نزار قباني في ذكراه

نزار قباني في ذكراه

نزار قباني في ذكراه

 العرب اليوم -

نزار قباني في ذكراه

جهاد الخازن

 لا تحرجيني يا بنفسجتي/ أشجار لوزك لا وصول لها/ وثمار خوخك فوق إمكاني/ لم يبقَ عندي ما أقدمه/ للحب/ غير صهيل أحزاني.

أغزالة بالباب واقفة/ من بعد ما ودّعتُ غزلاني/ ماذا تُرى أهدي لزائرتي/ شعري القديم/ نسيت قائله/ ونسيت كاتبه/ نسيت نسياني.

ما سبق مقطعان من قصيدة نزار قباني: هل تسمعين صهيل أحزاني، من كتاب شعر يحمل العنوان نفسه.

صديقي الحبيب نزار توفي في مثل هذا اليوم سنة 1998، وذكراه تعود إليّ سنة بعد سنة، وأعود معها إلى شعره، فعندي كتبه، بما فيها ديوان ضخم في ثلاثة أجزاء وأكثر من 2200 صفحة، وبضعة عشر كتاباً آخر منه أو عنه، وقصائده المنشورة في «الحياة» قبيل وفاته. ولعل القارئ يطلب «قصيدة مايا» فالكتاب في 29 صفحة فقط، بخط نزار، وهو يقول لي في الإهداء أنه يرجو أن أنسى مع مايا «عذابات مقالك اليومي». غير أنني اليوم أختار فقط من كتابه «هل تسمعين صهيل أحزاني» الذي أحتفظ منه بنسخة عليها الإهداء: الصديق العزيز جهاد الخازن، بحب وإعجاب. لندن 1/11/1991، نزار قباني.

هو يروي «خمسون عاماً من الشعر، سيرة ذاتية قصيرة»، فيحكي كيف: في مثل هذا الشهر (الكتاب صادر في أيلول - سبتمبر 1991)، قبل خمسين عاماً، هجم عليّ الشعر، لم يطرق الباب، ولم يستأذن، ولم يتكلم معي بالتلفون، فجأة وجدته في وسط الغرفة، جالساً على حقيبته الجلدية الضخمة كغجري ضائع العنوان.

نزار يقول في مقدمة الكتاب: ليس هناك مزاح مع الشعر/ فإما أن يعطيك الميدالية الذهبية/ وإما أن يسبب لك الذبحة القلبية. ثم يحكي كيف أصيب بذبحة قلبية سنة 1974 ودخل مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت قبل أن تشرده الحرب الأهلية اللبنانية.

عرفتُ نزار قباني في بيروت ولندن، وهو حافظ على وسامته وما بقي من صحته حتى أجريت له عملية في الورك، فغلبه العمر والمرض. وأذكر زيارة له في شقته في لندن، رافقت فيها الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، الذي حاول أن يستنهض همّته وعجز. وتوفي نزار بعد ذلك بأسابيع وعندي منه مقالات للنشر فقد كان يعتزم السفر، ولم يشأ الانقطاع عن الكتابة في «الحياة» فكان أن نشرناها بعد رحيله.

هو يشكو في مقدمة كتابه مما ألصِقَ به من صفات: شاعر المرأة، شاعر المراهِقات، شاعر المجتمع المخملي، شاعر الإباحية، الشاعر الفاجر، شاعر الهزيمة والإحباط. سأزيد له صفة أخرى هي شاعر الحب.

أكمل هذه السطور بمختارات من الكتاب بدءاً بما حمل العنوان «مدخل»: لا تقلقي يوماً عليّ إذا حزنت/ فإنني رجل الشتاء/ إن كنت مكسوراً ومكتئباً/ ومطوياً على نفسي/ فإن الحزن يخترع النساء.

من القصيدة «عملية تجميل»: أنا لا أحبك من أجل نفسي/ ولكن أحبك حتى أجمِّل وجه الحياة/ ولست أحبك/ كي تتكاثر ذريتي/ ولكن أحبك حتى تتكاثر ذرية الكلمات.

نزار يتحدث عن نفسه بصراحة. في «اعترافات رجل نرجسي» يقول: وبعد ثلاثين عاماً/ تأكدت أني أحبك/ بعد ثلاثين عام/ وأنك امرأتي دون كل النساء/ وأيقنت أن جميع الذي كان قبلك كان سراباً/ وكان احتلام.

ويُكمل: هي النرجسية قد دمرتني/ فكل العيون محطات ليل/ وكل النساء لديّ سفر/ أفتش فوق الخريطة عن وطن مستحيل/ فما من رصيف أنام عليه/ ولا من حجر.

وتبدأ القصيدة «مع صديقة في كافتيريا الشتات»: ومن بعد 50 عاماً/ دخلت وإياك أرض الشتات/ دخلنا إلى زمن عربي/ تخاف به الكلمات من الكلمات/ حقائبنا سُرِقت في الطريق/ فليس لدينا شطيرة خبز/ وليس لدينا شطيرة حب/ وليس لدينا قميص من الصوف نلبسه/ حين يأتي الشتاء/ وليس لدينا كلام جميل/ وليس لدينا شفاه ولا مفردات.

رحم الله نزار قباني ورحمنا معه.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزار قباني في ذكراه نزار قباني في ذكراه



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab