عشية الذكرى الـ50 لـ«الحركة التصحيحيّة» البحث عن أحمد الحسن الخطيب

عشية الذكرى الـ50 لـ«الحركة التصحيحيّة»: البحث عن أحمد الحسن الخطيب

عشية الذكرى الـ50 لـ«الحركة التصحيحيّة»: البحث عن أحمد الحسن الخطيب

 العرب اليوم -

عشية الذكرى الـ50 لـ«الحركة التصحيحيّة» البحث عن أحمد الحسن الخطيب

حازم صاغية
بقلم _ حازم صاغية

ليس واضحاً كيف سيُحتفل بعد أسبوعين بالذكرى الخمسين لقيام «الحركة التصحيحيّة المجيدة» في سوريا. شيء واحد مؤكّد: إنّ اسم السيّد أحمد الحسن الخطيب لن يؤتى على ذكره. تجاهل الرجل، ولو أنّه ليس جديداً، ينبغي أن يثير بعض الاستغراب: فمن يظنّ أنّ وزير الدفاع حافظ الأسد هو الذي تولّى منصب رئاسة الجمهوريّة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 مخطئ. من تولاّها هو... أحمد الحسن الخطيب. هذا ليس مزاحاً. راجعوا الأرشيف. لكنْ من هو أحمد الحسن الخطيب؟

هل يُعقَل أنّ من تسلّم رئاسة جمهوريّة كان سكّانها يعدّون في 1970 أكثر من ستّة ملايين شخص، مجهول بالكامل؟
البحث عن الرئيس المذكور عمليّة مُرهقة، خصوصاً حين لا يقود إلى العثور عليه. إنّه أشبه بالبحث عن الذهب في الغرب الأميركي. لقد عدت إلى كتاب الصحافيّ البريطانيّ باتريك سيل عن حافظ الأسد «الأسد: الصراع على الشرق الأوسط»، الذي يراه البعض مرجعاً مميّزاً، بينما يشكّك فيه بعض أكبر. لم أجد في الكتاب سوى عبارة يتيمة عن الخطيب، ثلاثة أرباعها عن حافظ الأسد. تقول العبارة حرفيّاً: «لدى إطاحة (صلاح) جديد، بدا الأسد، بدوره، متردّداً في تجاوز العتبة إلى المنصب الأعلى، مقنعاً نفسه في البداية بالاكتفاء بلقب رئيس الحكومة، ودافعاً بأحمد الخطيب إلى الأمام كرئيس للدولة، وهو أستاذ مدرسة سنّيّ، غير معروف إلا قليلاً، وفي التاسعة والثلاثين من عمره» (ص. 172-3). هنا ينتهي الحديث عن الخطيب الذي يختفي تماماً على مدى 552 صفحة، ليعود باتريك سيل إلى حافظ الأسد ويتابع مسيرته.


راجعتُ أكثر من عشرة مواقع إلكترونيّة سوريّة فلم تتجمّع بين يدي، عن سيادة الرئيس الأسبق، سوى المعلومات الفقيرة التالية:
أحمد الحسن الخطيب سنّيّ من قرية نمر، قرب جاسم، في محافظة درعا الجنوبيّة. انتسب إلى حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، وحصل على إجازة في الأدب العربيّ من جامعة دمشق، ثمّ درّس هذه المادّة لعدّة سنوات. بعد انقلاب 23 فبراير (شباط) 1966، وهو انقلاب «يسار» البعث على «يمينه»، انتُخب نقيباً للمعلّمين السوريّين. تولّى رئاسة الجمهوريّة في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970، أي بعد يومين على قيام «الحركة التصحيحيّة». لم يُعرف عن رئاسة الخطيب سوى انشغاله باستقبال المهنّئين الكثيرين، وخلافاً للمعتاد، لم تظهر أيّ صورة له إبّان ذاك العهد الرئاسيّ القصير. المطابع كانت مشغولة بتوزيع صور لشخص آخر هو حافظ الأسد.


في 22 فبراير (شباط) 1971، استقال الخطيب إثر استفتاء شعبيّ منح الأسد نسبة تأييد قاربت المائة بالمائة ليكون هو رئيس الجمهوريّة. في اليوم نفسه سُمّي الرجل المستقيل رئيساً لـ«مجلس الشعب»، أي البرلمان، في سوريا. كذلك أُعلن عن إنشاء «مجلس تأسيسيّ» عُيّن رئيساً له، حيث بقي حتّى سبتمبر (أيلول) 1971. مع الاتّفاق على إقامة «اتّحاد ثلاثيّ» مع مصر وليبيا في 1971، عُيّن هو نفسه رئيساً لحكومة «اتّحاد الجمهوريّات العربيّة». وبين 1970 و1975 كان الخطيب عضواً في القيادة القطريّة لحزب البعث. الرجل توفّي عام 1982.


بالمقارنة، لعب عبد الحليم خدّام أيضاً دور الرئيس المؤقّت بين 10 يونيو (حزيران) و17 يوليو (تمّوز) 2000، أي طوال 37 يوماً. «حكمُ» خدّام كان أقصر من «حكم» الخطيب الذي دام 95 يوماً. لكنْ إذا كان القاسم المشترك بين الخطيب وخدّام بعثيّتهما وسنّيّتهما وأصولهما الريفيّة وكونهما، وهذا الأهمّ، جسري عبور إلى رئاستي الأب ثمّ الابن، فالفارق أنّ خدّام كان معروفاً جدّاً وجزءاً أساسيّاً من واجهة السلطة التي أقامها حافظ الأسد، وزيراً للخارجيّة ثمّ نائباً للرئيس. الخطيب، من جهته، تولّى رئاسة برلمان في نظام غير برلمانيّ، كما وُلّي رئاسة «مجلس تأسيسيّ» لم يؤسَّس أصلاً، وسُمّي رئيس حكومة لاتّحاد عربيّ لم يقم. رئاسات كثيرة لا تترأس شيئاً. أمّا وفاته فكانت الحدث الوحيد الذي فاق حياته تعرّضاً للإغفال. لم يعرف بها أحد. ربّما لم تحدث!
لماذا الاهتمام بأحمد الحسن الخطيب؟ لأنّه الرمز التأسيسيّ للتغليط الذي مارسته «حركة تصحيح» ثمّ قام عليه عهدا حافظ

وبشّار الأسد، ولأنّه أيضاً إحدى ضحايا التغليط هذا. وهو تأسيسيٌّ ثلاث مرّات على الأقلّ: أوّلاً، لأنّ رئاسته تأتي أولى في الترتيب الزمنيّ، وثانياً، لأنّ تجربته كشفت مبكراً معنى المناصب وطبيعة المؤسّسات وحدودها في النظام الأسديّ، وثالثاً، لأنّ كذبة الخطيب أنجح الأكاذيب الكثيرة لنظام «التصحيح»، وأبلغُ علامات هذا النجاح أنّ السوريّين نسوا اسم من كان، ذات مرّة، رئيس جمهوريّتهم! العالم شاركهم هذا النسيان.إنّ الأسطر أعلاه ليست عرضاً لفيلم سينمائيّ. إنّها محاولة وصف للواقع حين يكون أغرب من الخيال.

المصدر :

Wakalat | وكالات

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عشية الذكرى الـ50 لـ«الحركة التصحيحيّة» البحث عن أحمد الحسن الخطيب عشية الذكرى الـ50 لـ«الحركة التصحيحيّة» البحث عن أحمد الحسن الخطيب



GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب
 العرب اليوم - ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية

GMT 18:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟

GMT 18:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

العرب واليونسكو

GMT 20:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab