سوريّة الشجرة والغابة

سوريّة الشجرة والغابة

سوريّة الشجرة والغابة

 العرب اليوم -

سوريّة الشجرة والغابة

حازم صاغيّة

ضجّ الخطاب الأخير لبشّار الأسد بالعجرفة والإنكار، فاضحاً بنفسه أنّ «الإصلاحات» السابقة لم تكن جدّيّة، بدلالة تكرار الوعد بها. غير أنّه، إلى ذلك، وأهمّ من ذلك، حمل معنيين: الأوّل، إيذان بتصعيد عسكريّ وأمنيّ مؤكّد يرافقه قطع الطريق تماماً على أيّة مبادرة سياسيّة، حتّى لو كانت مجرّد كلام بكلام. والثاني، تركيز على التكفيريّين والسلفيّين أريد منه مخاطبة الغرب والولايات المتّحدة، وذاك لمعرفة الأسد أنّ التدخّل الخارجيّ هو وحده ما يحسم الصراع الذي مضى عليه عامان في سوريّة. وإذا صحّت المعلومات القائلة إنّ التقدّم الجزئيّ الذي أحرزته القوّات النظاميّة في الأسابيع القليلة الماضية ناجم عن تناقص الذخيرة والإمدادات لدى المعارضين، مقابل أسلحة وإمدادات روسيّة وإيرانيّة جديدة حصل عليها النظام، جاز للأسد أن يستنتج ما استنتجه وأن يبني عليه ما بناه. فهو، كتلميذ نجيب لمدرسة «الأوراق» التي تحتقر الشعوب ومبادراتها، يذهب إلى النبع وينظر إلى الغابة بدل الشجرة. صحيح أنّ التعليقات التي صدرت عن الولايات المتّحدة وبلدان أوروبا الغربيّة تقطع بأنّ الرئيس السوريّ لم ينجح في مخاطبة الذين أراد أن يخاطبهم. بيد أنّ هذا لا يكفي بتاتاً ما لم يقترن بسلوك أكثر مبادرة وإقداماً تسلكه تلك الدول القادرة وحدها على حسم الصراع المعلّق والمكلف. وهنا، وأمام المنعطف الكبير والخطير الذي يؤشّر إليه الخطاب التصعيديّ، ولتقصير طريق العنف والموت، يُستحسن بالمعارضة أن تنظر، هي أيضاً، إلى الغابة بدل الشجرة. وأوّل النظر إلى الغابة طمأنة العالم الديموقراطيّ إلى أنّ سوريّة الجديدة ستكون جزءاً منه. وسوريّة، أقلّه منذ أواسط الخمسينات، لم تكن كذلك. فهي أوّل من انعطف، في العالم العربيّ، نحو التسلّح السوفياتيّ والشرقيّ، وذلك قبل أن يقدم جمال عبدالناصر على «كسر احتكار السلاح». وهي تحدّت كلّ منظومة الدولة – الأمّة في المنطقة بوحدتها، عام 1958، مع مصر. أمّا مع البعث، ومع حافظ الأسد تحديداً، فتحوّلت تلك السياسات الضدّيّة من هواية إلى احتراف، ومن مواقف مبعثرة إلى نهج متماسك. ذاك أنّ سياسة الأسد في اللاحرب واللاسلم منعت عن منطقة المشرق، لسنوات ترقى إلى 1974، كلّ استقرار سياسيّ على قاعدة السلام الأهليّ ومنظومة الدولة – الأمّة. وكانت لذلك مضاعفات كبرى لم تقتصر، فضلاً عن قمع المجتمع السوريّ وكبته، على شحذ الحرب الأهليّة – الإقليميّة المديدة في لبنان، وتهديد الأمن الأردنيّ من خلال عبوات الموت، وابتزاز الأمن التركيّ عبر دعم «حزب العمّال الكردستانيّ»، والمساهمة النشطة في ترويع العراق عبر إيصال الإرهابيّين، التكفيريّين منهم وغير التكفيريّين، إليه. ولأنّ سوريّة بلد فائق الأهميّة فأمره لا يقتصر على إسقاط نظام، مع الاحتفاظ بالعدّة التاريخيّة الموروثة بما في ذلك العدّة الإيديولوجيّة لذاك النظام نفسه. فهنا نحن أمام حالة مصغّرة عن التعامل مع بلدان كألمانيا واليابان بعد الحرب العالميّة الثانية بوصفها بلداناً تقودها ظروفها الداخليّة إلى توتير مناطقها الإقليميّة وتوتير العالم تالياً. وهذه مسؤوليّة فائقة يمليها التاريخ، فضلاً عن السياسة، علماً بأنّ حامل هذه السياسة سيّء الحظّ تعريفاً، لا يُحسد على الخيارات المتروكة له. لكنْ ما العمل إذا كانت هذه هي الخيارات التي تركها لنا تاريخ كهذا، وصارت وحدها الكفيلة بإخراج سوريّة والسوريّين ومنطقة المشرق من حلقة مفرغة إلاّ من الدم؟ فمن أجل أن تكسب المعارضة هذه الجولة التي ربّما كانت أخطر من سابقاتها جميعاً، لا بدّ أن تجد نفسها أمام مطالبات أكثر راديكاليّة، مطالباتٍ لا تقتصر على تصريحات عابرة وحسنة النوايا. وغابة العالم غير شجرة «جبهة النصرة» في آخر المطاف. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 10:00 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

تأخرنا كثيرا دولة الرئيس!

GMT 09:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نواب هل يجرؤون على حجب الثقة ؟

GMT 09:56 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«كاستنج» والتنقيب عن بئر نفط المواهب

GMT 07:10 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 07:09 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 07:08 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريّة الشجرة والغابة سوريّة الشجرة والغابة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 06:33 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ثلاث دوائر

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

منة شلبي توجّه رسالة شكر لجمهور السعودية بعد نجاح مسرحيتها

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 23:47 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا يعين الأميركية جيل إليس رئيس تنفيذى لكرة القدم

GMT 01:25 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاة 143 شخصًا بمرض غامض في الكونغو خلال أسبوعين

GMT 10:21 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"أرامكو" السعودية توقع اتفاقية مع شركتين لاستخلاص الكربون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab