغتني الجيش الصغير بموجودات ثكن الجيش الكبير. دبابات ومدافع وذخائر.

تصرف الرئيس عبد ربه منصور هادي كمراقب نمسوي. وتصرف جمال بن عمر كمراسل صحافي. الدبابات أصدق من حبر الاتفاقات. صار على الرئيس أن يطيع مرشد الجمهورية اليمنية. رأى الجنوبيون جيش الحوثيين الصغير يستولي على الوليمة الشمالية فرفعوا راية الاستقلال. انفجر اليمن.

ولم تكن القصة سرية. في آذار (مارس) الماضي سمعت من الرئيس هادي أن الحوثيين يريدون الوصول إلى البحر الأحمر. وقال إن من يملك مفاتيح باب المندب ومضيق هرمز لن يحتاج إلى قنبلة نووية. وهو كان يلمح إلى أن إيران تقف وراء تحركات الحوثيين. القصة غريبة فعلاً. بعد سبعة أشهر من كلام الرئيس حقق الحوثيون برنامجهم بانسيابية منقطعة النظير. تسأل عن السبب فيأتيك الجواب: «فتش عن علي عبد الله صالح». لا أعرف إن كان هذا الجواب يكفي للتفسير. الأكيد أننا في بدايات دورة يمنية شديدة الخطورة على اليمن ومحيطه. أخطر ما يمكن أن يحدث أن تصبح «القاعدة» رمزاً للمقاومة السنية للمشروع الحوثي.

إننا في زمن الجيوش الصغيرة. جيش صغير اسمه «داعش» نفذ انقلاباً كبيراً ودفع العراق إلى الانفجار مجدداً. تهاوت فرق من الجيش العراقي الكبير أمام هجماته. سقطت الأسلحة الأميركية في يد الجيش الصغير الذي ألغى الحدود العراقية - السورية. ولولا مسارعة جيش صغير آخر إلى التماسك وهو البيشمركة لكان «داعش» ينعم الآن بنفط كركوك ولتعرض الأكراد لما هو أدهى من أنفال صدام. نجح الجيش الصغير في تنفيذ انقلاب كبير والدليل أن الذعر الإقليمي والدولي أسفر عن ولادة التحالف وغاراته. قبلها خاف الجيش العراقي على بغداد فاستجار بالحشد الشعبي أي بالجيوش الصغيرة.

لا يمكن تشبيه الجيش السوري بالجيش العراقي. أظهر في الحرب الطويلة تماسكاً رهيباً. لكنه يرابط على جزء من أرض سورية. وثمة من يقول إن هذا الجيش الكبير ما كان ليستطيع الاحتفاظ بدمشق لو لم تنقذه الجيوش الصغيرة الوافدة بمباركة إيرانية من العراق ولبنان. والمقصود هنا «حزب الله» و»عصائب أهل الحق». ليس بسيطاً أن ينقذ جيش «حزب الله» الجيش السوري في مواجهة «الجيش الحر» وجيش «النصرة» وجيش «داعش». غير «حزب الله» مسار الأزمة السورية وإن كان فتح الباب لأزمات مديدة في علاقات طائفته بالكتلتين السنيتين في لبنان وسورية.

لبنان ليس غريباً عن قصة الجيوش الصغيرة. عاشها إبان الحرب الأهلية. بعد 7 أيار (مايو) 2008 انتزع «حزب الله» لنفسه حق النقض على قرارات السلطة اللبنانية. لا تتشكل حكومة من دون موافقته. ولا ينتخب رئيس للجمهورية إلا بمباركته. مشاركته في الحكومة لا تعني أبداً أنه يسلم لها بأنها المسؤولة الأولى والأخيرة عن قرار السلم والحرب. عملياته في جنوب لبنان تؤكد ذلك والأمر نفسه بالنسبة إلى تدخله في سورية.

كانت «حماس» مع «الجهاد الإسلامي» جزءاً من برنامج الجيوش الصغيرة. خاضت «كتائب عز الدين القسام» أكثر من حرب وطورت ترسانتها الصاروخية. لـ»حماس» خصوصية. كانت الحلقة السنية الوحيدة في محور الممانعة. اشتداد النزاع المذهبي على الأرض السورية دفعها إلى المغادرة. هذا لا يلغي أن الانقلاب الذي نفذه جيشها الصغير في غزة غير مسار الملف الفلسطيني.

إنها جيوش صغيرة عقائدية. حروبها أوسع من الخرائط الموروثة. ومرجعياتها لا تعترف بالحدود الدولية. جيوش جيدة التدريب والتجهيز. متراصة الصفوف والطاعة فيها كاملة. قادرة على الإمساك بقرار العواصم. وقادرة على اختراق الحدود الدولية. مشكلتها أنها لا تمثل سوى قسم من المواطنين. وأن بأسها يدفع الآخرين إلى الذعر أو الإرهاب. الجيوش الكبيرة نفسها تتحول جيوشاً صغيرة إذا رابطت على بعض الأرض أو اتكأت على بعض الشعب. يصعب على الجيش الصغير الاستيلاء على كامل الخريطة في بلد متعدد. قوة الجيوش الصغيرة تمزق الخرائط.

للمرة الأولى نرى هذا العدد من الجيوش الصغيرة على خرائط المنطقة. ثمة جيوش جديدة تتشكل حالياً. التربة الليبية حبلى بجيوش صغيرة تشرب من نبع آخر. كان العيش في ظل الجيوش الكبيرة متعباً. يبدو العيش في ظل الجيوش الصغيرة مفتوحاً على الخرائط الممزقة أو «الأوطان» الصغيرة.

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن الجيوش الصغيرة زمن الجيوش الصغيرة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab