إيران وقد أكلت العراق

إيران وقد أكلت العراق

إيران وقد أكلت العراق

 العرب اليوم -

إيران وقد أكلت العراق

حازم صاغية

قبل أيّام، وكما التكتّم على فضيحة، مرّت الذكرى الخامسة والثلاثون للحرب العراقيّة – الإيرانيّة، تلك التي بدأها صدّام حسين بالتوغّل في إيران ثمّ احتلال خورمشهر، قبل أن ينهيها آية الله الخمينيّ بـ «تجرّع كأس السمّ»، كنايةً عن عجزه عن إسقاط صدّام، ثمّ اضطراره إلى الموافقة على وقفٍ لإطلاق النار ترعاه الأمم المتّحدة.

الحرب بين المستبدّين الحجريّين كانت أطول الحروب التقليديّة زمناً في القرن العشرين. فهي لم تتوقّف إلاّ في 1988، بعد ثماني سنوات على اندلاعها. وقد كلّفت، فضلاً عن الخراب الماديّ الهائل الذي نزل خصوصاً بالمدن والموانىء، أرقاماً من القتلى قدّرها البعض بمليون، وقدّرها آخرون بأكثر من مليون في عدادهم زهرة شبّان العراق وإيران. وتأدّى عن الحرب، إلى هذا وذاك، قصف أكراد حلبجة بالسلاح الكيماويّ، فيما فرّخت شروطُ القتال تنظيمات كـ «حزب الله» اللبنانيّ، وإرهاباً تبادله صدّام حسين وحافظ الأسد في ساحات عدّة، وممارسات كخطف الأجانب في بيروت، وخرافات لا حصر لها عن مشاركة الأنبياء والمرسلين في المعارك، وبذاءات عنصريّة عن الفرس والعجم والصفويّين وما إلى ذلك.

لقد أصيب عقل العالم الإسلاميّ، فضلاً عن جسده، إصابات بالغة، وتحت أقدام هذا العالم، على ما تبيّن بعد وقت قصير، بدأ يذوي العشب والنسغ المغذّي.

لكنّ الحرب، وعلى حساب الشعبين العراقيّ والإيرانيّ، لم تبخل بالمكرمات على بطليها. فهي صلّبت حكم الملالي الذي مكّن قبضته الحديد، فاجتثّ أدنى نأمة احتجاج أو اختلاف، كما منحته القضيّة التي عزّز بها قضيّته الإسلاميّة الأمّ، فصالحتها مع الوطنيّة الإيرانيّة، وبهذا أمدّت في عمر القضيّتين. أمّا في العراق، فطوى صدّامُ صفحةَ رئيسه الذي نحّاه للتوّ، أحمد حسن البكر، وصفحاتِ رفاقه البعثيّين الذين لم يطمئنّ إليهم، وأغلبُهم شيعة، فأعدمهم. ولم تكن تلك الحرب غير مقدّمة لحرب أخرى هي غزو الكويت حيث انكشفت الطاقة العدوانيّة للنظام البعثيّ وميله إلى معالجة الأزمات بالتوسّع.

والعراقيّون، بعدما كانوا يحتفلون، على نحو مطنطن، بهذا «النصر التاريخيّ»، ويسبغون عليه أسماء مستقاة من تواريخ الفتح، كفّوا عن هذه العادة منذ 2003، مع إسقاط صدّام ونظامه السنّيّ ووقوع بغداد في عهدة الأحزاب الشيعيّة التي رعتها طهران وتلك التي نشأت في طهران. وقد تُرك الاحتفال للإيرانيّين وحدهم، فجعلوا يهلّلون لـ «نصر تاريخيّ» على صدّام، ثمّ يمدّون مفاعيل «النصر»، خطابيّاً ورمزيّاً، ليطال الأميركيّين ممّن كانت قوّاتهم لا تزال في العراق.

بيد أنّ إيران أيضاً ما لبثت أن انقطعت زغردتها. فما إن خرج الأميركيّون من «بلاد الرافدين» واستكملت طهران إحكام قبضتها عليها من خلال أنصارها العراقيّين، حتّى كفّ الملالي أنفسهم، وهم المعروفون بالتجهّم، عن الاحتفال.

ومع مضيّ أكثر من ثلث قرن على اندلاع تلك الحرب، يبدو أنّ أحداً لم ينتصر فيها على أحد، وأحداً لم ينهزم أمام أحد، بل يبدو أنّ الحرب نفسها لم تحدث. ذاك أنّ التباهي على بلد بات يقوده حيدر العبادي ونوري المالكي أشبه بتباهي النفس الواحدة بتغلّب بعضها على بعضها الآخر.

ومن هذا كلّه لا يتبقّى إلاّ نصر طائفيّ قضت الظروف أن توفّره الولايات المتّحدة للشيعة على السنّة. فإذا بالعراق يتكشّف إطاراً يحضن الصراع السنّيّ – الشيعيّ، وإذا بإيران تتبدّى جمهوريّةً مصنوعة لمجد طائفة بعينها. وفي النهاية، غلبت طائفةٌ عابرة للحدود طائفةً أخرى عابرة للحدود، وهذا أصل المسألة وفصلها.

أمّا أن يخطىء مسؤول من مسؤولي إيران، كعلي يونسي، فيتحدّث عن المدائن بوصفها عاصمةً لإمبراطوريّته، فهذا ما لم يعد يستدعي أكثر من تنبيه خبيث: لقد عادت، لقد عادت، ولا داعي، أيّها الأحمق، للضجيج أو للاحتفال. فالمضيّ في اللطم أقدر على إخفاء البطن وامتلائها بما لذّ وطاب.

arabstoday

GMT 05:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

«شفاعات» 1955 و«شفاعات» 2025!

GMT 05:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ميرنا عارف ؟

GMT 05:52 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

بدائلُ شيعية؟

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 05:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد الأقباط

GMT 19:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 10:57 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 10:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وقد أكلت العراق إيران وقد أكلت العراق



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab