العرب وقمة الـ20

العرب وقمة الـ20

العرب وقمة الـ20

 العرب اليوم -

العرب وقمة الـ20

غسان شربل

شكلت ولادة «قمة العشرين» قبل سبع سنوات، وفي أعقاب أزمة مالية حادة، اعترافاً صريحاً بصعوبة الاستمرار في إدارة شؤون العالم بالطريقة السابقة. تغيَّر الاقتصاد العالمي، وتغير العالم. لم يعد ممكناً الاكتفاء بالقمم الأميركية- الروسية وريثة القمم الأميركية -السوفياتية. ولم يعد ممكناً الاكتفاء بمجموعة الدول الثماني. كان لا بد من إشراك الدول الصاعدة والاقتصادات المؤثرة في حسابات الاستقرار والازدهار.

هكذا وُلِد هذا الإطار الذي يمثل نحو ثلثي سكان العالم وثلثي التجارة الدولية وأكثر من تسعين في المئة من الناتج العالمي الخام. كان لا بد من إشراك قوى جديدة في ضمان استقرار الوضع الاقتصادي وتوزيع الأعباء والمسؤوليات. وشكل منح العضوية في هذا النادي اعترافاً بنجاح من قُبِلَت عضويتهم في دفع اقتصادات بلادهم إلى الأمام، أي تحسين ظروف معيشة مئات الملايين من الناس أو أكثر من ذلك.

كل اجتماع لـ «قمة العشرين» يعني العالم بأسره. فهو يؤثر في النمو وحركة التجارة والاستقرار النقدي وفرص التنمية وإيجاد الوظائف. وهو مهم أيضاً لأنه يوفر فرصة للتشاور السياسي بين اللاعبين الحاضرين، إذ لا يمكن عزل البرامج الاقتصادية عن شروط الاستقرار وغياب النزاعات المكلفة أو المدمّرة.

تنعقد القمة الحالية في أنطاليا في تركيا، أي في مكان غير بعيد عن النزاعات الأكثر سخونة في العالم والتي تدور للأسف على أرض عربية. تعقد القمة في بلد مجاور للعراق الذي يعيش منذ عقود على وقع الحروب والتمزقات. بلد مجاور أيضاً لسورية التي تحولت بلداً مريضاً تحاول لجنة الأطباء التي عقدت اجتماعها الثاني في فيينا إقناعه بتناول العلاج ولو كان مُرّاً.

المؤلم أيضاً أن المواضيع التي اقتحمت جدول أعمال القمة أو المشاورات الدائرة على هامشها، جاءت من العالم العربي. انعقدت القمة في ظل أجواء حزن وغضب وقلق أشاعتها مذبحة باريس التي سارع تنظيم «داعش» إلى إعلان مسؤوليته عن ارتكابها. وانعقدت أيضاً في ظل الارتباك الأوروبي أمام أمواج اللاجئين المتدفقين من سورية وبلدان أخرى عربية.

كم يبدو المشهد مؤلماً. يستطيع الرئيس الصيني المشارك في القمة القول إن بلاده غيّرت في العقود الأخيرة حياة مئات الملايين من الصينيين. وفرت لهم ظروفاً أفضل في العمل والتعليم والرفاهية. يستطيع رئيس الوزراء الهندي التحدث بلغة مشابهة عن مكافحة الفقر وتحسين ظروف الالتحاق بالعصر. يمكن أيضاً الإشارة إلى كوريا الجنوبية والبرازيل وجنوب أفريقيا. تستطيع السعودية وهي الدولة العربية الوحيدة في «مجموعة العشرين»، التحدث عن إنجازات اقتصادية وتحسين ظروف معيشة مواطنيها. لكن العربي المتابع للقمة يسأل وبألم عن أوضاع دولة غنية كان يفترض أن تحقّق قفزة في حياة شعبها، وهي العراق. يسأل العربي أيضاً عن مصر والجزائر وسورية والمغرب ودول أخرى.

لا مبالغة في القول إننا أضعنا عقوداً كاملة من حياة شعوبنا. أضعناها في ظل سياسات الاستبداد وأحياناً في عهدة رجال يسعون إلى تطويع مجتمعاتهم بدلاً من مواكبتها، ولا يملكون معرفة حقيقية بالعالم وهاجس التقدم وأهمية الازدهار لحراسة أي استقرار. عشنا في ظل القاموس القديم. تضخيم الجيوش وشراء سكوت الناس بتوظيفهم وتحويلهم عبئاً إضافياً على أي محاولة جدية للنهوض الاقتصادي. عشنا نهمل التعليم، وهو مفتاح لجأت إليه الدول التي خططت للخروج من التخلُّف والفقر.

المفارقات صارخة فعلاً. يمكن العربي ألاّ يُعجَب بسياسات رجب طيب أردوغان الإقليمية. ويحلو لبعضهم أن يهاجم «السلطان» وتعثُّر سياساته في الملف السوري وملفات أخرى. لكن الحقيقة هي أن أردوغان يستطيع القول إن بلاده حققت في ظل حكم حزبه قفزة اقتصادية، أهّلتها للفوز بعضوية «مجموعة العشرين».

من حسن حظ العرب أن السعودية حاضرة في هذه المجموعة. وهي تملك إضافة إلى ثقلها الاقتصادي، ترسانة من العلاقات الدولية تضاف إلى ثقلها العربي والإسلامي. هذا يؤهلها للدفاع عن وجهة النظر العربية في نادي الكبار. لكن المؤسف هو أن غالبية العالم العربي تبدو كأنها تقيم في عصر آخر، ما ينذر بتدهور بلداننا وعواصمنا وتزايد الفقر والبطالة والتطرف، واحتفاظنا بصورة مَنْ يصدّر إلى العالم الإرهاب واللاجئين، كما فعلنا عشية قمة أنطاليا.

arabstoday

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

فى تكريم الزعيم

GMT 06:01 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

زواج الملياردير الأمريكى فى مصر!

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

حتى لا تستمر مصر مهيضة الجناح فى 2025!

GMT 05:58 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الإشكالية الفلسطينية الكبرى

GMT 05:56 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تل أبيب تغسل يديها

GMT 05:55 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الاعتدال الذى تكرهه إسرائيل

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مروحية الرئيس

GMT 00:30 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

«الهبوط الصعب»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب وقمة الـ20 العرب وقمة الـ20



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:24 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

نسيج العنف... ما بعد حرب غزة؟

GMT 10:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

إطلالات تراثية ملهمة للملكة رانيا

GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 08:58 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab