مقتل حسن نصرالله وقيامة لبنان

مقتل حسن نصرالله.. وقيامة لبنان

مقتل حسن نصرالله.. وقيامة لبنان

 العرب اليوم -

مقتل حسن نصرالله وقيامة لبنان

بقلم : خير الله خير الله

دفع حسن نصرالله ومعه "حزب الله" ثمن ربط مصير لبنان بحرب غزّة عن طريق فتح جبهة جنوب لبنان مع إسرائيل. لم يستوعب نصرالله معنى الإقدام على مثل هذه الخطوة التي أدت إلى جعل ما يزيد على سبعين الف إسرائيلي ينزحون من مستوطنات في الجليل.

كان قرار فتح جبهة الجنوب في غاية الخطورة والأهمّية على الصعيد الإقليمي. وضع إسرائيل في أزمة وجودية من جهة وأمّن شبه إجماع إسرائيلي على أنّ حرب لبنان باتت أهمّ بكثير من حرب غزّة من جهة أخرى. في ضوء حرب لبنان، تبدو حرب غزّة، التي اطلق منها يحيى السنوار "طوفان الأقصى" التي ستغيّر المنطقة كلها، أقرب إلى حرب منسيّة.

المفارقة أنّه كان مسموحا لحسن نصرالله والحزب إرتكاب كلّ الجرائم المطلوب منه إرتكابها، بما في ذلك جريمة إلغاء لبنان من الوجود وتحويله إلى رهينة لدى "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران. أكثر من ذلك، كان مسموحا للأمين العام للحزب وآلة القتل التي يمتلكها قتل كلّ من يقف في وجههما. باختصار شديد، كان مسموحا لهما بكلّ الإنتصارات ما دامت هذه الإنتصارات على لبنان واللبنانيين وسوريا والسوريين والعراق والعراقيين واليمن واليمنيين.

لدى التطرّق إلى ما قام به الحزب ونصرالله، يمكن الحديث عن الدماء السورية التي نزفت عندما انضم "حزب الله" ابتداء من أواخر العام 2011 إلى الحرب التي يشنّها النظام الأقلوي الذي على رأسه بشار الأسد على الشعب السوري. يمكن التحدث أيضا عن الدور الذي لعبه الحزب في إحداث تغيير ديموغرافي في سوريا، لغير مصلحة الأكثريّة السنّية.

إلى ذلك كلّه، يمكن التطرّق إلى الدور الذي لعبه الحزب في العراق دعما للميليشيات المذهبية التي تحكم هذا البلد العربي المهمّ خدمة للمشروع التوسّعي الإيراني بأبعاده الخطيرة التي تلتقي في أماكن معيّنة مع المشروع الإسرائيلي.

لا يمكن تجاهل الدور الإقليمي لـ"حزب الله" الذي لعب بشكل مباشر دورا كبيرا، بل محوريا، في جعل الحوثيين يسيطرون على جزء من اليمن وتحويله إلى موطئ قدم لـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في شبه الجزيرة العربيّة.

كان حسن نصرالله والمحيطون به، قبل الإصطدام بإسرائيل، جزءا لا يتجزّأ من مشروع كبير تقف وراءه إيران نجح في تفكيك دول عربيّة عدّة وشكّل في مرحلة معيّنة تهديدا لدول الخليج العربي والأردن عن طريق تهريب المخدرات (الكبتاغون) والسلاح... وإطلاق صواريخ ومسيّرات من اليمن. في أساس ذلك كلّه، كانت السيطرة على لبنان ومرافقه، من مطار وموانئ، وحدوده البرّية والبحريّة وصولا إلى مصادرة قرار الحرب والسلم وجعل رئيس الجمهورية، كما حصل في عهد ميشال عون – جبران باسيل (2016- 2022)، في إمرة "الحرس الثوري" الإيراني...

المهمّ في الوقت الحاضر الحسابات الداخليّة اللبنانيّة. السؤال الكبير هل ستكون قيامة للبنان نتيجة غياب حسن نصرالله وما تعرّض له الحزب من عملية تفريغ من داخل؟ هل يؤدي إغتيال حسن نصرالله إلى جعل طائفة بكاملها (الطائفة الشيعيّة) تستعيد وعيها بعيدا عن أي نوع من العجرفة، وهي عجرفة كانت تجعل من حسن نصرالله، قاتل رفيق الحريري ومجموعة من اللبنانيين الشرفاء، يتحدّث عن نفسه بوصف كونه "السيّد"؟

كان بالفعل "سيدا" في إرتكاب الجرائم. نجح في التخلّص من رفيق الحريري ورفاقه على رأسهم باسل فليحان. من أجل تغطية الجريمة كانت جرائم أخرى شملت، بين من شملت، سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار أمين الجميّل ووليد عيدو وانطوان غانم ووسام عيد ووسام الحسن ومحمّد شطح...

لم يترك حسن نصرالله جريمة إلّا وارتكبها بغية تكريس نفسه "سيّدا" على لبنان واللبنانيين. أبرز تلك الجرائم إجتياح بيروت والجبل في أيار – مايو 2008 لإخضاع السنّة والدروز في ما اعتبره نصرالله "يوما مجيدا". لا داع بالطبع إلى إعادة التذكير بجريمة تفجير مرفأ بيروت حيث كان الحزب يخزن نيترات الأمونيوم.

قبل فتح جبهة الجنوب، قتلت العجرفة حسن نصرالله وقتلت كبار القادة في "حزب الله". تلقت "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران ضربة كبيرة. ليس مستبعدا أن تتغيّر إيران التي أعاد فيها النظام إلى الواجهة محمد جواد ظريف، الذي لعب في الماضي دورا كبيرا في التوصل إلى الاتفاق في شأن الملفّ النووي. قال ظريف في اليوم التالي لإغتيال حسن نصرالله: "لسنا مضطرين للدفاع عن أحد. لقد قدمنا الكثير من المال والسلاح والتدريب لحزب الله. لكن إسرائيل استطاعت إختراق الحزب بشكل كبير مما أدّى إلى نكسة كبيرة جدا تحتاج إلى وقت طويل للتعويض".

تتغيّر إيران أو لا تتغيّر؟ لا جواب عن ذلك، لكنّ اللافت أنّ مضمون الخطاب الرسمي الإيراني صار مختلفا منذ إنتخاب مسعود بزشكيان رئيسا للجمهورية بتواطؤ مع "المرشد الأعلى" علي خامنئي. يطرح التغيير الذي طرأ على الموقف الإيراني تساؤلات كثيرة تصب كلّها عند خلاصة وحيدة. لا تريد "الجمهوريّة الإسلاميّة" في أي شكل صداما مباشرا مع أميركا أو إسرائيل، بل تسعى إلى تفادي مثل هذا الصدام. تسعى إلى ذلك بعدما اكتشفت أنّ اللقمة التي حاولت إبتلاعها في ضوء حرب غزّة كانت لقمة كبيرة لا تستطيع هضمها. من الواضح، أنّ إيران تعمل من أجل تعديل مشروعها بعيدا عن سوريا ولبنان مع تركيز خاص على العراق الذي تعتبره إمتدادا حيويل لها. فرض ذلك التمسّك بحكومة محمّد شياع السوداني الذي يلعب الدور المطلوب منه إيرانيا.

منذ اليوم الأوّل لقيام النظام الإيراني الحالي (الجمهوريّة الإسلاميّة) في العام 1979، كان الهمّ الأوّل لهذا النظام الدفاع عن وجوده. لم يتغيّر شيء في السنة 2024. دفع حسن نصرالله، الذي ارتكب جريمة فتح جنوب لبنان، ومعه الحزب، ثمن الحسابات الداخليّة الإيرانيّة حيث الأوليّة للدفاع عن النظام... لا عن غزّة والقدس ولا عن لبنان ولا عن سوريا!

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتل حسن نصرالله وقيامة لبنان مقتل حسن نصرالله وقيامة لبنان



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab