روسيا واليمن … انتهازية لا حدود لها

روسيا واليمن … انتهازية لا حدود لها!

روسيا واليمن … انتهازية لا حدود لها!

 العرب اليوم -

روسيا واليمن … انتهازية لا حدود لها

خير الله خير الله

روسيا لم تتعلم شيئا من الفشل السوفياتي في اليمن والمنطقة. لا تزال تريد إثبات وجودها كلاعب على الصعيد الإقليمي والدولي عن طريق الاعتراض واستخدام 'الفيتو'.

في النهاية ما الذي تريده روسيا؟ هل موقفها من “عاصفة العزم” وتعطيلها صدور قرار عن مجلس الأمن مدعوم من دول مجلس التعاون الخليجي، يأخذ في الاعتبار وجود سلطة شرعية، عائد إلى حرصها على اليمن واليمنيين؟ أم كلّ ما في الأمر أنّها تريد تأكيد وجودها في الشرق الأوسط، حتّى لو كان ذلك يعني أنّها صارت تتّبع سياسة متطابقة مع تلك التي تعتمدها إيران؟

ظاهريا يبدو الموقف الروسي مبرّرا. ولكن، في العمق لا يمكن إيجاد ما يبرّر هذا الموقف لسببين. الأوّل أن المملكة العربية السعودية في حال الدفاع عن النفس لا أكثر ولا أقلّ. أما السبب الآخر فهو عائد إلى أن روسيا هي آخر من يحقّ له الكلام عن الحرص على الشعوب. لو كانت روسيا في وارد الحرص على أيّ شعب كان، لكان عليها التوقّف أصلا عن تزويد النظام السوري بالسلاح.

قتل السلاح الروسي إلى الآن ما يزيد على ثلاثمئة ألف مواطن سوري. هل يكفي أن تدفع إيران ثمن السلاح الروسي كي يصبح قتل المواطنين السوريين بهذا السلاح حلالا؟

ليست “عاصفة العزم” عدوانا سعوديا وعربيا وإسلاميا على اليمن. على العكس من ذلك. هناك محاولة جدّية للحؤول دون تحوّل اليمن إلى مستعمرة إيرانية تستخدم نقطة انطلاق للعدوان على المملكة وتهديد الدول العربية في الخليج. ما شهدناه في اليمن يشكّل محاولة أخرى للتمدد الإيراني في شبه الجزيرة العربية.

تعرف روسيا المنطقة جيّدا. تعرف اليمن أكثر من غيرها. ما لا تعرفه أنّ انتهازيتها، التي لا حدود لها، صارت مكشوفة. في العام 1928، وقّع الاتحاد السوفياتي مع اليمن اتفاقا حمل اسم “اتفاق التجارة والصداقة”. كان هناك دائما وجود سوفياتي قوي في صنعاء حيث وُقّع الاتفاق بين البلدين. كان همّ الاتحاد السوفياتي وقتذاك محصورا في أن يكون حاضرا في اليمن حيث كانت الأهمّية لميناء عدن الذي كان يسيطر عليه البريطانيون. كانت لميناء عدن أهمّية استراتيجية استثنائية نظرا إلى موقعه الجغرافي من جهة، ودوره في مجال التجارة العالمي من جهة أخرى. كان الميناء من بين الأهمّ في العالم، حتّى العام 1967 حين أغلقت قناة السويس. كانت العين السوفياتية عليه، خصوصا بعد الانسحاب البريطاني من الخليج الذي تلا استقلال اليمن الجنوبي في نوفمبر 1967.

استثمر الاتحاد السوفياتي في اليمن الجنوبي المستقلّ وصولا إلى جعل ميناء عدن شبه مستعمرة له، وذلك ابتداء من العام 1972 حين بدأت “جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية” تتحوّل تدريجا إلى دولة بين الدول التي تدور في الفلك السوفياتي.

لم يقدّم الاتحاد السوفياتي لليمن سوى السلاح والبؤس. هل من انتهازية فوق هذه الانتهازية التي لا حدود لها؟ فكلّما زاد التقارب بين موسكو وعدن، زادت عزلة اليمن الجنوبي الذي ما لبث أن انفجرت فيه الأوضاع في الثالث عشر من يناير 1986. كان هذا الانفجار الذي أدّى إلى خروج علي ناصر محمّد من السلطة تتويجا لسلسلة من الحروب الأهلية الصغيرة اتخذت شكل انقلابات متتالية. قادت الانقلابات في نهاية المطاف إلى إفلاس النظام في الجنوب، فاضطر أهله إلى الهرب إلى الوحدة اليمنية من أجل أن ينقذوا أنفسهم.

لم يقدّم الاتحاد السوفياتي لليمن شيئا في أيّ يوم من الأيّام. دمّر المجتمع في المحافظات الجنوبية وهجّر من خلال دعمه للنظام خيرة اليمنيين الذين كانوا جعلوا من عدن إحدى منارات المنطقة. كان حلم السلطان قابوس، الذي كان يتوقف في ميناء عدن في طريقه إلى بريطانيا حيث كان يتابع تحصيله العلمي في ستينات القرن الماضي، أن تكون مسقط شبيهة لهذا الميناء اليمني. أين عدن من مسقط اليوم؟

ما نكتشفه الآن للأسف الشديد، أنّ روسيا لم تتعلّم شيئا من الفشل السوفياتي في اليمن والمنطقة. لا تزال تريد إثبات وجودها كلاعب على الصعيد الإقليمي والدولي عن طريق الاعتراض واستخدام “الفيتو” في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

لا حاجة إلى التذكير بكلّ الكوارث التي تسبّب بها الاتحاد السوفياتي في المنطقة، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار سكوته عن الدور السوري في لبنان ووعوده الفارغة للفلسطينيين كي يقطع الطريق على أيّ تسوية معقولة في وقت كان في الإمكان التوصّل إلى مثل هذه التسوية.

لا حاجة إلى العودة إلى حرب الأيّام الستّة وعدم تنبيهه “الزعيم الخالد” جمال عبدالناصر إلى أنّ من الغباء الإقدام على الخطوات التي أقدم عليها والتي جعلت اسرائيل تحتل سيناء والجولان والضفّة الغربية، بما في ذلك القدس. كان في استطاعة دولة عظمى مثل الاتحاد السوفياتي تنبيه الحليف المصري إلى الخلل الكبير في موازين القوى قبل حرب 1967 وليس بعدها!

مرّة أخرى، تتصرّف روسيا على الطريقة السوفياتية. تتجاهل أنّ دول مجلس التعاون (باستثناء سلطنة عُمان)، لم تلجأ إلى الخيار العسكري إلّا بعد استنفاد كلّ الحلول السياسية. لا تريد موسكو أن تتذكّر أنّ مجلس التعاون دعا كلّ الأطراف اليمنية، بمن في ذلك الطرف الحوثي، إلى مؤتمر حوار. هل يريد الحوثي الحوار؟ هل تسمح له إيران بالدخول في حوار.. أم أن كلّ ما يريده هو السلطة ولا شيء آخر غير السلطة.

تبيّن منذ بدأ “أنصار الله” زحفهم على صنعاء أنّ لديهم هدفا واضحا. يتمثّل هذا الهدف في إقامة نظام جديد في اليمن.

من خلال خطابات عبد الملك الحوثي وتصريحاته، نجد أنّ كلّ ما يريده هو وضع اليد على اليمن كي يتحوّل إلى مستعمرة إيرانية. ما الذي يبرّر إذن الحملة العسكرية التي تستهدف السيطرة على عدن والجنوب اليمني والتي كان مفترضا بالرئيس السابق علي عبدالله صالح البقاء في منأى تام عنها؟

في كلّ الأحوال، تكشّف ما لم يعد في الإمكان تغطيته بأيّ شكل. تكشّف خصوصا أنّ موسكو تنسق مع طهران إلى حدّ كبير وأنّ الحلف الروسي ـ الإيراني صار واقعا وهو يصبّ في عملية تفتيت المنطقة العربية تفتيتا كاملا.

لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان هذا الدفاع الروسي الأعمى عن الحوثيين، في حين هناك خيارات أخرى أمام هؤلاء. أحد هذه الخيارات يتلخص بأن يتصرّفوا انطلاقا من حجمهم الحقيقي، أي كطرف من أطراف الأزمة اليمنية وليس كناطق باسم الشعب اليمني.

يبدو أن روسيا تعتبر الحوثيين، وهم مجرّد ميليشيا مذهبية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب اليمني. متى كانت موسكو على حقّ في أيّ شأن من شؤون الشرق الأوسط، كي تدّعي هذه الأيام أنها حريصة على اليمن وعلى شعبه.. وكي يوجد من يصدّق ذلك؟

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا واليمن … انتهازية لا حدود لها روسيا واليمن … انتهازية لا حدود لها



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab