أسبوعان على تصفية علي عبدالله صالح

أسبوعان على تصفية علي عبدالله صالح

أسبوعان على تصفية علي عبدالله صالح

 العرب اليوم -

أسبوعان على تصفية علي عبدالله صالح

بقلم : خير الله خير الله

بعد أسبوعين على تصفية “أنصار الله” لعلي عبدالله صالح بدم بارد، لم يتغيّر شيء في اليمن سوى انكشاف الحوثيين من جهة، وعجز “الشرعية” عن استغلال ما حصل من جهة أخرى. كان وجود علي عبدالله صالح غطاء للحوثيين ومبررا لـ“الشرعية” كي تتفادى توحيد صفوفها. كانت حجتها أن لدى علي عبدالله صالح سيطرة على جزء من الجيش اليمني، وأنه لا يزال الزعيم الفعلي لـ“المؤتمر الشعبي العام”، الحزب الذي أسّسه في العام 1982… وأن وجوده ودوره يشكلان عقبة في وجه أي تحرك جدي وفعال في اتجاه صنعاء أو تعز!

انكشف “أنصار الله” الآن حتى أمام الذين كانت لديهم بعض الأوهام بأنّهم مستعدون لأن يكون لديهم شريك في السلطة، وأن يكونوا جزءا من تسوية سياسية أو عملية سياسية تؤدي إلى وقف الحرب في اليمن. ظهر الحوثيون على حقيقتهم. يريدون نقل اليمن إلى مكان آخر، أو على الأصح إلى عصر آخر. في ذلك تكمن خطورتهم التي تتجاوز الوحشية التي تعاملوا بها مع علي عبدالله صالح وأقاربه وأفراد عائلته، والتي يتعاملون بها حاليا مع أهل صنعاء، خصوصا مع قياديي حزب “المؤتمر الشعبي العام”.

ليس الحوثيون سوى طرف يريد السلطة، كل السلطة في صنعاء ومحيطها. تكمن سلبية مشروعهم في أنهم لا يمتلكون أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو حضاري. إنهم مجموعة مسلّحة تابعة لإيران تعتبر أن في الإمكان إعادة الإمامة إلى اليمن. منذ صعود نجمه في العام 2011 وبداية التمدد الحوثي بفضل الانقلاب الذي نفّذه الإخوان المسلمون على علي عبدالله صالح، صدق عبدالملك الحوثي في أمر واحد فقط، هذا إذا وضعنا جانبا رغبته في الثأر من علي عبدالله صالح شخصيا. يتمثل هذا الأمر في قوله بعد دخول الحوثيين صنعاء وإحكام سيطرتهم على المدينة في العام 2014 إن “ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر” حلت مكان “ثورة السادس والعشرين من سبتمبر”، أي إن نظاما جديدا قام في الجزء الشمالي من اليمن انطلاقا من احتلال صنعاء وانتشار الميليشيات الحوثية فيها.

من صدق، في المقابل، كان الدكتور عبدالكريم الأرياني الذي قال في حديث طويل قبل سنوات عدّة الآتي: “التمرد (الحوثي) في صعدة لا يتفق في أي حال من الأحوال مع تاريخ الجمهورية اليمنية وتاريخ اليمن. في شكل عام، هذا التمرّد لا علاقة له بالنسيج اليمني ولا بالتاريخ الثقافي والسياسي والديني اليمني، لكنه نبتة شيطانية استقت ماءها من خارج منابع التراث اليمني والتاريخ اليمني، لكن الإخوان في المعارضة نظروا إليها على أنّها حركة موجّهة ضد النظام ولم يدركوا، أو بعضهم لم يشأ أن يدرك، أنّها حركة موجّهة ضد مسيرة التاريخ اليمني، عبر أكثر من ألف سنة في ظل الدين الإسلامي الحنيف، وأنها حركة موجهة ضد النظام الجمهوري الذي تتفيّأ ظلّه وحرّيته وديمقراطيته جميع أحزاب المعارضة على الساحة اليمنية”.

توفّى الأرياني في تشرين الثاني – نوفمبر 2015، وهو على خلاف مع علي عبدالله صالح، لكن الأخير الذي كان لا يزال على علاقة بالحوثيين وقتذاك، عمل كل شيء من أجل أن يُدفن الأرياني في أرض اليمن. حرص الرئيس السابق على الإشادة بالرجل الاستثنائي الذي رافقه طوال ثلاثة عقود وانضم علنا إلى خصومه ابتداء من العام 2012. لم يمنع التباعد بين الرجلين من مشاركة الرئيس السابق في جنازة الأرياني الذي أكد مرات عدة أنه عانى طويلا من مزاجية علي عبدالله صالح، خصوصا في السنوات الأخيرة من حكمه. جعله ذلك يبتعد عنه وينضمّ إلى “الشرعية” ويشارك في مؤتمر الرياض.

عندما توفى عبدالكريم الأرياني، كانت لا تزال في اليمن بقية أخلاق وتقاليد تجمع بين اليمنيين، خصوصا بين أهل صنعاء. لذلك، يبدو أكثر من ضروري في هذه المرحلة الابتعاد عن كل ما من شأنه البقاء في أسر المماحكات ذات الطابع الشخصي، وهي المماحكات التي ميّزت العامين 2011 و2012 والتي مهّدت لدخول الحوثيين إلى صنعاء ووضع أيديهم عليها في 2014.

اعتقد علي عبدالله صالح أن في استطاعته ترويض “أنصار الله”. اكتشف بعيد دخولهم صنعاء ونشرهم “اللجان الشعبية” في شوارعها، وصولا إلى تطويق الحيّ الذي يقيم فيه أنه أصبح رهينة لدى هؤلاء. ناور مرات عدة محاولا الإفلات، لكنّ غريزة الثأر لـدى عبدالملك الحوثي كانت أقوى من كل ما عداها. كان عبدالملك الحوثي ينتظر في كل يوم اللحظة المناسبة للانقضاض على الرئيس السابق بحجة أنه وراء قتل أخيه حسين بدرالدين الحوثي في أيلول – سبتمبر من العام 2004، عندما انتهت الحرب الأولى بين القوات الحكومية والحوثيين.

في حديثة الطويل قبل سنوات عدّة، تطرّق الأرياني إلى المعارضة التي كان هدفها الإطاحة بعلي عبدالله صالح. استغرب عدم استيعاب الإخوان المسلمين لما يمثله الحوثيون. استغرب خصوصا وقتذاك التغاضي الإخواني عن التمرّد الحوثي بحجة أن المطلوب التخلص من علي عبدالله صالح أولا. حسنا، خرج علي عبدالله صالح من السلطة في شباط – فبراير 2012 واغتيل في الرابع من كانون الأول – ديسمبر 2017، هل تغيّر شيء في سلوك الحوثيين؟

مع اقتراب السنة 2017 من نهايتها، وطي صفحة علي عبدالله الذي لم يكن شخصا عاديا بأي مقياس من المقاييس، يفترض في “الشرعية” اليمنية استيعاب أن اليمن دخل مرحلة جديدة. لا علاقة لهذه المرحلة بالماضي القريب والبعيد. من راهن على أن في الإمكان التعاطي مع الحوثيين وإيجاد قواسم مشتركة معهم، إنما يراهن على سراب. من راهن من الإخوان المسلمين في الماضي على إمكان التفاهم مع الحوثيين بصفة كونهم “قوّة إسلامية”، إنما يرتكب الخطأ ذاته الذي ارتكبه الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي الذي زار محافظة عمران في تموز – يوليو 2014 ليبحث مع الحوثيين في مشاريع مستقبلية تتعلق بإعادة بناء مؤسسات الدولة. المضحك أن ذلك حصل بعدما باشر “أنصار الله” زحفهم في اتجاه صنعاء، وبعد سيطرتهم على مناطق آل الأحمر شيوخ حاشد والقضاء على اللواء 310 الذي كان يقوده العميد حميد القشيبي.

في غياب القدرة على استئصال الحوثيين وإعادتهم إلى حجمهم الطبيعي، أي إلى صعدة التي أتوا منها، سيكون في الإمكان القول ألف سلام وسلام على اليمن.

كان ما قاله عبدالكريم الأرياني قبل سنوات عدّة بمثابة التحليل العميق والدقيق للظاهرة الحوثية التي ليس لديها أي مانع في شرذمة اليمن، شـرط أن تكون لدى “أنصار الله” منطقة خاصة بهم عاصمتها صنعاء.

يكتب الحوثيون تاريخا جديدا لليمن وذلك باسم “الشرعية الثورية”. أصبحت صنعاء، بكلّ بساطة، مدينة إيرانية. هذا هو الواقع الذي لا مفرّ من الاعتراف به. هل تتحمّل شبه الجزيرة العربية مثل هذا الواقع، أم لا يزال في الإمكان قلبه؟ سيتوقف الكثير على إمكان تشكيل “شرعية” قادرة على استيعاب معنى الذي حصل في صنعاء منذ أيلول – سبتمبر 2014 ومعنى الإصرار على تصفية علي عبدالله صالح الذي لم ينتفض في الأيام القليلة التي سبقت دخول منزله من أجل قتله إلا بعدما يأس من قدرته على إيجاد أي قاسم مشترك مع عبدالملك الحوثي الحالم بأن يكون الإمام الجديد في اليمن.

arabstoday

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 04:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 03:26 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسبوعان على تصفية علي عبدالله صالح أسبوعان على تصفية علي عبدالله صالح



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 12:09 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

نقص فيتامين د وتأثيره على الصحة النفسية في فصل الشتاء

GMT 10:38 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

دينا الشربيني تكشف موقفها من الانتقادات

GMT 09:27 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

سوريا.. هل قفزت إلى المجهول؟

GMT 19:15 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

انفجارات في مطار القامشلي شرقي سوريا

GMT 16:32 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 11 مدنيا جراء استهداف مسيرة تركية منزلا شمالي الرقة

GMT 17:57 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

أليسون يعود لدوري أبطال أوروبا بعد غياب طويل

GMT 17:52 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إنهاء عمل الحكم ديفيد كوت بسبب ليفربول

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

صعود البيتكوين يدفع أسهم شركات التشفير للارتفاع

GMT 01:43 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

اعتقال راكب حاول إجبار طائرة مكسيكية على السفر إلى أميركا

GMT 09:14 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد بشار الأسد

GMT 16:20 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثلاثة من جنوده في شمال قطاع غزة

GMT 06:16 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... وماذا الآن؟

GMT 01:27 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يرد على شائعات انفصاله عن زوجته ميغان ماركل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab