أولمبياد باريس اليوم التالي

أولمبياد باريس: اليوم التالي

أولمبياد باريس: اليوم التالي

 العرب اليوم -

أولمبياد باريس اليوم التالي

بقلم : أمير طاهري

كثيرٌ وصفوه بأنَّه إسرافٌ مكلّفٌ لدولة تواجه صعوباتٍ اقتصادية، بينما ندّد بعضٌ به بوصفه تحويلاً خطيراً عن أعمق أزمة سياسية تواجهها فرنسا منذ الخمسينات.

ومع ذلك، فإنَّ دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي استضافتها باريس، والتي استمرت أسبوعين، يُثنى عليها الآن عالمياً بوصفها تجربة ناجحة على المستوى التنظيمي والفني، وبالطبع من الناحية الرياضية. فخلال أسبوعين كاملين، تخلى الفرنسيون المتذمرون عادةً، والذين كان بعضهم في حالة مزاجية أشبه بالحرب الأهلية، عن خلافاتهم ليقضوا وقتاً ممتعاً معاً. بدا القول المأثور القديم بأن «الرياضة تُوحِّد بينما السياسة تُفرِّق» أكثر منطقية من أي وقت مضى.

قبل نحو ألفَي عام، أدرك الإمبراطور الروماني نيرون أن إدارة الإمبراطورية تتطلب الخبزَ والسيرك معاً. بعد أن يملأ المواطنون بطونَهم، يبحثون عن الترفيه الذي يوفره الإمبراطور من خلال جعل المصارعين يقاتل بعضهم بعضاً حتى الموت، أو استعراض الحيوانات الغريبة من أركان الأرض الأربعة.

وعلى مستوى مختلف، شخّص الفيلسوف الألماني شوبنهاور المعاناة الرئيسية للإنسان بعد الثورة الصناعية بالملل. وحسبه، حتى قبل الثورة الصناعية، كانت الحاجة إلى الهروب من الملل هي التي وضعت الإسكندر على طريق غزو العالم.

كما أجبر الفرار من الملل الرجال على أن يصبحوا مسافرين ومستكشفين وفي النهاية تجاراً متجولين ومستعمرين. ويمكن أن تؤدي الحاجة إلى التخلص من الملل أيضاً إلى الحروب الأهلية أو الخارجية.

وفي الديمقراطيات الحديثة، يمكن أن توفر الانتخابات العامة بعض الراحة من الملل. ولكن ماذا لو أدت إلى توليد شكل آخر من أشكال الملل كما فعلت الانتخابات العامة الفرنسية الأخيرة؟

بعد الانتخابات، تُرك الفرنسيون أمام صورة ضبابية؛ كان الأمر أشبه بمراقبة الطلاء يجف.

يبدو أن البلاد اختارت برلماناً جديداً بطريقة لا يمكنه من خلالها العمل على أنه برلمان. والأسوأ من ذلك أنه على عكس الانتخابات العامة البريطانية التي أنتجت حكومة جديدة في غضون ساعات من إعلان النتائج.

أسفرت الألعاب الأولمبية عن تعليق كل هذه المخاوف لمدة أسبوعين، وهو فاصل زمني قد يظل مفتوحاً جزئياً حتى نهاية الألعاب البارالمبية (لذوي الهمم) حتى منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل. ولكن، ماذا بعد؟

الدستور الفرنسي، الذي صيغ على عين الجنرال ديغول عام 1958، عبارة عن مزيج ملكي متخفٍّ في صورة مخطط جمهوري. وفيه يختار الرئيس رئيس الوزراء وحكومته، لكنهم غير قادرين على التصرف على هذا النحو من دون موافقة الأغلبية البرلمانية.

وبما أن البرلمان الجديد منقسم إلى أربع كتل، تضم كل منها نصف كتلة من الداخل، فإن العثور على حتى أغلبية بسيطة مهمة شاقة.

ونظراً لأن الدستور لا يحدد حداً لقرار الرئيس بتسمية حكومة جديدة، يمكن أن تُترَك الأمة على متن طائرة تعمل بالتشغيل الآلي مع حكومة تصريف أعمال مؤقتة تتعامل مع الأمور الروتينية لفترة غير محددة من الزمن.

ومع ذلك، فمن المؤكد أن الحزن الكامن في مرحلة ما بعد الأولمبياد سوف يزحف إلى فرنسا في وقت أقرب مما يأمل الرئيس ماكرون. خلال العامين الماضيين، تولى ماكرون مكانة بارزة في عدد من القضايا المهمة: بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، والمعضلة الصينية، وبرميل البارود المشتعل في الشرق الأوسط، والتهديدات الإرهابية، والقومية الضالة التي تغذِّيها المخاوف من الهجرة الجماعية. ماذا سيفعل؟

إنه السؤال المطروح الآن، والذي يخلق حالة من الحوار في الأوساط السياسية في باريس.

هل يخطط ماكرون لخطة ميكيافيلية تهدف إلى إطالة فترة الفراغ الرئاسي حتى العام المقبل، وبعد ذلك يسمح له الدستور بحل البرلمان مجدداً والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة؟

تتلخص إحدى النظريات في أنه سوف يسمي شخصية معروفة لا تحمل أي انتماء حزبي واضح حالياً. ومن بين الأسماء المذكورة: الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند، الذي أصبح الآن عضواً في البرلمان، والوزراء السابقون جان لوي بورلو، وخافيير برتران، وغيرارد لارشيه من تيار يمين الوسط.

وبما أنه من غير المرجح أن يحصل أيٌّ من هؤلاء الرجال على أغلبية في البرلمان الجديد، فإن حكومتهم سوف تبقى في سجل تصريف الأعمال المؤقت لبضعة أسابيع.

قد تكون الخطوة التالية تسمية مرشح من التحالف اليساري المعروف باسم «الجبهة الشعبية الجديدة». وفي الوقت الحاضر، فإن ذلك المرشح هي لوسي كاستيت، وهي شخصية مسؤولة غير معروفة، ولكنها شخصية توافقية في المجموعة شديدة الانقسام.

لكن «الجبهة الشعبية الجديدة»، رغم أنها تضم العدد الأكبر من الأعضاء في البرلمان الجديد، فإنها تفتقر إلى الأغلبية البسيطة. وعليه، فإن السيدة كاستيت -المرشحة لتولي منصب رئيس الوزراء- سوف تُضطر إلى التوقف عن مباشرة مهامها في غضون بضعة أسابيع.

إن تسمية شخصية ما من حزب «التجمع الوطني»، وهو تيار اليمين المتطرف الذي غالباً ما وصفه ماكرون بأنَّه الشيطان، يبدو أمراً مستبعداً، ولكنَّه ليس مستحيلاً. ولكن من غير المرجح أيضاً أن يحصل «التجمع الوطني» -الذي لديه ثالث أكبر عدد من المقاعد في البرلمان- على الأغلبية. وبالتالي، فإن رئيس الوزراء المرشح سوف ينضم إلى دُمَى الماريونيت الأخرى التي ترقص لثلاث جولات ثم تسقط.

السبيل الأقل خطورة للخروج من المتاهة الراهنة هي أن يسمح ماكرون لمجموعته البرلمانية بالتصويت لصالح مرشح من «الجبهة الشعبية الجديدة»، ولكنها ترفض التصويت لبرنامج الكتلة اليسارية شبه الماويَّة الأكثر سخافة.

لنستحضر روح مخرج الروائع الأميركي الراحل سيسيل بلونت ديميل ونسأله عن ذلك!

 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أولمبياد باريس اليوم التالي أولمبياد باريس اليوم التالي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab