انهيار كتلتـ «ـنا» السوفياتيّة في دمشق

انهيار كتلتـ «ـنا» السوفياتيّة في دمشق

انهيار كتلتـ «ـنا» السوفياتيّة في دمشق

 العرب اليوم -

انهيار كتلتـ «ـنا» السوفياتيّة في دمشق

حازم صاغيّة

ثمة من يرى أن الأثر الذي سيخلفه سقوط نظام الأسد على المشرق العربي وجواره سيكون مشابهاً لذاك الذي خلفه تهاوي ‏الاتحاد السوفياتي على بلدان أوروبا الوسطى والشرقية، وذاك أن موسكو الشيوعية كانت صانعة الحدث في البلدان المذكورة، ‏وأمسكت من خلال كتلتها الاشتراكية وحلف وارسو والنُّخب الشيوعية فيها، بمقدرات تلك البلدان وتحكمت بمصائرها‎.‎ أما سورية الأسدية، وعبر استعاضتها عن الداخل الوطني الممعوس بخارج إمبراطوري، فكانت هي الأخرى صانعة ‏الحدث اللبناني، ومساهمة أساسية في صناعة أحداث الفلسطينيين والعراقيين والأردنيين، ومؤثرة في صناعة الحدث ‏التركي‎.‎ وانكسار ذاك النظام سوف ينهي الاصطناعي والمفتعل والقسري لصالح وضع أكثر «طبيعية»، وإن كانت «طبيعيته»، في ‏منطقتنا لا تخلو من غموض كبير‎.‎ التشبيه ذاك لا يخلو من وجاهة، بل إن وجاهته هي التي تفسر أوجهاً أساسية من التعقيد الراهن للوضع السوري، كما تشكل ‏أحد أهم الأسباب وراء التحول من ثورة سورية إلى أزمة سورية يُطنب العالم وإعلامه في تقليبها على سائر الأوجه‎.‎ لكن الدقة تستدعي الاستدراك: فأغلب الظن أن التحول السوري لن ينعكس على الجوار مثلما انعكس التحول الروسي على ‏ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا وهنغاريا، بل أن يحصل ذلك على طريقة أشبه بما عرفته يوغوسلافيا، أي أننا لسنا مرشحين ‏لأن نشهد ما يعادل الوحدة الألمانية بعد تحطيم جدار برلين، بقدر ما نحن مرشحون لأن نشهد التفكك الذي عانته إمبراطورية ‏تيتو. كذلك لسنا مرشحين لقيام أوضاع ديموقراطية تولد فوراً، على غرار ما حصل في ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا ‏وبولندا، ولا لتفريع سلمي للبلدان، على غرار الانفصال النموذجي بين القوميتين التشيكية والسلوفاكية، بل قد ننتهي سالكين ‏الطريق المعقد، وربما المعبد بالدم، الذي عرفته صربيا وكرواتيا وسلوفينيا والبوسنة من أعمال يوغوسلافيا السابقة‎. ‎ والأمر ليس «مؤامرة» بالطبع، ولا هو «سايكس بيكو» جديداً، على ما يقول بعض المتحذلقين الذين لا يملون الإنشاد الكسول ‏للأغاني الهرمة. إنه الخدمة الكبرى التي أسدتها الثورة السورية للحقيقة المحجوبة والكامنة في تواريخ البلدان وتراكيبها وفي ‏درجة الاندماج المتحققة بين جماعاتها، فما بعد العثمانية، التي تجمع بيننا وبين يوغوسلافيا السابقة، فرضت هناك وتفرض ‏هنا طرقاً التفافية إلى الحرية والتقدم، قياساً بما عرفته البلدان الأخرى الأكثر أوروبية في أوروبا الوسطى، والذين يقولون إن ‏الثورة السورية ما كان ينبغي أن تحصل كي لا نواجه حقائقنا القاهرة هذه، هم كمثل القائلين إن الكتلة الشرقية ما كان ينبغي ‏أن تتفسخ كي لا تحصل الحرب اليوغوسلافية: فالأمر في الحالتين بمثابة توق قوي إلى العيش في الكذب والاصطناع و... ‏الاستبداد‎.‎ أما وأن الثورة السورية تقترب من النصر، فيما مقاتلوها يقاتلون في قلب دمشق، فهذا يملي ضرورة الاستعداد للمرحلة ‏المقبلة التي قد لا تقل صعوبة، وأغلب الظن أن تزيد صعوبتها. وهنا لا بد من شحذ شفرة النقد في ما خص بناء الأوطان ‏وعلاقات الجماعات ومكافحة التعصب وتوسيع رقعة التسامح الديني والإثني، فالثورة إذ تحل مشكلةً كان لا بد من حلها، ‏سوف تخلق مشاكل يستحيل تجنب مواجهتها، والطابع الالتفافي للتقدم في العالم ما بعد العثماني، في يوغوسلافيا السابقة ‏وفي المشرق العربي، إنما يحض على العقل والنقد حضاً استثنائياً، تعويضاً عن الافتقارات العظمى والاستثنائية التي ينطوي ‏عليها الواقع‎ نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انهيار كتلتـ «ـنا» السوفياتيّة في دمشق انهيار كتلتـ «ـنا» السوفياتيّة في دمشق



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab