حنين إلى الجيوش

حنين إلى الجيوش!

حنين إلى الجيوش!

 العرب اليوم -

حنين إلى الجيوش

حازم صاغيّة

تروج نظريّة يتّسع عدد المعبّرين العرب عنها، مفادها أنّ ثمّة مؤامرة محكمة الحلقات على الجيوش العربيّة. أمّا الأمثلة على ذلك، وهي تجمع في عبارة ما لا يجتمع تحت سقف، فتبدأ بحلّ الجيش العراقيّ بُعيد الحرب الأميركيّة في العراق عام 2003 وتنتهي بما ارتسم عليه الوضع المصريّ حيث يقف الجيش، «ومعه الشعب»، في مواجهة «الإخوان المسلمين» من «عملاء أميركا»، من غير أن يغيب التنويه بتآمر التكفيريّين والجهاديّين في سوريّة على جيشها الباسل لإضعافه واستنزافه. وما دام أنّ الجيوش العربيّة هي المعوّل عليها التصدّي لإسرائيل، وربّما تحرير فلسطين، والوقوف في وجه أطماع الغرب ومشاريعه، فضلاً عن حراسة الكرامة الوطنيّة والقوميّة، صار من السهل تحديد المصدر الأبعد للتآمر: إنّه أميركا وإسرائيل. ولا تكتمل اللوحة من دون أن يذكّرنا الفريق أوّل عبدالفتّاح السيسي بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي افتتح عهد الأنظمة العسكريّة القوميّة والمستقرّة، كما وقف في مواجهة الاستعمارين القديم والجديد باسم مصر السيّدة القويّة والقوميّة العربيّة الرشيدة. لكنْ إذا وضعنا جانباً المنتفعين بهذا التحليل، بقي أنّه يشي بقدر من الحنين إلى الحقبة العسكريّة وإلى استقرارها وصخبها المؤكّد للعزّة والكرامة. وهذا ما يرجع جزئيّاً إلى ما آلت إليه الأمور بعد انفجار ثورات «الربيع العربيّ» لجهة انكشاف الواقع المثخن بالضعف والتفسّخ، والعاجز تالياً عن طمأنة النفوس إلى حاضر ومستقبل مستقرّين. فإذا أضفنا أنّ الحال قد تنتهي بنا إلى تغيّر يطال الخرائط نفسها، فهمنا هذا الانسحاب الآمن إلى أحضان ماضٍ دافئ. بيد أنّ تكرار الخمسينات والستينات العربيّة قد لا يعدو كونه توهّماً محضاً. فالكتل المدينيّة العملاقة اليوم هي غيرها آنذاك، حين كانت المدن العربيّة أقرب إلى قرى صغيرة. أمّا العالم الذي أجاز الأنظمة العسكريّة، تحت وطأة استقطاب الحرب الباردة، فتغيّر بدوره وغدا قليل التسامح معها. وهذا ناهيك عن أنّ مهمّة تسريح الجماهير التي امتلأت بها الميادين والساحات، بفعل الثورات، قد لا تكون على السهولة التي يتخيّلها البعض. أبعد من ذلك أنّ النوستالجيا خادعة دائماً، تميل غالباً إلى تزيين الماضي وأَمْثَلَته ردّاً منها على ما يتراءى بؤساً في الحاضر. ذاك أنّ الأنظمة العسكريّة لم تقاتل إسرائيل، كما يقال، بل انهزمت شرّ هزيمة أمامها. وهي خرّجت جيلاً بعد جيل من الأفراد الذين سحق الاستبداد فرديّتهم فيما كان يطالبهم بأن يرفعوا رؤوسهم عالياً. وفوق ذلك تردّت البلدان التي حُكمت عسكريّاً في أداءيها الاقتصاديّ والثقافيّ، ما وسّع الهوّة التي تفصلها عن عالم متزايد التعولم يرتبط تقدّمه بحرّيّاته. وأهمّ من ذلك أنّ تلك الأنظمة هي صاحبة حصّة الأسد في ما وصلنا إليه من تردٍّ راهن، بما في ذلك تعاظم الظاهرات الأصوليّة والتكفيريّة نفسها. ومَن تحوجه الأدلّة حول الحصيلة التي تنتهي إليها أنظمة كهذه ما عليه إلاّ أن يراجع أوضاع سوريّة اليوم!

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حنين إلى الجيوش حنين إلى الجيوش



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab