حرب لبنان الحرب التأسيسيّة

حرب لبنان: الحرب التأسيسيّة

حرب لبنان: الحرب التأسيسيّة

 العرب اليوم -

حرب لبنان الحرب التأسيسيّة

حازم صاغيّة

قبل أيّام مرّت ذكرى سنويّة أخرى على الحرب اللبنانيّة التي اصطُلح على اعتبار «بوسطة عين الرمّانة» بداية لها. هذه الحرب كانت الأولى من نوعها في المشرق العربيّ، سبقتها بعامٍ حرب واحدة حصلت في جوار هذا المشرق، كانت جزيرة قبرص مسرحها. هناك، بعد الانقلاب المدعوم من الطغمة العسكريّة الحاكمة آنذاك في اليونان، وفي موازاة الغزو التركيّ لشمال الجزيرة، أنشب يونانيّو قبرص وأتراكها أنيابهم في لحوم بعضهم، فكانت النتيجة آلاف القتلى وتهجير 150 ألف قبرصيّ يونانيّ و50 ألف قبرصيّ تركيّ من مناطقهم. بعد هذه الفاجعة الكارثيّة، خمد البركان واستقرّت قبرص على تقسيم أمر واقع يعترض عليه قبارصة الشطر اليونانيّ ديبلوماسيّاً ولفظيّاً ويُقرّون به فعليّاً. حرب لبنان لم تنته كما انتهت حرب قبرص. تجدّدت أواخر السبعينات، ثمّ ازدهرت على مدى الثمانينات، وهي، منذ 2005، تنتظر عود الثقاب الذي يُشعلها من جديد. أبطالها تغيّر بعض أسمائهم وأحزابهم وتنظيماتهم، إلاّ أنّ «البطولة» لا تزال مطلباً يحضّ عليه الجميع ويستدرجونه. أمّا ذكراها فتبقى أقرب كثيراً إلى التخويف، تخويفنا، ممّا إلى التأبين، تأبينها. حرب قبرص كادت بدايتها ونهايتها تتطابقان. ويمكن القول، بمعنى ما، إنّها كانت تمريناً أوّليّاً على إقفال الحروب الأهليّة القديمة في أوروبا. وفعلاً، وفي نهاية المطاف، تغلّبت بلدانها المتنازعة، في إرلندا وإسبانيا، على نزاعاتها الأهليّة. حرب لبنان كانت تمريناً أوّليّاً على حروب ما لبثت أن اندلعت في المنطقة العربيّة. فعلى خلفيّة زوال الحرب الباردة، ثمّ تصدّع الأنظمة الاستبداديّة القامعة لمجتمعاتها، راح يتبدّى أنّ اللبننة سمة جامعة. ما كان يقوله اللبنانيّون عن أحوالهم الطائفيّة بثرثرة أتاحتها لهم الحرّيّة، هو ما كان يكبته سائر العرب الممنوعين من الحرّيّة والمكتفين بثرثرة أخرى عن الوحدة والأخوّة. قبلاً، كان من السهل اتّهام اللبنانيّ الذي يتحدّث عن الطوائف بأنّه يعمّم حالة لبنان ويطبّقها على بلدان خالية من هذه «الأمراض». هذا الاتّهام تبيّن أنّه هراء محض، وأنّ في مستقبل كلّ واحد من البلدان العربيّة لبنان صغيراً. أبعد من هذا، وأسوأ، تبيّن أنّ العلاجات الكبرى لا تعالج تماماً. فالعراق عرف حرباً تبقى مجيدة وعظمى على رغم كلّ شيء، لإطاحتها استبداداً مقيماً منذ 1968 لم يتمكّن العراقيّون من زحزحته. لكنْ تبيّن أنّ الطائفيّة ووعدها بالحرب الأهليّة يقيمان عميقاً في العراق والعراقيّين. وسوريّة عرفت ثورة شعبيّة مجيدة وعظمى، وكسر السوريّون أرقاماً قياسيّة في الشجاعة والتضحية وهم يقاومون استبداداً مقيماً منذ 1963. لكنْ تبيّن، هنا أيضاً، أنّ الطائفيّة ووعدها بالحرب الأهليّة يقيمان عميقاً في سوريّة والسوريّين. حتّى القضيّة التي وُصفت طويلاً بأنّها «قضيّة العرب الأولى»، لم تردع الفلسطينيّين عن حرب أهليّة حلّت فيها المناطق والجهات، بعدما سعّرتها المصالح والإيديولوجيّات، محلّ الطوائف. أمّا «تقليد الدولة المركزيّة» في مصر فتصدّعه، أفقيّاً وعموديّاً، «الفتنة» الطائفيّة المتمادية بين المسلمين والأقباط. وهذا ما لا يمتّ بصلة إلى «لبننة العالم»، بالمعنى الخرافيّ والورديّ الذي كان يبشّر به الشاعر اللبنانيّ سعيد عقل. إلاّ أنّه إعلان مؤلم عن أنّ اللبنانيّة صنو الواقعيّة السوداء التي تنشر أعلامها بين «المحيط والخليج»، تماماً بقدر ما هي نذير الحروب التي لا تنتهي وتأسيس لها. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب لبنان الحرب التأسيسيّة حرب لبنان الحرب التأسيسيّة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab