سورية الدبلوماسية معطّلة والكلمة للميدان

سورية: الدبلوماسية معطّلة والكلمة للميدان

سورية: الدبلوماسية معطّلة والكلمة للميدان

 العرب اليوم -

سورية الدبلوماسية معطّلة والكلمة للميدان

عبدالوهاب بدرخان

الكلمة الآن للميدان، ولفترة طويلة مفتوحة. هذا ما يُستخلص من لقاء لندن لمجموعة الـ 11 الداعمة للمعارضة، رغم تمسّكها بـ «بيان جنيف» وإصرارها على أن «الهيئة الانتقالية» هي عنوان الحل وليست الانتخابات التي يمضي اليها النظام. والمهم أن يكون «الأصدقاء» مدركين أن للميدان متطلبات اذا لم تتوافر تجعل القتال مجرد وصفة للانتحار. لا مجال للبحث في السياسة في الأمم المتحدة بعد استقالة المبعوث الدولي - العربي، ولا في الاتصالات الديبلوماسية مع شبه القطيعة الأميركية - الروسية بفعل الأزمة الأوكرانية. ستكون فسحة السياسة الوحيدة المتاحة في المسارات التي سيحاول بشار الأسد فتحها سعياً منه الى استخدام نظامه ومعارضته لفرض أمر واقع، مراهناً على أن الآخرين، بمن فيهم «أصدقاء» المعارضة، سيتقبّلونه مع الوقت اذا لم يكن لديهم خيار آخر.
مجدداً تتجه الأنظار الى دمشق، وبالأخص الى ريفها، حيث يعمل النظام كمن يريد استباق أي مفاجآت لدى الطرف الآخر. اذا كان الضغط عليه في المرحلة المقبلة فهذا لا بد أن يكون في العاصمة ومحيطها. هل سيُصار الى الضغط من الجنوب وفقاً للخطط التي سبق الحديث عنها؟ بعدما توصّل النظام الى السيطرة على حمص وقسّم البلد بين شمال وجنوب لم يبقَ نظرياً سوى خيارين عسكريين للمعارضة: الزحف من الجنوب، وتنشيط العمليات في منطقة الساحل. وفي كلٍّ منهما ثغرات لم تحلّ بعد. غير أن خطة النظام تركّز على استثمار سياسة الحصار والتجويع التي اتّبعها في ريف دمشق، وقد مكّنته من عقد هدنات كليّة أو جزئية مع بعض مناطقه لكنها لم تؤدِّ الى تطبيع الأوضاع بل الى دفع المزيد من النازحين تحديداً الى لبنان. ودلّت المعارك الأخيرة في المليحة الى أن النظام سيواظب على هذه الخطة بالتصعيد العسكري أو بالتفاوض، وصولاً الى استعادة السيطرة على أوسع مساحة ممكنة في محيط دمشق.
في الأسابيع القاسية المقبلة ستتبدّل قواعد وحسابات كثيرة في ادارة الأزمة، خصوصاً على الأرض. فمن جهة يريد النظام تغيير طبيعة الصراع مروّجاً أن لديه «حلاً سياسياً» (حكومة جديدة، وانتخابات، ودستوراً آخر...) يديره بأنصاره و»معارضيه» المزيّفين، ومن جهة اخرى سيوحي بأنه أستكمل اعادة تأهيل نفسه وأصبح جاهزاً لحرب طويلة مع «الإرهاب». ومن جهة اخرى سيكون على «الائتلاف» أن يبرهن أن لديه خطته، وأهم ما فيها اعادة تنظيم «الجيش الحر» بتوحيد التمويل والتسليح، وإعادة هيكلة لجانه السياسية لإشراك أكبر عدد من الطاقات والكفاءات التي لم تُستغلّ جيداً في السابق بل أبقيت على الهامش. وثمة عنصران ينبغي تفعيلهما للاستفادة منهما: أولهما أن الدول الإقليمية الداعمة تبدو في صدد تجاوز خلافاتها متطلعة الى أداء أفضل لـ «الائلاف»، والآخر أن الفصائل الإسلامية تحاول مراجعة نهجها للتمايز عن المجمعات الإرهابية، ويُعتبر «ميثاق الشرف الثوري للكتائب المقاتلة» خطوة جيدة لكن العبرة في التنفيذ وفي السلوك. ذاك أن معيار «الاعتدال» الذي شدّدت عليه واشنطن في المحادثات مع «الائتلاف» ثم «مجموعة الـ 11» في لندن أرسل ما يشبه الإنذار الى مختلف الفصائل بأن المضي في الفوضى لن يعني سوى المزيد من الهزائم للمعارضة.
في الطريق الى المرحلة المقبلة ثمّة خلاصات مما سبق ينبغي أن تسجّلها الأطراف المعنيّة. وفي طليعتها الأمم المتحدة التي يستعد أمينها العام للبحث عن مبعوث جديد، ومن شأنها أن تعرف: 1) أن النظامين السوري والإيراني لن يتعاونا مع المنظمة الدولية اذا لم تعمل في اطار مشروعهما. 2) أن أي مبعوث جديد، مهما كان محنّكاً، سيختزل الأسد فاعليته بأنه إذ يأتي لمقابلته يؤكد عملياً استمرار الاعتراف الدولي بـ «شرعيته». 3) ان المبعوث لا يستطيع وحده إحداث فارق في الأزمة ما لم يستعد مجلس الأمن قدرته على التأير في الأحداث. 4) ان «بيان جنيف» انتهى بالنسبة الى النظام وحلفائه الإيرانيين، وإذا كانت روسيا جدّدت تكتيكياً تمسكها به إلا أن موقفها خلال مفاوضات جنيف أثبت أنها استخدمته لخداع الجانب الأميركي. 5) ان النظام وروسيا وإيران يستعدّون لمناورات ارباكية لدى اختيار المبعوث الجديد وتحديد مهمته بحيث يفرضون مساومة على إنهاء الصراع لا على حل سياسي.
أما مجموعـة الـ 11 فمن الضروري أن تعرف: 1) ان وصف انتخابات الأسد بـ «المهـزلة» و»التـزويـر»، أو بـأنـها «تسخر من الضحايا»، لا يصنع سياسة ضاغطة على النظام، بل لا يعني شيئاً على الإطلاق ما لم تتخذ خــطوات فعليــة لنزع «شرعيته». 2) ان مواصلة التــردد والتسويف في تسليح «الجيش الحر» تؤكد الشكوك بأن «الأصدقاء» يريدون لهذا الجيش أن يُهزم نهائياً أمام «داعش» والنظام. 3) اذا لم تأمن الدعم العسكري لإنشاء نوع من المنطقة الآمنة» أو «منطقة حظر جوي» فمن العبث الحديث عـــن أي دعم آخر سياسي أو اقتصادي أو انساني. 4) استطراداً لن يعود مجدياً التلويح بـ «عـــواقب» اذا ثبت استخدام النظام غاز الكلورين بعد التجربة المخزية في عدم معاقبته ومحاسبته على القتل بالسلاح الكيماوي. 5) ان تجديد اعلان أن الحل لن يكون عسكرياً يشي بأن «الأصدقاء» لم يأخذوا علماً بالتطورات على الأرض بل يفضّلون عـــدم الاعتراف بالحقائق التي تمضي ايران في تغييرها ميدانياً، فأي عملية سياسية قادرة على انصاف الشعــب الســوري تبــقى وهماً مــا لم تُستبق بعمليات عسكرية موجعة للنظام.
و»الائتلاف» ملزم بدوره بإجراء تغيير جذري في تخطيطه وطريقة عمله، ويفترض أن يكون استوعب: 1) أن المطلوب منه الآن تصحيح تنظيمي عميق لتركيبته ومؤسساته وبالأخص توحيد «الجيش الحر» وتفعيل الحكومة. 2) أن تعايشه الصامت مع صراعات الدول الإقليمية الداعمة وسكوته عن خلافاتها لم يعودا ممكنين خصوصاً أن انعكاساتها الكارثية على قوى المعارضة باتت واضحة. 3) ان مبررات لوم المجتمع الدولي تآكلت، رغم أنها محقّة ومشروعة، فالأولى اثبات ان الثورة قادرة على الاستغلال الجيّد للموارد القليلة وهو ما فعلته في بعض الأحيان. 4) ان دور الإسلاميين في تعطيل الثورة ومراكمة الأعباء عليه لم يعد يحتاج الى برهان ومن شأن «الائتلاف» وضع الحقائق أمامهم من ضمن خطة لاستيعابهم. 5) لم يعد مفهوماً أو مقبولاً أن لا يكون للقيادتين السياسية والعسكرية وجود في الداخل مهما كانت الاعتبارات. 6) ان رفع مستوى التمثيل لدى العواصم الرئيسية يضع على «الائتلاف» مسؤوليات جديدة تتطلّب جعل «البعثات» أكثر فاعلية.
اذا صحّت المعلومات عن أن الدول الداعمة للمعارضة تجري تصويباً للتنسيق في ما بينها، فهذه أيضاً فرصة لـ «الائتلاف» كي يعيد توليد قوة دفع للمعارضة. لم يعد أحدٌ مخيّراً وقد ساهمت التطورات في تضييق الخيارات. وطالما أن داعمي المعارضة أطلقوا رسالة الى النظام وإيران مفادها بأن «انتصاراتهما» لم تحسم الصراع بعد، فمن الضروري أن تُظهر عاجلاً ما تستطيعه. لا شك في أن الداعمين يلتقون مع المعارضة في معظم أهدافها، ولا مصلحة لهم في أن تُهزَم فيهزموا بدورهم، لكنهم قالوا الكثير وأصبحوا مُطالبين بالأفعال.

 

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية الدبلوماسية معطّلة والكلمة للميدان سورية الدبلوماسية معطّلة والكلمة للميدان



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab