رحيل بانون يحمل إيجابيات

رحيل بانون.. يحمل إيجابيات

رحيل بانون.. يحمل إيجابيات

 العرب اليوم -

رحيل بانون يحمل إيجابيات

بقلم : خير الله خير الله

ليس خروج ستيف بانون من إدارة دونالد ترامب حدثا عاديا بمقدار ما أنّه دليل على أنّ الإدارة في صدد إعادة تقويم لأوضاعها وترتيبها. يمكن لهذه الإدارة في ضوء التخلّص من شخصية ذات نفوذ كبير تنادي بسياسات متطرّفة، خصوصا في مجال الهجرة أو كيفية التعاطي مع أوروبا وبقية العالم، بما في ذلك الحلفاء، أن تتغيّر كلّيا. يمكن أن تصبح إدارة أكثر تماسكا، خصوصا أنها تضم مجموعة من الشخصيات المهمّة التي تعرف العالم وتعرف أهمية الدور الأميركي على كلّ صعيد بعيدا عن أي نوع من أنواع التطرّف.

من بين هذه الشخصيات نائب الرئيس مايك بنس ووزير الدفاع جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي الجنرال هربرت مكماستر ورئيس أركان البيت الأبيض الجنرال جون كيلي. يبدو أن كيلي ومكماستر لعبا، مع أفراد عائلة ترامب، دورا حاسما في مجال التخلّص من بانون الذي أزعج تطرّفه كثيرين، خصوصا أنه اعتبر نفسه المنظّر الأول للسياسة الأميركية والمعبّر عن طريقة تفكير دونالد ترامب.

ظهر دور بانون المؤثر في ترامب جليا عندما أعلن الرئيس الأميركي في حزيران – يونيو الماضي الانسحاب من اتفاق باريس في شأن المناخ. رفض ترامب عمليا الاعتراف بالتغييرات التي يشهدها الطقس في أنحاء مختلفة من الكرة الأرضية، وبضرورة اتخاذ الدول الصناعية لإجراءات للحدّ من هذه التغييرات التي تترافق مع ارتفاع في درجة الحرارة.

سيتبيّن في الأسابيع المقبلة ما إذا كان رحيل بانون الذي عاد إلى لعب دور اليميني المتطرف والمحرّض عبر موقع “بريتبارت” سيؤدي إلى تحولات إيجابية في الإدارة. في الواقع سيتبين هل المشكلة في بانون أم أنها في ترامب نفسه الذي لديه وجهة نظره التي تقوم على روح عنصرية متأصّلة في شخصيته. كان أفضل تعبير عن تلك الروح تصريحاته المتناقضة بعد الجريمة التي ارتكبها متطرفون، يؤمنون بتفوق الجنس الأبيض، في شارلوتزفيل (ولاية فرجينيا غير البعيدة عن واشنطن). في تصريحه الأوّل، بعد الجريمة مباشرة، لم يميز ترامب بين القاتل والضحية.

امتنع عن ذلك، علما أن شخصا عنصريا هجم على أناس مسالمين كانوا في إحدى الساحات بواسطة سيارة وقتل احدهم. في تصريحه الثاني، دان الرئيس الأميركي التطرّف والمتطرفين من نازيين جدد وجماعة “كو كلوكس كلان” والمعجبين ببشّار الأسد وما شابهه من كائنات لا علاقة لها بالإنسانية والحضارة. لكنّه ما لبث في تصريح ثالث أن عاد إلى أصله رافضا التمييز بين عنصريين وأميركيين مسالمين.

من الواضح أن هناك داخل الإدارة الأميركية من يعي أن ترامب رجل 
خطير، وأن هناك مشكلة في رئيس أميركي يعتبر أن في الإمكان التغاضي عن تصرّفات لعنصريين يلجأون إلى دهس مواطنين في الشارع لمجرد أنهم يمتلكون رأيا مخالفا لرأيهم.

لم يتردد الكاتب الأميركي بول كروغمان، أستاذ الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل وأحد معلقي “نيويورك تايمز” في وصف ترامب بأنه “أسوأ” من الإمبراطور الروماني كاليغولا. اشتهر كاليغولا بأنه كان يزرع بذور الكراهية بين كبار المسؤولين في الإمبراطورية الرومانية كي تكون هناك صراعات وخلافات في ما بين هؤلاء. وكان يعمل كل شيء من إذلال علية القوم. كذلك اشتهر بوحشيته. لكن القيمين على الإمبراطورية الرومانية، من رجال النخبة في روما، وجدوا أخيرا طريقة للتخلص من كاليغولا. يأخذ كروغمان على أعضاء الكونغرس عدم اتخاذ أي إجراء من أجل التخلص من الرئيس الأميركي الذي “تفوّق” على كاليغولا، من وجهة نظره، في سوء الإدارة وزرع الشقاق بين كبار المسؤولين. لخص الوضع في واشنطن بالآتي: “بات كل شخص يعرف أننا أمام رئيس لم يقصد ما يقوله عندما أقسم على احترام الدستور”.

الثابت أن هناك شبه إجماع في أوساط المسؤولين الأميركيين وفي أوساط رجال الإعلام وحتى في الكونغرس على أن لا أمل في إصلاح ترامب الذي يعتقد أن أكثرية الأميركيين ما زالت معه، وأن في استطاعته التخلي عن أي شخص متى لا تعود حاجة إليه. تخلّى عن بانون عندما صار عبئا، علما أن الأخير لعب دورا حاسما، بل الدور الحاسم، في وصوله إلى البيت الأبيض وذلك عندما تولى مسؤولية حملته الانتخابية في وقت كانت شعبيته في الحضيض.

لم يعد المعلّقون المحترمون في الولايات المتحدة يجدون عيبا في التوجه مباشرة إلى ترامب والقول إنه لا يليق بأميركا، بصفة كونها القوّة العظمى الوحيدة في العالم، أن يكون رئيسها في هذا المستوى. لكن ذلك لا يمنع من التفكير في أن هناك جانبا إيجابيا لما يحدث في واشنطن، خصوصا بعد التخلص من بانون، وقبله من جون فلين الذي كان مستشارا للأمن القومي قبل مكماستر. بدأت الإدارة تعتمد على نواة صلبة يعرف أفرادها ما يدور في العالم وما هو على المحكّ… وما الذي على الولايات المتحدة عمله كي تستعيد الدور الذي فقدته في أيام إدارة باراك أوباما الذي أهمل أوروبا كليا وفضل الاستسلام لإيران وسياستها القائمة على ممارسة الابتزاز.

المسألة مسألة وقت فقط كي يظهر هل إدارة ترامب تختلف في شيء عن إدارة أوباما. هل يختلف رجل انتهازي اسمه دونالد ترامب يمتلك نقطة قوة وحيدة تكمن في معرفة التوجه إلى إرضاء غرائز الرجل الأبيض في الولايات المتحدة، عن باراك أوباما الذي كان همّه محصورا في تمرير الوقت. كان أوباما يعمل على تمرير الوقت معتمدا على أن المشكلة الوحيدة في هذا العالم هو “الإرهاب السنّي” وأن استرضاء إيران يمكن أن يكون سياسة.

رحل بانون وبقي ترامب. ولكن بقي أيضا الثلاثي كيلي- مكماستر- ماتيس. بقي أيضا وزير الخارجية ركس تيللرسون الذي ظهرت تباينات بين حين وآخر بينه وبين البيت الأبيض. الأهم من ذلك كله أن نائب الرئيس مايك بنس الذي ينتمي إلى صلب المؤسسة الجمهورية لا يزال يشكّل عنصر ضمان يكبح أي مغامرات مجنونة قد تلي تصريحات لترامب من نوع التدخل العسكري في فنزويلا.

لا يمكن الاستهانة بعائلة الرئيس ودورها، خصوصا دور الصهر جاريد كوشنر المتزوج من إيفانكا ترامب. كان لكوشنر وزوجته دور في إزاحة بانون، إلا أن ما لا يمكن تجاهله هو الواقع المتمثل في أن إدارة ترامب في حال بحث عن توازن في الداخل قد يسبقه إيجاد توازن على الصعيد الخارجي.

إذا كانت أزمة الصواريخ البعيدة المدى والتهديدات التي أطلقتها كوريا الشمالية دلت على شيء، فإنها دلت على أن هناك ضبطا أفضل لإيقاع السياسة الخارجية. التصريحات النارية للرئيس الأميركي الموجّهة إلى بيونغيانغ شيء، وقد ردعت زعيمها المجنون كيم جونغ أون، والتعاطي الهادئ لوزارتي لدفاع والخارجية مع أزمة في غاية الخطورة شيء آخر. التخبط الداخلي لا يعني بالضرورة تخبطا خارجيا. قد يعني أن الإدارة وجدت ضوابط لترامب في الداخل الأميركي وهي تتصرف بمعزل عنه، إلى حد ما طبعا، في الخارج.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل بانون يحمل إيجابيات رحيل بانون يحمل إيجابيات



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
 العرب اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 14:49 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
 العرب اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab