عيون وآذان سورية والانتحار السياسي

عيون وآذان (سورية والانتحار السياسي)

عيون وآذان (سورية والانتحار السياسي)

 العرب اليوم -

عيون وآذان سورية والانتحار السياسي

جهاد الخازن

لو أن النظام في سورية قرر الانتحار لما فعل أكثر مما فعل وهو يدافع عن وجوده، بدءاً بأحداث درعا حيث كان الحل في مجرد زيارة من الرئيس وقرينته، وانتهاء بجريمة الكيماوي في الغوطة، ما يذكرنا بحلبجة وكيف انتهى صدام حسين. الذكي مَنْ يتعلم من أخطائه، وأذكى منه مَنْ يتعلم من أخطاء الآخرين، والنظام السوري أثبت على مدى السنتين ونصف السنة أنه يعالج كل خطأ بخطأ أكبر منه، ويقدِّم رأسه على طبَق للأعداء. هناك أعداء للنظام، وأعداء للشعب السوري وللعرب والمسلمين جميعاً، والنظام في دمشق حقق لهم ما كانوا سيعجزون مجتمعين عن تحقيقه. لو أن حمص ضُرِبت بقنبلة نووية هل كان شكلها يختلف عمّا نرى الآن على التلفزيون؟ هل فعل الغزاة من نوع هولاكو أكثر مما فعل النظام والمعارضة الإرهابية بحلب؟ كانت سورية تنعم بأفضل تعايش يبن مذاهب مختلفة وطوائف وإثنيات، والنظام دمَّر اللُّحمة بين السوريين مع ما دمَّر. الجيش حامي الوطن استُخدِم لقتل المواطنين، والآن سنحت فرصة لتدمير هذا الجيش، فالتدخل العسكري الخارجي مسألة أيام بعد أن أعطى النظام القوى الخارجية العذر لتنفيذ مآرب استعمارية جديدة وإسرائيلية. وأصبح وزير الخارجية الأميركي جون كيري يقول إن الأدلة ضد النظام على استعمال الأسلحة الكيماوية ثابتة، وهذا قبل أن يقول محققو الأمم المتحدة رأيهم. هذا مع العلم أن تقريرَ مَنْ الطرفُ الذي استعمل الأسلحة الكيماوية هو للأمم المتحدة وحدها، كما أن لمجلس الأمن وحده حق الموافقة على تدخل عسكري. لا أتوقع جنوداً على الأرض، فالرئيس باراك اوباما يفضِّل أن يقتل المدنيين بطائرات من دون طيار، وهو سيرد على تهمة تبديد النفوذ الأميركي حول العالم بغارات جوية أو صاروخية على القواعد السورية ليصبح الجيش السوري ضحية أخرى من ضحايا النظام. هو ربيع إسرائيلي ما حلمت حكومة النازيين الجدد في إسرائيل بمثله، فجاءت أنظمة حمقاء وثورات أخرجها التطرف والإرهاب عن هدفها لتحقق أحلام إسرائيل. نحن أمام المشهد نفسه الذي انتهى بصدام حسين على حبل المشنقة، أو معمر القذافي قتيلاً في قناة للمياه المبتذلة. صدام حسين احتل الكويت وركب رأسه مع وجود تحالف من دول العالم و800 ألف جندي ضده، وخسر الحرب بشكل مذلّ، وانتهى بحصار، ثم غزو، وقَتْلِ مليون عراقي. المحافظون الجدد كانوا أرسلوا رسالة إلى بيل كلينتون يطالبونه باحتلال العراق ورفض، وهم كرروا الطلب في رسالة مماثلة إلى جورج بوش الابن ورفض، ثم جاء إرهاب 11/9/2001، وأعطى الأعداء العذر لتدمير البوابة الشرقية للعرب، وتسليم النفوذ فيها إلى نظام فارسي في طهران بغطاء ديني. وهكذا، يكون جهل الأنظمة تحالَفَ مع الإرهاب لخدمة أعداء العرب والمسلمين، والقاعدة حققت لإسرائيل ما يحقق لها اليوم النظام السوري، وما حقق قبله صدام حسين والقذافي وأمثال هذا وذاك (الاخوان المسلمون فشلوا في مصر إلا أنني لا أقارنهم بما أستعيد عن العراق وسورية وليبيا). مضى يوم عاصرناه جميعاً كان فيه نظام الدكتور بشار الأسد على علاقة جيدة بدول العالم في الشرق والغرب، وهو اختار أن يقدم تحالفه مع إيران على تحييد أميركا والتعامل مع الاتحاد الأوروبي. أين المنطق في التعامل مع دولة تواجه عقوبات دولية مكبِّلة وعقوبات إضافية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بدل الانفتاح على العالم كله؟ وإيران الآن تهدد بالرد على إسرائيل، فأتذكر تهديدات صدام حسين أيام احتلال الكويت. بالمناسبة، روسيا لا تؤيد سورية، وإنما تعارض (أو تعادي) الغرب، وتشجع على مزيد من الخطأ. وبالمناسبة أيضاً، حزب الله أخطأ بدخول الحرب الأهلية السورية، وأتمنى أن يجد السيد حسن نصرالله مخرجاً قبل فوات الأوان، مع العلم أنني أؤيد حزب الله ضد إسرائيل، أخطأ أو أصاب. السوريون وهم يرون التهديدات القريبة بتدخل عسكري، يتقلبون بين الفرح والحزن، الفرح بضرب النظام والحزن على ضرب وطنهم. وفي حين أن ضربة واحدة ضد أهداف عسكرية لن تُسقط النظام، فهي حتماً ستُضعفه، واحتمال انقلاب من الداخل ممكن، إلا أنه ليس كبيراً، فالنظام وضع أنصاره في موضع الدفاع عن أنفسهم أكثر من الدفاع عن نظام خذل نفسه وشعبه وأمته. هذا النظام وافق على محققين دوليين وصلوا على خلفية حالات سابقة من استعمال الأسلحة الكيماوية واستقبلهم بعملية تفوق العمليات السابقة مجتمعة. هو انتحار سياسي ضحيته الأولى والأخيرة الشعب السوري.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان سورية والانتحار السياسي عيون وآذان سورية والانتحار السياسي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab