سوف نحميكم غصباً عنكم

سوف نحميكم غصباً عنكم!

سوف نحميكم غصباً عنكم!

 العرب اليوم -

سوف نحميكم غصباً عنكم

حازم صاغيّة

سوف نحميكم غصباً عنكم! منذ فترة لم تعد قصيرة يُروّج لدعوة أخرى، قد تكون أختاً توأماً للدعوة المشرقيّة التي لم يُكتب لها من الرواج ما يتعدّى القائلين بها. والدعوة الجديدة مفادها أنّنا (أي نظام الأسد، «حزب الله»، طهران) نحميكم (أي المسيحيّون واستطراداً باقي الأقلّيّات). وأحياناً، وخصوصاً مع ازدهار «مكافحة الإرهاب»، يتمّ التشديد على الدعوة هذه، حتّى ليكاد يبدو أنّ النظام السوريّ وحلفاءه لا يفعلون ما يفعلونه دفاعاً عن بقائهم، بل لتوفير تلك الحماية. الأمر، إذاً، إيثار وغيريّة محضان. والحماية، وهذا بديهيّ، تفترض الحامي والمحميّ، أي القويّ والضعيف حكماً. وهي لم تكن بعيدةً عن فهم كولونياليّ قرّب بين وظائف الانتداب ووظائف الحماية، خصوصاً حماية الأقلّيّات. والمفهوم هذا، من ناحية أخرى، لا يكتم معنى ذمّيّاً يحوج أحد طرفي العلاقة إلى حماية يوفّرها طرف ثانٍ. لكنْ إذا بدت حماية الأقلّيّات في مطالع القرن العشرين حاجة فعليّة، وهو ما عالجه المنتدبون بإنشاء الدول ووضع القوانين، فإنّ المسألة غدت تختلف الآن اختلافاً بيّناً. ذاك أنّ تلك الأقلّيّات لا تزال تعوزها الحماية بعد نصف قرن من حكم بعثيّ و «علمانيّ» يُفترض أنّه لا يقيم أيّ تمييز بين «عرب سوريّين» و «عرب سوريّين» آخرين! ما من شكّ، وكائناً ما كان الحال، في وجود مشكلة أقلّيّات دينيّة ومذهبيّة، ينكرها كثيرون. لكنْ ما من شكّ أيضاً في أن أحد أبرز أسباب استمرار تلك المشكلة كامن في ذاك النظام البعثيّ والأسديّ إيّاه. بيد أنّ التكحيل بالعمى هو أن تأتي الحماية الموعودة تكراراً للعقليّة الذمّيّة التي سبق أن «حمت» فتولّد عن «حمايتها» المديدة ما نعيشه اليوم من حاجة إلى الحماية. والنزعة الحمائيّة هذه، في معزل عن دولة تحترم القانون وتعامل المواطنين بالمساواة، ليست غريبة عن منطق سبق أن استعرض نفسه على نحو موسّع، ولا يزال، خصوصاً في لبنان. ذاك أنّ «حزب الله»، ومن ورائه النظامان السوريّ والإيرانيّ، يريد منذ مطالع الثمانينات أن يحمينا أيضاً، من خلال «مقاومة العدوّ الإسرائيليّ»، وهذا بغضّ النظر عمّا قد نراه طريقاً أخرى لتفادي ذاك الخطر. لكنْ، ليس بلا دلالة أنّ الزمن البادئ منذ تلك الحماية هو بالضبط زمن تقهقر الدولة والقانون وتعاظم الفوارق بين المواطنين. فيوم 6 شباط (فبراير) 1984 الذي كان الولادة الفعليّة لسلطة «حزب الله» هو نفسه يوم طرد السلطة اللبنانيّة من بيروت ومناطق لبنانيّة أخرى. وهنا نجدنا أمام خليط من نزعة تمثيل تمثّلنا من دون استشارتنا، وصولاً بنا إلى الموت في يبرود أو غير يبرود، ومن نزعة «فيجيلنتي» تنوب عن الدولة وتمعن في تحطيمها لأنّها تعرف مصالحنا وترعاها أكثر ممّا تعرف الدولة وأكثر ممّا تنوي وتسعى. وهكذا فإنّنا مرّةً نُحمى كمواطنين، فيما تهان مواطنيّتنا التي تقلّ وزناً عن مواطنيّة المسلّحين المقاومين، ومرّة نُحمى كأقليّات فيما يصار إلى تصديع الدول والقوانين التي تحمي فعلاً. ودائماً نُحمى غصباً عنّا.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوف نحميكم غصباً عنكم سوف نحميكم غصباً عنكم



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab