السباق الكارثي فوق جسر اللامعقول

السباق الكارثي فوق جسر اللامعقول

السباق الكارثي فوق جسر اللامعقول

 العرب اليوم -

السباق الكارثي فوق جسر اللامعقول

غسان الإمام

تكاد تنطوي ثلاث سنوات على الانتفاضات والثورات العربية. فلم تُلهم، بعد، أدباء العرب، لصياغة تطوراتها. مآسيها. سلبياتها. إيجابياتها، في ملحمة روائية. في مسرحية. قصة. قصيدة، يقرأها العرب. ويخلدها العالم. أدونيس يجسد هذا الخواء في المخيلة العربية. فهو ما زال يتصور أن أطفال درعا هم الذين قلموا أظافر النظام. إذا كان هذا هو «الربيع» العربي، فكيف يكون الخريف والشتاء؟! أو بالأحرى، كيف صرنا بهذا الخريف والزمهرير؟ انتفض العرب. ثاروا. فخطفت أنظمة أميركا (الإخوانية) السلطة والسياسة. ألغت الحرية. وقدمت للعرب ديمقراطية كئيبة معلَّقة بحاكمية سيد قطب الغيبية. عاقبت ديمقراطية أوباما مصر التي ثارت على ديمقراطية محمد مرسي المرشدية. آه! استخدم المحللون العرب المنطق في التحليل. فانتهوا إلى اللامعقول في الاستنتاج. فقد شرب بشار مع النظامين الإخواني والإيراني، من نهر الجنون. فباتت التطورات نقيضا للتنبؤات. والنهايات مضادة للتكهنات. ما الذي حدث؟ عجزت لغة السياسة عن التفسير. لأن «الحقائق في زمن الحروب»، كما يقول ونستون تشرشل الذي جاءت به الحرب، «محاطة بحرس من الأكاذيب». لنحاول، إذن، أن نتكلم بلغة غير لغة السياسة. لنتناول مشاهد. ولوحات. ومحطات، بلغة أسهل، وأبسط. لعل لغة الصراحة أقرب إلى الحقيقة. فلا نفاق فيها. لا مغالطة. ولا مجاملة. نحن في المحطة الروسية: في مجاملة المعارضة المدعوة إلى جنيف (2)، قال الرئيس فلاديمير بوتين إنه اتصل بالرئيس بشار. وطالبه بـ«تخفيف معاناة المدنيين» السوريين. جاءت الدعوة متأخرة. كان مليونا سوري قد هاجروا، نهائيا، منذ أن استقر الأب 34 سنة في الحكم وزيرا. ثم رئيسا. قُتل. واعتُقل. وخُطف. وفُقد نصف مليون سوري، منذ أن ورث الابن دولة الأب (13 سنة). ونزح إلى داخل سوريا وخارجها سبعة ملايين آخرين. ليست هناك مجاعة في سوريا. لكن أربعة ملايين من هؤلاء البؤساء يبيتون على الطوى جائعين. فبكم تبرع الرئيس الروسي «لتخفيف معاناة المدنيين» السوريين؟ تبرعت روسيا بعشرة ملايين دولار فقط! لكنها قدمت إلى النظام أسلحة هجومية للقتل الجماعي والدمار الشامل، بعدد غير معروف من مليارات الدولارات. بعضها هبات. بعضها ديون قُيدت في دفتر محاسبة النظامين السوري والإيراني المفلسين. روسيا تستطيع أن تنام على الديون. روسيا أكبر دولة منتجة ومصدرة للنفط والغاز في العالم. روسيا، وليست الأوبك هي التي تتحكم بالسعر. وبالطاقة التي تحتاج إليها أوروبا. فقيمة إجمالي الناتج الوطني الروسي ألفا مليار دولار في السنة. الصين التي تبلغ قيمة إنتاجها الوطني سنويا، نحو ثمانية آلاف مليار دولار (8 تريليونات) تبرعت «بسخاء» لتخفيف معاناة السوريين. فقدمت مليون دولار. نعم، مليون دولار فقط! ربما ليس بخلا، إنما خوفا ومجاملة لإيران المتورطة في الحرب السورية. فإيران هي التي تروي عطش التنين الصيني إلى الطاقة النفطية. أنفق المدنيون السوريون 450 مليار دولار، خلال خمسين سنة، لتحويل بيوت الطين والتبن، إلى مبانٍ وعمارات، في مدن وقرى حديثة وقديمة. ودفعوا ضرائب إلى حافظ الأسد وبشار بـ300 مليار دولار، لبناء جيش للدفاع الوطني. لم يستخدم الأب والابن جيش «المقاومة والممانعة» لتحرير الجولان. إنما لهدم وتدمير ما عمَّره السوريون. يقولون إن الموقف الروسي ازداد لينا ومرونة. حسنا، فعلت روسيا ذلك مع مصر، نكاية وشماتة بأميركا أوباما التي عاقبت جيش مصر، بحرمانه من الطائرات، وقطع تبديل الدبابات. لكن سيرغي لافروف وزير الخارجية ما زال يستخدم لغة المغالطة السياسية. على عتبة جنيف (2) ما زال لافروف يقول: «الحل السوري». فكيف يكون الحل سوريًا، في حين تدعم روسيا إيران التي تدعم سوريا بشار التي تدعم حزب الله الذي يسفك دماء السوريين؟! بدأت حرب إقليم «القَلَمُون»، لتحسين فرص المؤتمرين على جسر جنيف اللامعقول. لا النظام يتنازل عن بشار. ولا المعارضة قادرة على إجباره على التخلي، عن الجيش. والمخابرات. والإدارة الحكومية. ولا جيشها «حُرٌّ» في احتواء سيف «جهاديي» الخلافة الأموية/العباسية. من منتجع يَبْرُود في القلمون، هاجر المسلم كارلوس منعم، ليتنصَّر. فيترأس الأرجنتين الكاثوليكية. ومن منتجعات النبك. والتل. ومِنين في القلمون، ترك عبد الله الأحمر صف كراسي مؤتمرات البعث، ليخلع النظارة. ويحترف السياسة. فكاد حافظ الأسد يلقيه من نافذة وزارة الدفاع، عندما جاءه للتحقيق معه، بأمر من قيادة الحزب (1965)، حسب رواية البعثي المخضرم نبيل شويري. حوضُ القلمون يقطفه مليون سوري. هربوا سلفا قبل أن يداهمهم نهر الجنون. ألوف «الجهاديين» احتشدوا في الروابي والغابات، تحت وابل غارات النظام الجوية لتشتيتهم. فيما تحاصر قواته لبنان، من شماله وشرقه الغاصَّيْن بالخلايا «الجهادية» والسلفية النائمة واليقظة. في المقابل، يستعين النظام بمرتزقة حزب الله. وشيعة لواء أبي الفضل العباس الذين لا يعرف نوري كمال المالكي كيف تسللوا من إيران والعراق، إلى سوريا. لكنه يعرف كيف يضحك على الأميركيين. يقول لهم إنه فتش طائرات الشحن الإيرانية «العائدة» من القواعد السورية. فوجدها طبعا فارغة من السلاح والمتطوعين! لبنان الرسمي والسياسي، في انتظار المساومة بين إيران والغرب، على التسوية النووية/السورية. الحكيم سليمان ينصح مسيحيي الشرق بعدم تشكيل جبهة مع أقليات تحتمي بخيمة بشار. نبيه بري غادر منبر برلمانه المغلق. تحول إلى «سَنِّيدٍ» لحسن نصر الله في هجومه على بعض الدول العربية. لأن سنَّة «المستقبل» لن تشارك الحزب في حكومة سياسية لبنانية، وهو المتورط مع بشار، وإيران في ذبح سنة سوريا. طبيب «القاعدة» أيمن الظواهري المختبئ في باكستان، يحاول توزيع الغنائم والأسلاب: سوريا لـ«جبهة النصرة». والعراق لـ«دولة الخلافة». ماذا يفعل «إخوان» الأردن؟! هم يتفرجون على إخوان فلسطين. حماسيو غزة يُصَدِّرون «جهاديي» غزة، «لمجاهدة» جيش مصر في سيناء، انتصارا لـ(الإخواني) المخلوع في القاهرة. جاهد «إخوان» الأردن مع «المقاومة» و«الممانعة»، وهم يحلمون بصفح الأب والابن عن «إخوان» سوريا. ملَّ هؤلاء الانتظار. فأعلنوا التوبة. ساروا على جسر اللامعقول تحت مظلة الابن! ففاجأتهم الثورة. عادوا. فحملوا السلاح. فوجدوا أنفسهم تحت مظلة «النصرة» في الجنوب والوسط. وتحت خيمة «دولة الخلافة» في الشمال والشرق. طردت بريطانيا «جهادييها». فتسللوا للقتال في سوريا. سلمت بريطانيا الجهادي «أبا قتادة» الفلسطيني/ الأردني إلى الأردن. من زنزانته الأردنية، يحاول أبو قتادة قيادة «جبهة النصرة» في سوريا. تناوئه خلايا «دولة الخلافة». ومعظمها من رجال «الجهادي» الأردني الزرقاوي الذي دوَّخ جنرالات أميركا في العراق. في تسعينات كردستان العراق، اقتتل أكراد بارزاني مع أكراد طالباني. فأصيب أكراد سوريا بعدوى الشقاق والانشقاق. فكانوا أول من قسم سوريا الثورة. طردوا جهاديي «النصرة» و«الدولة». تحالف أكراد اليسار مع حزب العمال الكردي في تركيا. أنشأوا منطقة حكم ذاتي في أقصى شمال شرق سوريا (هيئة غرب كردستان). فانضم خصومهم الأكراد الليبراليون إلى عرب «الائتلاف الوطني السوري». رضي أوجلان. فغضب بارزاني على أكراد اليسار. غضب أردوغان على «الواقع» الكردي على حدوده. فظهر يدا بيد مع بارزاني. غضب خامنئي (الذي أعدم هذا العام سنة أكرادًا. وعربًا. وبلوشيين) على بارزاني وأردوغان. فتحالف مع أكراد سوريا الانفصاليين. فمنحهم حليفه بشار السلاح والجنسية السورية. هكذا تقتضي اللعبة فوق جسر اللامعقول. فقد شرب اللاعبون من نهر الجنون.  

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السباق الكارثي فوق جسر اللامعقول السباق الكارثي فوق جسر اللامعقول



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab