أفغانستان شعاع ضوء أخيرا

أفغانستان: شعاع ضوء أخيرا؟

أفغانستان: شعاع ضوء أخيرا؟

 العرب اليوم -

أفغانستان شعاع ضوء أخيرا

أمير طاهري

في ظل الأخبار القادمة من الشرق الأوسط التي تسيطر عليها قصص الرعب، لم يحصل خبر صغير جيد قادم من ركن بعيد في منطقة مضطربة على الاهتمام. في مطلع الأسبوع الحالي، ودع حميد كرزاي شعبه وسلم السلطة إلى خلفه أشرف غني.

حسنا، ربما تتساءل وما أهمية ذلك.

تكمن الأهمية في أنها المرة الأولى منذ ظهور أفغانستان كدولة منذ 300 عام التي يغادر فيها حاكم الدولة من دون أن يُقتل أو يُجبر على النفي أو تطيح به حرب أهلية أو غزو أجنبي أو انقلاب.

كرزاي هو الرئيس الأفغاني الوحيد الذي استطاع التمسك بالسلطة طوال أكثر من عقد. (كان الحاكم الأخير هو محمد ظاهر شاه الذي تولى السلطة ما بين عامي 1964 و1973 عندما أطاح به ابن عمه محمد داود) كما أن خليفة كرزاي جاء إلى السلطة نتيجة لانتخابات اعتمدها مراقبون دوليون، والأهم من ذلك، أن المرشح الخاسر أعلن قبوله بالنتائج.

منذ شهر مضى، كان بعض المراقبين يخشون من أن أفغانستان، بناء على تاريخها المتقلب، قد تهوي في حرب دموية تدور حول من سيخلف في حكمها. ومن المؤكد في ظل الغيوم المخيمة في الأفق، أن أفغانستان لم تخرج من المرحلة الحرجة حتى الآن.

ولكن النخبة الأفغانية الجديدة أبدت درجة من الحكمة والنضوج يندر وجودها فيما يسمى بـ«العالم النامي»، حيث أحيانا ما تعد التسوية إشارة إلى الضعف السياسي بدلا من أن تكون إشارة إلى القوة الأخلاقية. أدرك كل من أشرف غني، الفائز المعلن في الجولة الثانية من الانتخابات، ومنافسه الدكتور عبد الله عبد الله أنهما إذا لم يتفقا على المشاركة في السلطة فسوف يخاطران بأن ينتهي بهما الحال بلا سلطة على الإطلاق.

يرجع سبب هذه النتيجة السعيدة إلى عدد من الأطراف. ينسب البعض الفضل إلى كرزاي الذي رفض اتخاذ موقف في صف أحد الطرفين، وعمل من خلف الكواليس للمساعدة على التقريب بين المعسكرين. وقد شهد رأيي تجاه كرزاي الكثير من منحنيات الصعود والهبوط. في البداية، كنت أرى كرزاي واحدا من الانتهازيين الذين ظهروا على مدار التاريخ، وهم رجال، وأحيانا منهم نساء، يكونون في المكان المناسب في الوقت المناسب ويعلمون كيف ينتهزون الفرصة التي تقدمها لهم الظروف.

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، عندما بدأ كرزاي في القيام بدور إيجابي لتشكيل تحالف من الجماعات المعادية لطالبان، تحسن رأيي فيه.

ونظرا لأن هذا ليس تقييما لفترة حكم كرزاي، فيكفي القول إنني أعتقد أن ما حققه من نفع يفوق أي ضرر، إذا وضعنا في الاعتبار فقط مساعدته على تحقيق انتقال سلس نسبيا للسلطة.

يرجع الفضل الرئيسي بالطبع إلى كل من غني والدكتور عبد الله، إدراكا منهما بحدودهما على الأقل، وهو شيء يمكن أن يستفيد منه جميع السياسيين. بيد أنه لا يمكن الجزم بالأمر، حيث لا يضمن خبر واحد جيد بتحقيق سيناريو سعيدا إلى الأبد في أفغانستان، إذ يظل اتفاق المشاركة في السلطة الذي أبرمه غني وعبد الله هشا على نحو أساسي.

تنبع هشاشة الاتفاق الأولى من تشكيله خارج نطاق الدستور. في معظم الحالات، يكون أي قانون أفضل من عدم وجود قانون على الإطلاق، رغم أنه من الحكمة دائما تطبيق نظام قانوني يتسم ببعض المرونة.

في الاتفاق بين غني وعبد الله، يظل الرئيس على رأس الدولة ومعه صلاحيات دستورية هائلة. ولكن تظل الإدارة اليومية للحكومة في يد رئيس وزراء فعّال، أي ما يعرف بـ«الرئيس التنفيذي» في الاتفاق. يُنشئ ذلك بعض الارتباك فيما يتعلق بالتسلسل الهرمي للشرعية، خاصة أنه ليس من الواضح إلى من سوف يحيل «الرئيس التنفيذي» تقاريره، البرلمان أو الرئيس؟ ومما يزيد من تعقيد الأمور، سوف يمارس عبد الله الذي سيُعين رئيسا تنفيذيا للوزراء صلاحيات رئيسية مميزة خارج الإطار الدستوري.

إضافة إلى ذلك، سوف يعاني الاتفاق من هشاشة أخرى لأن كلا من غني وعبد الله سوف يعينان نصف أعضاء مجلس الوزراء، مما يؤدي إلى تشكيل حكومة من فئتين. لو كان هذا ائتلافا رسميا، لما أثرت طريقة المشاركة في السلطة على أدائه الفعلي. ولكن لا تحظى «حكومة الوحدة» بأغلبية برلمانية ناتجة عن ائتلاف بين أحزاب متعددة.

توجد مشكلة أخرى. بمجرد اختياره رئيسا للوزراء، ما الذي سيجبر الرجل الذي حصل على المنصب على الاستماع إلى غني، الذي لعب ببطاقته الوحيدة، ولم يعد في مقدوره تغييره من دون إثارة أزمة؟ وإذا تم اختيار رجل آخر، قد ينتهي الحال بغني وعبد الله، الرجلين اللذين تنافسا في الانتخابات وفازا بجميع أصوات الجولة الثانية، بالتخلي عن السلطة الفعلية إلى شخص لم يكن مرشحا ولم يحصل على أي أصوات!

بعد أكثر من عقد، من الواضح أن النظام الرئاسي على الطريقة الأميركية والذي فرضه الأميركيون لا يتناسب مع الواقع السياسي في أفغانستان (في الواقع، لا يحقق النظام الرئاسي نجاحا كبيرا في أميركا أيضا). بل سوف تحقق أفغانستان نتائج أفضل كثيرا في ظل نظام برلماني، يعكس التنوع العرقي واللغوي والديني من خلال التمثيل النسبي.

بقدر ما أكره إصدار نبوءات - فهي مهمة العرافين وليس الصحافيين - لا يسعني سوى شعور بأن اتفاق غني وعبد الله لن يدوم لفترة أكثر من عام. لذلك يظل السؤال: ما هي أفضل طريقة لقضاء هذا العام؟

أعتقد أنه يجب القيام بـ4 مهام رئيسية.

أولا، يجب إجراء إصلاح دستوري يقدم نظاما برلمانيا في غضون إطار زمني معقول. ثانيا، توقيع معاهدة أمنية مع الولايات المتحدة. ثالثا، تقديم خطوة حقيقية للتطبيع مع باكستان. وأخيرا، يجب أن تسعى الحكومة الجديدة إلى إجراء مباحثات سلام موسعة مع أولئك الذين يرغبون في الانضمام إلى النظام السياسي الجديد من طالبان بدلا من أن تراودهم أحلام بتدميره.

 

arabstoday

GMT 09:18 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:48 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

السوشيال كريديت وانتهاك الخصوصية

GMT 07:40 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:39 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

من باب المندب للسويس والعكس صحيح

GMT 07:10 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«بيرل هاربر» التي لا تغيب

GMT 07:07 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كرد سوريا وشيعة لبنان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفغانستان شعاع ضوء أخيرا أفغانستان شعاع ضوء أخيرا



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab