إيران وسقوط الأقنعة

إيران وسقوط الأقنعة

إيران وسقوط الأقنعة

 العرب اليوم -

إيران وسقوط الأقنعة

أمير طاهري

هل لا يزال الأمر مثيرا للاهتمام؟ يتعلق السؤال بالانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران. يعتقد البعض أن قرار منع المرشحين «ذوي الثقل» من خوض الانتخابات فرّغ العملية الانتخابية من مضمونها، خصوصا الذين قالوا إن الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني والمستشار الرئاسي إسفانديار مشائي قادران على إجراء مجموعة من الإصلاحات التي لم يتم تحديدها. مع ذلك هناك تحليل آخر محتمل. كان ترشيح كل من رفسنجاني ومشائي يستند إلى أكاذيب ذات طابع انتقادي بالنسبة إلى الأول، وذات طابع عاطفي بالنسبة إلى الأخير. لقد كذب الرجلان على نفسيهما بافتراض قدرتهما على أن يكونا نبيلين ينتميان إلى النظام وفي الوقت ذاته ينتقدانه. كيف يمكن لرفسنجاني، الذي كان له دور أساسي في تأسيس النظام الذي يغلق أمامه الأبواب حاليا، أن يقدم نفسه فجأة كبطل الإصلاح والتغيير؟ أما بالنسبة إلى مشائي، فلا بد أنه كان واهما حينما زعم تفويض الإمام المهدي له، في حين يسعى للحصول على موافقة «مجلس الأوصياء» المكون من 12 عضوا ويفحص طلبات الترشح. وبعد أكثر من ثلاثة عقود من تولي الخميني السلطة، من المهم للإيرانيين الاعتراف بحقيقة وضعهم. الجمهورية الإسلامية الإيرانية كذبة من ثلاثة أجزاء. إنها ليست إيرانية لأن الآيديولوجية تتعارض مع مفهوم الدولة والوطنية. وهذا النظام ليس إسلاميا لأن آيديولوجيته تقصي أي شخص لا يتبنى شعاره «الله، القرآن، الخميني». كذلك يتم إقصاء الذين لا يقبلون علي خامنئي كـ«زعيم للأمة الإسلامية». ويقول قائد الشرطة، اللواء أحمدي مقدم: «أي شخص لا يؤمن بالولاية كافر وبالتالي فهو مهدر دمه». من الواضح أن النظام ليس جمهوريا لأن «المرشد الأعلى» هو الذي لديه الكلمة الأخيرة في كل القضايا. هكذا عبر خامنئي نفسه بصراحة مثيرة للإعجاب في خطاب مؤخرا قائلا: «أي شيء أقوله في الأمور العامة هو مرسوم». إن النظام الذي أسسه الخميني وحش فريد من نوعه. لقد قبل آية الله مفهوما مثل الدستور والانتخابات من أجل خداع الطبقة المتوسطة وإغواء اليساريين وأنصار مصدق الذين كان يعميهم الغضب الشديد من الشاه. مع ذلك كان واضحا أنه لا يستطيع أو يرغب في ديمقراطية «على النسق الغربي» بنظام جمهوري. ولعل أدق وصف للنظام، الذي أرساه الخميني بمساعدة أناس مثل رفسنجاني، هو أنه نسخة «إمامية» من النظام الذي كان يحكم اليمن حتى انقلاب عام 1962. كذلك يشبه نظام الخميني «الإمارة الإسلامية» التي أرستها حركة طالبان في أفغانستان، حيث حمل الملا محمد عمر لقب «أمير المؤمنين». المؤكد أن لنموذج الخميني سمات محددة توضح أن إيران ليست اليمن ولا أفغانستان. من تلك السمات دور نخبة الاستخبارات العسكرية التي تمتعت بنفوذ اقتصادي واجتماعي هائل باسم «الولاية». وبهذا المعنى يشبه النظام الأنظمة الاستبدادية في دول العالم الثالث التي تهيمن عليها المؤسسة العسكرية. مع ذلك تظل حقيقة أن للنماذج الثلاثة جذورا آيديولوجية متشابهة. في النماذج الثلاثة هناك فرد واحد يدعي التفويض الإلهي له وينصب نفسه حاكما لكل جوانب الحياة العامة والخاصة. في هذا النموذج يمثل التظاهر بكون الرئيس منتخبا وهما في أفضل الأحوال، وإهانة لذكاء المرء في أسوئها. منذ عامين، تناول خامنئي تلك القضية، وإن كان ذلك بطريقة غير مباشرة، عندما اقترح أن يتم الاستغناء عن منصب الرئيس المنتخب انتخابا مباشرا بحيث يحل محله رئيس وزراء معين من «المرشد الأعلى». وتمنى رفسنجاني ومشائي تجاهل حقيقة النظام في الوقت الذي يتحركان فيه من خلاله. وجرب بعض «أبناء الثورة» الآخرين المناورة نفسها قبلهما. أوهم مهدي بازرغان نفسه بأن الخمينية ستكون مثل الديمقراطية المسيحية في أوروبا. وتجول محمد خاتمي حول العالم للترويج للخمينية كبديل للنموذج الغربي الذي كان التنوير والنهضة هما مصدر إلهامه، في الوقت الذي كان أفراد شرطته يقمعون ثورة الطلبة ويغتالون المفكرين في أنحاء البلاد. سيواجه الإيرانيون بمجرد اعترافهم بحقيقة النظام وعيوبه وأمراضه ثلاثة أسئلة أساسية: هل هذا النظام يعبر عن ثقافتنا وحقيقتنا كدولة؟ هل يمكن بناء مجتمع نستطيع التمتع فيه بسلام ورخاء نسبي وبحقوقنا وحرياتنا الأساسية كبشر؟ هل نريد هذا النظام؟ إذا كانت إجابات الأسئلة بالإيجاب، فينبغي على الإيرانيين المساهمة في تحسين النظام بحيث يصبح فعالا. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعليهم العمل من أجل تغيير النظام مهما كان الوقت الذي يستغرقه ذلك. حاول كل من رفسنجاني ومشائي الهروب من تلك الأسئلة، لذا كذبا على نفسيهما وعلى النظام وعلى الشعب الإيراني. سيبدد إقصاؤهما كل الشكوك من خلال تسليط الضوء على حقيقة النظام. قد تكون الرسالة هي أن «ذوي الثقل»، الذين تم إقصاؤهم، قد يعودون بتدخل خامنئي. مع ذلك إذا حدث هذا، وهو أمر مستبعد، فستوضح تلك الخطوة أكثر حقيقة النظام. وفي يونيو (حزيران) سيعرف الإيرانيون للمرة الأولى منذ تولي الخميني السلطة بالضبط حقيقة النظام الذي ينتخبونه. هذه العملية مثيرة لأننا سنرى عدد الذين سيذهبون إلى مراكز الاقتراع. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وسقوط الأقنعة إيران وسقوط الأقنعة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab