لبنان محارباً للإرهاب

لبنان محارباً للإرهاب!

لبنان محارباً للإرهاب!

 العرب اليوم -

لبنان محارباً للإرهاب

حازم صاغية

انطلاقاً من منطقة البقاع وما يحدث فيها، أو ما قد يحدث، يرتفع مجدداً صوت طبول الحرب على الإرهاب، ويتبدّى، والحال هذه، كأنّ المطلوب حمل اللبنانيّين على اعتناق ديانة قوميّة جديدة اسمها الحرب على الإرهاب.

ولا شكّ أنّ هذا البلد الصغير، وفيه بالطبع إرهابيّون، مدعوّ الى الإسهام في هذا الجهد الذي يُشكر باذله عليه، لا سيّما وأنّ الطرفين اللذين يتأثّر بهما لبنان تقليديّاً، أي «الشرق» العربيّ و»الغرب» الأوروبيّ والأميركيّ، متّفقان على مكافحة الإرهاب. وكما نعلم جيّداً، فإنّ سياسة لبنان تقليديّاً، هي بالضبط ساحة التقاطع بين هذين الطرفين المؤثّرين.

لكنّ هذه الدعوة إلى الإقدام، تأتي مصحوبة بأسئلة وتحفّظات في عدادها مدى شمول ظاهرة الإرهاب أو ضيقها، والدور الذي تضطلع به أسباب محلّيّة في إنعاش الظاهرة المذكورة من دون أن تقتصر عليه. وهذه تحفّظات ممنوعة عمليّاً، خصوصاً فيما «الحوار» على قدم وساق بين «تيّار المستقبل» و»حزب الله». و»الحوار» هذا من شروطه بالطبع، عدم التطرّق إلى «سلاح المقاومة»، ولا إلى انغماس هذا السلاح في الحرب السوريّة!

لكنّ التحفّظ الذي يفوق سواه أهميّة، هو المتعلّق بنصْب أيديولوجيا مكافحة الإرهاب قضيّةً لبنانيّة جامعة، تحلّ محلّ القضيّة التي كانتها «عروبة لبنان» و»تلازم المسارين» إبان عهد الوصاية السوريّة.

ذاك أنّ أيّة ديانة من هذا النوع، إنّما تضرب هذا البلد في واحد من أبرز أسسه، وهو أنّه ليس بلداً معتنقاً لأيديولوجيا رسميّة تُفرض من الأعلى على المجتمع. وهو لئن حُمل على اعتناق مثل هذه العبادة «المستوردة» في زمن الوصاية، فقد بات معروفاً حجم الكلفة التي رتّبتها وترتّبها تلك «العادة» الرديئة على النسيج الوطنيّ، المهلهل أصلاً.

صحيح أنّ واحدة من سمات لبنان إنّما يجسّدها تقليديّاً ذاك التباين عن محيط «عسكريّ» رسم الانقلاب، ولا يزال يرسم، وجهه. وبالفعل، فعلى رغم قصور الديموقراطيّة اللبنانيّة وشوائبها، فإنّها شكّلت لعقود نوعاً من إجراء دفاعيّ في مواجهة العسكرة المجاورة. إلاّ أنّ التباين هذا لا يرقى إلى الضدّيّة التي لا يحتملها التركيب اللبنانيّ، بل التي تفجّره أهليّاً بالمعنى الذي نشهده اليوم في العراق. وهذا من غير أن ننسى ما قد يترتّب على هذه الديانة من تغليب للبوليسيّ والأمنيّ، تغليب جرّبناه ما بين اتّفاق الطائف في 1989 واغتيال رفيق الحريري في 2005 ولا زلنا نكابد نتائجه.

لقد سبق لمثقّفين لبنانيّين أن تحدّثوا، بشيء من الإسهاب، عن تعدّديّة الطوائف، وما ينجرّ عنها من ديموقراطيّة طائفيّة. كما تحدّث غيرهم عن صغر المساحة اللبنانيّة بوصفها تستجيب لفكرة جان جاك روسّو الشهيرة، مواطِن مدينة جنيف، عن شرط ديموقراطيّ هو التعارف بين المواطنين وتسهيل التداول في ما بينهم بالشأن العامّ.

ويُخشى إذا ما كُتب للحرب على الإرهاب أن تتحوّل إلى ديانة قوميّة، أن تستكمل هذه المعاني انقلابها إلى نقيضها المحتوم. هكذا لا يبقى من هدف لاقتراب واحدنا من الآخر، وهو أصلاً في تراجع متنامٍ، إلاّ قتل هذا الآخر.

arabstoday

GMT 04:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

فى المشمش!

GMT 04:50 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الأصدقاء وذكريات لا تعنيهم

GMT 04:48 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

كهفُ الفيلسوف.. وحبلُ الفيل

GMT 04:44 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

حق مستهلك الأوبر

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

طوكيو المثيرة للدَّهشة

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

في تكريم الزعيم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان محارباً للإرهاب لبنان محارباً للإرهاب



الفساتين الطويلة اختيار مي عمر منذ بداية فصل الربيع وصولًا إلى الصيف

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:01 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

هل نفد الصبر المصرى من إسرائيل؟

GMT 22:12 2024 السبت ,18 أيار / مايو

مقتل شخص وإصابة 6 في اشتباكات في غرب ليبيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab