ميراث حافظ الأسد

ميراث حافظ الأسد

ميراث حافظ الأسد

 العرب اليوم -

ميراث حافظ الأسد

حازم صاغية

لا تكفي الحجج التي تخفّف من آثار الغياب السوري عن فيينا لإقناع من يريد أن يقتنع. فأن تلتقي عشرات الوفود، من دول الإقليم ودول العالم، كي تبحث في وضع شعب وبلد غائبين عن اللقاء، فهذا إنّما يمسح الجرح بالإهانة. وهذه الوجهة، مسحوبة إلى مداها الأبعد، ترقى إلى معاكسة صريحة لكلّ ما ترمز إليه مصطلحات «حقوق الشعوب» أو «حقّ تقرير المصير» أو غير ذلك.

وكم تتبدّى هذه الوجهة فاقعةً إذا ما قورنت بأجواء مؤتمر باريس للسلام في 1919 الذي صيغ فيه العالم، بما فيه الشرق الأوسط المعاصر الذي يتصدّع الآن.

ذاك أنّ الزمن الفاصل بين تاريخ النشأة الأولى ويومنا هذا هو تاريخ تحلّل سورية، التي لا يمثّلها في فيينا نظامها الأسديّ، وتحلّل الشعب السوريّ تحت وطأة البراميل والكيماوي والسكاكين وأشكال الموت والتهجير الكثيرة، وهو الشعب الذي لا تمثّله في فيينا أيّ من معارضاته الكثيرة.

وإذا جاز تعيين المسؤول الأوّل، وإن لم يكن الأوحد، عن هذه الأيلولة الكارثيّة، فهو لن يكون أحداً سوى حافظ الأسد. ذاك أنّ ما يحصل اليوم هو النتيجة الطبيعيّة لسياسة حوّلت الوطن السوريّ، وقد كان مشروعاً محتملاً، إلى مجرّد وظيفة استراتيجيّة، ففرّغته من كلّ داخل. ومع بشّار الأسد، تُوّجت هذه السياسة برهن سورية للروس والإيرانيّين والتنظيمات الطائفيّة اللبنانيّة والعراقيّة التابعة لهم، مقابل تنظيمات معارضة ومسلّحة محسوبة بدورها على الخارج، أقواها أمميّات إسلاميّة لا تعني سورية سوريّيها أكثر من تاريخ ولادة ولهجة معيّنة.

فالميراث الأسديّ، وأهمّه جعل البلد «لاعباً كبيراً»، وفقاً لجوقة من الممالئين وجوقة أخرى من السذّج والقصيري النظر، تقابله اليوم استعدادات جدّية لدى الدول المجاورة للتعامل مع ما بعد سورية، وليس فقط مع ما بعد الأسد. وغالب الظنّ أنّ الكلام الديبلوماسيّ الذي يقول عكس هذا لا يعدو كونه كلاماً ديبلوماسيّاً.

يصحّ هذا الاستعداد لما بعد الأسد في إسرائيل التي لا يكاد يُذكر اسمها في اللغة العربيّة إلاّ مصحوباً بتعبير «أزمة»، كما يصحّ في إيران التي توصّلت إلى اتّفاقها النوويّ مع أعضاء مجلس الأمن وألمانيا، وفي تركيا التي، على رغم كلّ شيء، أجرت انتخاباتها البرلمانيّة وقد تتوصّل إلى ترميم سلطة حزبها الحاكم التي لاحت، قبل أشهر، متصدّعة ومهلهلة. هذا فضلاً عن الدول الكبرى وهي ترسم استراتيجيّاتها للمنطقة المتغيّرة.

أمّا الميراث الأسديّ المُرّ واللئيم، فيبقى منه درس آخر يتعدّى السياسات والاستراتيجيّات، مفاده أنّ القصور التي تشيّد على رمال من الكذب لا بدّ أن تنهار. وللأسف، فهي لا تنهار على رؤوس الذين شيّدوها وحدهم.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميراث حافظ الأسد ميراث حافظ الأسد



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab