جنرالان في المشرق وبينهما سيّد

جنرالان في المشرق وبينهما سيّد

جنرالان في المشرق وبينهما سيّد

 العرب اليوم -

جنرالان في المشرق وبينهما سيّد

حازم صاغية

 قيل مرّة: «لكلّ زمان دولة ورجال»، كما قيل: «لكلّ مقام مقال»، وفي سورة آل عمران «وتلك الأيّام نداولها بين الناس». وبمعنى مشابه اشتُهر بيت أبي البقاء الرنديّ في مرثيّته الأندلسيّة:

«هي الأمور كما شاهدتها دولٌ

من سرّه زمن ساءته أزمان»

وهناك، من غير شكّ، «حِكم» كثيرة، ربّما احتوتها اللغات جميعاً، عن تقلّب العهود والأزمنة، وعن أنّ ما كان صالحاً في ظرفٍ معيّن كفّ عن الصلاح في ظرف آخر.

وقد لمس بعض أهل المشرق العربيّ هذا التقلّب من خلال وجوه اضطلعت، في الماضي القريب، بأدوار كبرى. فالجنرال رستم غزالي مثلاً ظلّ رجل لبنان الفعليّ الأوّل حتّى رحيله في 2005، وارثاً المجد الذي خلّفه غازي كنعان، ثمّ مُحمَّلاً، لدى مغادرته، بتكريم مزدوج، ماديّ ومعنويّ: ثروة طائلة وبندقيّة المقاومة.

حينذاك، مع انسحاب غزالي وقوّاته من لبنان، بات السيّد حسن نصرالله مدعوّاً لملء الفراغ الذي أحدثه الانسحاب. ثمّ جاءت حرب 2006 مع إسرائيل وبعدها غزوة 2008 لبيروت لتجعلا نصرالله أكثر لبنانيّ محبوب وأكثر لبنانيّ مكروه في آن. ولئن انسحب السنّة تباعاً من دائرة الترويج لكاريزما نصرالله، فقد مضى المركز الشيعيّ وأطرافه «الممانعة»، في تكريس كاريزماه المزدوجة المصدر: فهو رجل دين تقليديّ من جهة، وهو رجل ثوريّ من جهة أخرى.

لكنّ غزالي لم يغب طويلاً عن الأنظار حتّى أعادته الثورة السوريّة إلى قلب المشهد. ذاك أنّ المذكور صار واحداً من جزّاري الشعب السوريّ، وبسبب انتمائه إلى الطائفة السنّيّة، مثله مثل قلّة من القادة الأمنيّين يتصدّرهم علي المملوك، بات مطلوباً تظهير دوره الذي يموّه اللون الطائفيّ لنظام الأسد.

بيد أنّ غزالي ومن يشبهونه، علويّين كانوا أم سنّة، افتقروا إلى القوّة المطلوبة لإنجاز المهمّة، وإن لم يفتقروا إلى القسوة في محاولتهم إنجازها. هكذا كان لا بدّ من تصدير نصرالله إلى سوريّة عبر مقاتلي «حزب الله»، في حركة معاكسة، إنّما مكمّلة، لتصدير غزالي وقوّاته إلى لبنان.

لكنْ بينما ألمّ بغزالي حادث غامض يُرجّح أنّه أنزله المستشفى، صعد نجم جنرال آخر يخطّط ويبادر ويقود، في سوريّة كما في العراق. إنّه ضابط «الحرس الثوريّ» الإيرانيّ قاسم سليماني. والانتقال من نجوميّة غزالي الصغرى إلى نجوميّة سليماني الكبرى يحظى بدلالات لا تخطئها العين: فقد حلّ الجنرال الإيرانيّ حلولاً كاملاً محلّ جنرالات سوريّة والعراق كلّهم، لا محلّ هذا الجنرال وحده، فيما صارت ضرورات الحسم العسكريّ في البلدين أكبر كثيراً من كماليّات التمويه بغزالي وأمثاله أو بعشائر سنّيّة في بلاد الرافدين.

على أنّ غزالي وزملاءه لم يكونوا الوحيدين الذين تجاوزهم سليماني. فالأخير، في لعبة النجوميّة الشيعيّة، بزّ نصرالله نفسه. ذاك أنّ فداحة المرحلة باتت تتطلّب الجيوش، لا المقاتلين، والغزو، لا المقاومة، فيما أهل الإمبراطوريّة هم الذين يرفعون أعلامها على التلال بدل موظّفيهم العاملين في الأطراف. وأخيراً، لم يعد، وقد جدّ الجدّ، ما يستدعي إخفاء الوجه الإيرانيّ بأصابع عربية. وإذ يتبختر سليماني اليوم في صور تتناقلها الصحف، وتتعدّد فيها ضحكاته ولُغاته الجسمانيّة، على ما هي عادة النجوم، فإنّ نصرالله يَضمر و»يحاور» «تيّار المستقبل» اللبنانيّ.

لكنّ سليماني، الجنرال، إنّما ينفّذ تكتيكاً حربيّاً شهيراً، هو نسف الجسر مباشرةً بعد عبوره. وأمّا ما ينسفه فكلّ ما يعبره جيشه في منطقة المشرق. إلاّ أنّ الجسر جيئةٌ آمنة ورجوعٌ ينبغي أن يكون آمناً أيضاً. وهذا مشكوك فيه!

 

arabstoday

GMT 20:01 2024 السبت ,18 أيار / مايو

القمة والأمل الذي لا شِفاءَ منه!

GMT 19:55 2024 السبت ,18 أيار / مايو

تقدم مصر؟!

GMT 19:30 2024 السبت ,18 أيار / مايو

السودان وذاكرة العالم

GMT 18:17 2024 السبت ,18 أيار / مايو

قارون و«القرننة»

GMT 18:13 2024 السبت ,18 أيار / مايو

صالحوا أولادنا على اللغة العربية؟

GMT 18:05 2024 السبت ,18 أيار / مايو

«لا إكراه في الدين»

GMT 17:47 2024 السبت ,18 أيار / مايو

هل نفد الصبر المصرى من إسرائيل؟

GMT 17:45 2024 السبت ,18 أيار / مايو

VAR دقة أكثر مقابل روح اللعبة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنرالان في المشرق وبينهما سيّد جنرالان في المشرق وبينهما سيّد



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:26 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
 العرب اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 16:34 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab