اكتشاف أميركي في العراق

اكتشاف أميركي في العراق!

اكتشاف أميركي في العراق!

 العرب اليوم -

اكتشاف أميركي في العراق

بقلم : خير الله خير الله

من أطرف ما قرأته أخيرا، تحقيق طويل صدر قبل بضعة أيام في صحيفة “نيويورك تايمز” عن العراق تحت عنوان “إيران تسيطر على العراق بعدما سلمته الولايات المتحدة”. ما هذا السرّ العسكري والسياسي الكبير؟ ما هذا الاكتشاف العظيم لما هو عليه العراق اليوم؟

احتاجت صحيفة أميركية محترمة إلى أربعة عشر عاما لتأكيد ما حصل في التاسع من نيسان – أبريل 2003 يوم سقوط تمثال صدّام حسين في بغداد. لم يكن ذلك سقوطا لنظام فحسب، بل كان أيضا تغييرا لطبيعة بلد بكامله انتقل إلى جرم يدور في الفلك الإيراني.

لم تكن ثمة حاجة إلى كل هذه السنوات من أجل معرفة المصير الذي آل إليه العراق، ومن كان سيخرج منتصرا، بمجرّد اتخاذ الرئيس جورج بوش الابن قراره باجتياح هذا البلد ردّا على أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر 2001.

كان واضحا كلّ الوضوح، قبل دخول الجنود الأميركيين إلى بغداد أن هناك منتصرا واحدا في الحرب التي كلفت الولايات المتحدة نحو أربعة آلاف وخمسمئة قتيل من خيرة أبنائها، وما يزيد على تريليون دولار، أي ألف مليار دولار!

خرج منتصر واحد من الحرب الأميركية على العراق. هذا المنتصر هو إيران التي كانت تنتظر فرصة العمر للانقضاض على البلد الجار. لم تجد من حاجة إلى ذلك بعدما أدت الإدارة الأميركية المهمّة الإيرانية وغيرّت بذلك موازين القوى في الشرق الأوسط تغييرا كليا.

هاجم تنظيم “القاعدة” في ذلك اليوم من العام 2001 نيويورك وواشنطن مستخدما تسعة عشر انتحاريا للقيام بعمليات إرهابية استهدفت، بين ما استهدفته، مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع (البنتاغون) في واشنطن. ما علاقة العراق والنظام فيه بذلك ليس معروفا إلى الآن.

وجدت الإدارة الأميركية وسيلة لربط النظام العراقي بما يسمّى “أحداث الحادي عشر من سبتمبر”، علما أن عنوان الشخص الذي يقف خلفها كان معروفا. هذا الشخص اسمه أسامة بن لادن المتحالف مع “طالبان” في أفغانستان. في وقت لاحق، قتلت الولايات المتحدة أسامة بن لادن الذي كان مختبئا في باكستان تحت اسم مستعار.

كان منطقيا أن تذهب الولايات المتحدة إلى أفغانستان بحثا عن بن لادن وأفراد تنظيمه الإرهابي وأن تعمل في الوقت ذاته على إقامة نظـام جـديد في هذا البلد بعد فشل كـل المحاولات التي استهدفت الفصل بين زعيم “القاعدة” وزعيم “طالبان” الملا عمر.

ما لم يكن منطقيا هو الذهاب إلى العراق، علما أن نظام صدام حسين كان من الأنظمة التي تحتاج إلى تغيير. ولكن قبل اللجوء إلى القوّة العسكرية للقيام بهذا التغيير، ألم يكن طبيعيا أن تسأل الولايات المتحدة نفسها من سيحكم العراق عند خروج صدّام حسين؟ وما هي النتائج التي ستترتب على مثل هذا الحدث الكبير بكل المقاييس؟

يعطي التحقيق الذي نشرته “نيويورك تايمز” أمثلة كثيرة على مدى التغلغل الإيراني في العراق. لا بضائع في المحلات العراقية غير البضائع الإيرانية.

يفتخر الإيرانيون الذين التقاهم كاتب التحقيق بأن ليس لدى العراق ما يُصدّره لإيران، وبأن لدى إيران الكثير من البضائع تصدرها إلى العراق. رأى الصحافي الأميركي بنفسه محلات عراقية امتلأت رفوفها بكل أنواع المنتجات الإيرانية من ألبان وحليب ودجاج…

رأى ما هو أخطر من ذلك بكثير. رأى في منطقة الحدود الجنوبية للعراق شبانا عراقيين يدخلون إلى الأراضي الإيرانية للخضوع لتدريب عسكري لدى “الحرس الثوري” الإيراني تمهيدا لنقلهم إلى سوريا والقتال إلى جانب القوات التابعة للنظام السوري.

حسنا، هناك كلام في الولايات المتحدة عن السيطرة الإيرانية على العراق. هناك من يستشهد على ذلك بهوشيار زيباري وزير الخارجية، ثم وزير المال العراقي الذي خرج أخيرا من الحكومة العراقية.

ما العمل الآن؟ هل تستسلم الولايات المتحدة لهذا الواقع الذي خلقته بنفسها والذي بات يستند إلى أنّ “الحشد الشعبي” الذي يضمّ ميليشيات مذهبية تابعة لإيران مؤسسة شرعية مثله مثل الجيش العراقي أو قوات الشرطة؟

الأكيد أن ليس في استطاعة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عمل الكثير لتغيير الواقع العراقي من داخل البلد. ما تستطيعه هو التفكير في كيفية منع التوسّع الإيراني في المنطقة.

هناك رجل شجاع اسمه الملك عبدالله الثاني حذر منذ ثلاثة عشر عاما، في تشرين الأول – أكتوبر من العام 2004، عبر صحيفة “واشنطن بوست” من “الهلال الشيعي”. تعرض العاهل الأردني بعد قوله هذا الكلام لحملات شعواء من إيران وأدواتها. المفارقة أن الإيرانيين يتحدثون هذه الأيّام عن “البدر الشيعي” وعن ربط طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق.

ستكشف الأيام والأسابيع المقبلة هل الولايات المتحدة جدية في التعاطي مع الخطر الإيراني، أم ستحتاج إلى أربع عشرة سنة أخرى كي تكتشف معنى وصول “الحشد الشعبي” إلى الحدود العراقية – السورية، ولماذا كل هذا الإصرار الإيراني على أن يكون الخط الذي يربط الأراضي العراقية بالأراضي السورية مفتوحا.

ما حصل في العراق لا يمكن إصلاحه. صار العراق شيئا آخر. زالت الحدود العراقية – الإيرانية من الوجود. قررت الولايات المتحدة تسليم البلد على صحن من فضّة إلى إيران. صارت بلدية النجف تستورد التفاح الإيراني لتقديمه إلى الإيرانيين الذين يزورون المدينة، نعم إلى الإيرانيين الذين يزورن المدينة. هذا ما أكده لـ“نيويورك تايمز” أحد أعضاء مجلس البلدية في مدينة تشرف على جمع النفايات فيها شركة خاصة إيرانية.

ما يمكن إصلاحه الآن هو وقف التوسّع الإيراني إلى ما بعد العراق. لذلك، من المهمّ وضع حدّ للتمدد الإيراني في كلّ الاتجاهات، خصوصا في اتجاه سوريا.

ليست سوريا سوى نقطة ارتكاز إيرانية لمزيد من التدخل في لبنان وتحويله إلى مستعمرة إيرانية، تماما كما حال العراق. ليست الضغوط التي تمارسها إيران من أجل تهجير أهل عرسال، البلدة السنية ذات الأهمية الاستراتيجية على الحدود اللبنانية – السورية، سوى تتمة للجهود الإيرانية الهادفة إلى تكريس وجود ممرّ من العراق إلى سوريا يكون تحت سيطرة طهران والميليشيات التابعة لها والعاملة في الأراضي السورية. تعمل هذه الميليشيات بغطاء جوي روسي أحيانا، ومن دون هذا الغطاء في أحيان أخرى.

عاجلا أم آجلا، هناك سؤال سيطرح نفسه، خصوصا بعد معركة الموصل، التي استخدم فيها “داعش” لتدمير ثاني أكبر مدينة عراقية.

السؤال هل من استيعاب أميركي لمعنى سقوط العراق في يد إيران وأبعاد ذلك وانعكاساته على التوازن الإقليمي؟ هل يمكن وقف المشروع التوسّعي الإيراني والتدمير الذي يعتمد عليه عند حدود العراق؟

arabstoday

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 04:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 03:26 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اكتشاف أميركي في العراق اكتشاف أميركي في العراق



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 18:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن
 العرب اليوم - ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن

GMT 14:49 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
 العرب اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 06:33 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ثلاث دوائر

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

منة شلبي توجّه رسالة شكر لجمهور السعودية بعد نجاح مسرحيتها

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 23:47 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا يعين الأميركية جيل إليس رئيس تنفيذى لكرة القدم

GMT 01:25 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاة 143 شخصًا بمرض غامض في الكونغو خلال أسبوعين

GMT 10:21 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"أرامكو" السعودية توقع اتفاقية مع شركتين لاستخلاص الكربون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab