تقييم ميداني لاندحار جيش المالكي

تقييم ميداني لاندحار جيش المالكي

تقييم ميداني لاندحار جيش المالكي

 العرب اليوم -

تقييم ميداني لاندحار جيش المالكي

غسان الإمام

 ميدانيًّا، يستمر القتال في العراق على عدة جبهات في الوسط والجنوب الصحراوي. هدف القوى السنية الثائرة السيطرة على المعابر الحدودية مع سوريا. والأردن. والسعودية.
تمكنت هذه القوى من تدمير ثلاث فرق تدميرا كاملا في الشمال. وإعطاب وتحييد ثلاث فرق في الوسط. وهذا يعني أن نحو نصف الجيش العراقي المؤلف من 14 فرقة (300 إلى 350 ألف جندي) بات خارج القدرة العملياتية في ميدان القتال.
عدديًّا، ما زال الجيش المدعوم بالميليشيات الشيعية متفوقًا. لكن قوى السنة تتمتع بمعنويات عالية. وانضباط ممتاز. وهي أفضل تدريبًا وقتاليًّا. وأكثر سرعة في الحركة بين مدن الفرات. وقد نقلت الحرب إلى جنوب صحراء الأنبار. وغنمت عتادًا وفيرًا. وأسلحة حديثة متطورة. وبشكل خاص دبابات استخدمت في اقتحام المعابر التي فر منها الجيش. مع ذلك أقول إن أعدادها قليلة. وغير كافية لاقتحام بغداد. أو النجف وكربلاء.
يتركز القتال في الصحراء قبالة العتبات المقدسة لدى الشيعة (النجف وكربلاء) التي تحميها قوات الجيش والميليشيات الشيعية المتخلفة قتاليا وتدريبيًّا، باستثناء ميليشيا الصدر (جيش المهدي) غير المنضبطة. وقد كسبت مهارة قتالية من خلال مقاومتها للأميركيين، على مدى عدة سنوات (2003 - 2009).
الوضع هادئ في الموصل «المحررة» منذ التاسع من يونيو (حزيران). وتحت السيطرة على ريفها، بما في ذلك مدينة «تل عفر» التي كان يسكنها تركمان شيعة موالون لنظام المالكي. المشكلة الآن في تأمين الغذاء. والماء. والكهرباء بشكل تام. وما زالت قوات النظام تتحكم بمدينة بيجي الاستراتيجية بشمال بغداد. وهي عادة تزود الشمال العراقي الثائر بالكهرباء. وتحاصر القوات الثائرة بيجي من دون التمكن من احتلالها.
القوات النظامية عادت فأمنت طريق بغداد - سامراء شمالا، حيث مراقد وأضرحة شيعية تأتي في الأهمية والقداسة لديهم مباشرة بعد مراقد النجف وكربلاء. لكن أغلب سكان سامراء من السنة. وهي أيضًا محاصرة بالقوات الثائرة.
وجرى قتال ضارٍ في محافظة ديالى في الشمال الشرقي من بغداد، والمجاورة للحدود مع إيران، حيث تحتشد قوات الحرس الثوري وفيلق القدس التي تقدم العون للجيش العراقي الذي يحاول السيطرة على مدينة بعقوبة ذات الغالبية السنية، واستعادة جلولاء، التي سيطرت عليها قوات «البيشمركة» الكردية. ومحافظة ديالى يسكنها سنة. وشيعة. وكرد. وأقليات أخرى. واهتز التعايش السلمي فيها، منذ تكاثر الشيعة والأكراد هناك بعد الغزو الأميركي.
المفاجأة في الأسبوع الأخير هي في نقل قوى السنة المعركة إلى جنوب صحراء الأنبار (أكبر محافظة عراقية)، بعدما فرت قوات المالكي التي كانت تحاول احتلال مدينة الفلوجة، والسيطرة على الرمادي عاصمة المحافظة.
الوضع في الجنوب الصحراوي شديد الغموض، بسبب تردد العشائر السنية والشيعية العربية في الانضمام إلى القوى الزاحفة من الشمال. وتتسابق قوات النظام والعشائر السنية على استعادة السيطرة على المعابر الحدودية مع الأردن التي تعتبر مفصلا مهمّا للتبادل التجاري بين البلدين.
وتأتي عشائر «الصحوة» بقيادة الشيخ أحمد أبو ريشة في مقدمة العشائر السنية المعارضة لتسلل تنظيم داعش من الشمال إلى الوسط والجنوب. وسبق لهذه العشائر أن أخرجت بالقوة عناصر «القاعدة» و«داعش» من الأنبار، وذلك بدعم. وتمويل من القوات الأميركية (2007 - 2008).
طرافة المأساة تحكمت في مسيرة عشائر «الصحوة» منذ ذلك الحين. فقد نسب الجنرال ديفيد بترايوس نصرها على «الجهاديين» إلى قواته. ولم يَفِ الرئيسان بوش وأوباما بوعودهما، بإلزام المالكي بتجنيد وتوظيف شباب الصحوة في الجيش والإدارة الحكومية، بسبب ممانعة المالكي شديد الشك والريبة في ولاء عشائر السنة.
نعم، طردت عشائر الصحوة «القاعدة» و«داعش» من المناطق السنية. لكن التنظيمين فتكا، بالاغتيال. والعمليات الانتحارية، بعدد كبير من شيوخ وشباب «الصحوة».
تبدو أميركا وكأنها تسعى لاسترضاء السنة. لكن انحيازها للشيعة واضح عمليًّا وميدانيًّا. فالهدف الاستراتيجي غير المعلن هو تدمير وإعطاب العتاد الحربي الوفير الذي سقط في قبضة الثوار السنة. والكافي للقتال عدة سنين. الهدف الاستراتيجي الثاني هو تجفيف مصادر تمويل «الجهاديين». وكان هذا أحد أسباب زيارة الوزير جون كيري الأخيرة إلى الخليج. الدول الخليجية لا تموّل. لكن أميركا تقول إن هناك «جمعيات خيرية» وجهودًا فردية تجمع أموالا تذهب سرًّا إلى «الجهاديين» في سوريا والعراق.
ربما بتنسيق سري مشترك، أرسلت كل من أميركا وإيران بعثات من مئات خبراء التدريب والتجسس، لإعادة تدريب الجيش العراقي، ولتزويد نظام المالكي بالمعلومات عن تحركات «داعش» والثوار السنة. وتطير في أجواء المنطقة السنية «المحررة» طائرات درون أميركية وإيرانية (النحلة) لمراقبة سير المعارك. احتمال القصف وارد. لكن بعد تقييم احتمالات ردود الفعل العربية.
ارتكب جيش النظام العراقي وأجهزة المالكي الأمنية المسيطرة على السجون مجازر دموية قبل فرارها.. قابلتها مجازر ارتكبتها «داعش» أيضا، من دون علم القيادات السنية.
الفوضى العسكرية حدت بالمالكي إلى الطلب سرا، كما يقول الإعلام الأميركي، من أميركا العودة إلى العمل بالاتفاق الذي وقعه المالكي مع إدارة بوش. ويقضي بإبقاء قوة أميركية أمنية وتدريبية مؤلفة من 24 ألف عسكري ومخابراتي، بعد الانسحاب الأميركي (2011).
لكن الخلاف دب بين الجانبين. طالبت أميركا المالكي بإعفاء هذه القوة من الملاحقة أمام القضاء العراقي، على جرائم قد ترتكبها، فيما حثت إيران المالكي على رفض مرابطة هذه القوة على الأرض العراقية. لكن ما هو لغز الطائرات التي تقصف المدن السنية؟ أقول إن تسليم صدام سلاح الطيران العراقي بكامله إلى إيران، بدلا من دول الجوار العربية، كان إحدى الكوارث الاستراتيجية التي ارتكبها قبل الغزو الأميركي.
إيران تزعم أنها أعادت الطائرات العراقية إلى عراق المالكي. لكن الزعم غير صحيح. فقد أدرجت إيران الطيران العراقي اللاجئ إليها في صميم سلاحها الجوي، نظرا للتشابه في نوعية الطائرات. فقد كان العراق وإيران يملكان في السبعينات أسرابا من طائرات «إف - 5» الأميركية. وتعتبر متخلفة من حيث السرعة. والتسليح. والمناورة، عن طائرات «إف 15» و«إف 16» الأحدث التي يملكها، مثلا، الطيران السعودي.
ربما تم القصف بالطيران السوري. أو أن إيران زودت عراق المالكي بسرب من الطائرات العراقية القديمة، ريثما يتسلم العراق أول سرب حديث من أميركا في سبتمبر (أيلول) المقبل. على كل حال، فالخبراء وحدهم قادرون على التمييز بين الطائرات الأميركية وطائرات الميغ وسوخوي التي يستخدمها سلاح الطيران السوري.
احتمال التدخل العسكري الإيراني في العراق وارد. وهو عبء جديد قد يضاف إلى عبء تدخلها في سوريا. وفي العراق اليوم، أعداد غفيرة من عملاء المخابرات الإيرانية، وقوات الحرس الثوري وفيلق القدس، فيما تتظاهر الميليشيات الشيعية التي أفتى المرجع علي السيستاني باستدعائها، ثم فسرها فيما بعد. وهي تستعجل زجّها في حروب طائفية، لاستعادة السيطرة على المناطق السنية ومعابر الحدود، وذلك قبل أن يتم تدريبها على القتال.
أخيرًا، أقول إن هناك قوة صغيرة من الجيش العراقي، يقوم الخبراء الأميركان بتدريبها في بلد مجاور للعراق، كبادرة حسن نية تجاه جيش المالكي بعد اندحاره. وكتمهيد لتدريبه على مستوى أوسع، بعد إعادة تجميع فلوله.
يلي هذا التقرير الميداني، تقرير في الثلاثاء المقبل عن التطورات السياسية لحاضر العراق ومستقبله، في ضوء أحداثه الراهنة.

 

 

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقييم ميداني لاندحار جيش المالكي تقييم ميداني لاندحار جيش المالكي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab