الشرق الأوسط الغائب عن المناظرة

الشرق الأوسط الغائب عن المناظرة

الشرق الأوسط الغائب عن المناظرة

 العرب اليوم -

الشرق الأوسط الغائب عن المناظرة

بقلم - مأمون فندي

طوال ساعة ونصف من المناظرة الرئاسية الأخيرة المثيرة والحاسمة في تحديد الأجندة والأولويات المحرِّكة للناخب الأميركي لم تُذكر عبارة الشرق الأوسط ولو مرة واحدة. فماذا يعني غياب الشرق الأوسط عن المناظرة الرئاسية الأخيرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومنافسه نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن؟ الناظر من منطقتنا ربما يتصور أن ما يحدث في الشرق الأوسط من حرب أو سلام قد يؤثر على قرار الناخب الأميركي، لكن الحقيقة مخالفة لذلك تماماً، إذ لم يجد الشرق الأوسط كله لنفسه مكاناً في حبكة القصة الأميركية التي تشكِّل وعي الناخب الأميركي في التصويت لصالح ترمب أو بايدن. بداهةً هذا لا يعني أن الشرق الأوسط ليس بالمنطقة المهمة في الواقع، فالشرق الأوسط منطقة بالغة الأهمية لأمن الطاقة العالمي وقضايا كثيرة أخرى، لكنّ هذه الأهمية لا تقترب أبداً من أولويات الناخب الأميركي الذي تحرِّكه قضايا الصحة والتعليم والبطالة والاقتصاد بشكل عام. هنا قد يتساءل القارئ: إذا كان الأمر كذلك وأن القضايا الخارجية ليست مهمة فلماذا تنفق اللوبيات المختلفة أموالاً طائلة لدعم حملات المرشحين، فلماذا تدعم اللوبيات اليهودية مثل «إيباك» مثلاً هذه الحملات إذا كان الشرق الأوسط كله ليس مهماً؟ هذا سؤال سأجيب عنه في نهاية هذا المقال. النقطة الرئيسية هنا هي أن الناخب الأميركي يصوّت للقضايا الداخلية، والحرب والسلم مهم بالنسبة إليه إذا كان يمسه بشكل شخصي ومباشر، بمعنى إرسال ابنه لدخول حرب خارج الحدود قد يخسر فيها حياته. غير ذلك تبقى قضايا الخارج محدودة أو عديمة التأثير في اختيار الناخب الأميركي لرئيسه.
يمكنك أن تقول إن الناخب الأمريكي منغلق على نفسه ولا يهتم بالسياسة الخارجية، أو إن من اتفقوا على أسئلة المناظرة الأخيرة لا يهتمون بما يحدث خارج أميركا، كل هذا جائز، ولكن ما نعرفه حقيقة عن السياسة أنها في معظمها محلية وأن الأطراف الخارجية مهما كانت قدراتها، فإن تأثيرها محدود على خيارات الناخب الأميركي.
يمكن مناقشة الدور الخارجي في إطار قضايا الأمن القومي، وهو الجزء الذي خصصت فيه مديرة المناظرة كرستين والكر، وقتاً لتدخل روسيا والصين وأُضيفت إليهما إيران هذه المرة، وهي الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي ذُكرت بشكل عابر ولمرة واحدة في المناظرة، غير ذلك لم تُذكر عبارة الشرق الأوسط في المناظرة الرئاسية الأخيرة ولو مرة واحدة. إذ تركز الحديث في محور السياسة الخارجية على الصين وروسيا وكوريا الشمالية، فإنه حتى في هذا الأمر كان المرشحان يعودان مرة أخرى إلى السياسة الداخلية، وأي الدول التي دفعت أموالاً لابن جو بايدن، أو هل كان لترمب حساب سري في بنوك الصين.
رغم أن الانتخابات الأميركية تحظى باهتمام عالمي بصفة أميركا قوة عظمى تؤثر سياساتها على معظم مناطق العالم، فإن هذا العالم لا يحظى بذات الأهمية في ذهن الناخب الأميركي. أي أن السياسة الخارجية تبقى دوماً هامشية في الانتخابات الأميركية، مهما تصورت الأطراف الخارجية أنها مهمة كحليف أو عدو لأميركا. انتخابات الرئاسة الأميركية يكسبها أو يخسرها المرشحون بناءً على أجندتهم الداخلية. إذ خسر بوش الأب الانتخابات رغم انتصاره في تحرير الكويت، وكان شعار حملة كلينتون يومها «إنه الاقتصاد يا غبي» هو الشعار الحاسم في مصير الانتخابات الرئاسية. الرئيس الأسبق جيمي كارتر أيضاً خسر الانتخابات رغم إشرافه على معاهدة سلام تاريخية بين مصر وإسرائيل كانت الأولى من نوعها. فهل بعد هذا يتصور البعض أنه قادر على أن يرجّح كفة مرشح رئاسة أميركي على كفة الآخر بناءً على دعم سياسي خارجي؟ الدعم الذي يؤثر في الانتخابات الأميركية هو الدعم المالي لا الدعم السياسي، وفي هذا تتفوق اللوبيات خصوصاً اليهودية منها، فهم يدعمون حملة المرشح بغضّ النظر عن القضايا المطروحة محلياً، يساعدون المرشح في الترويج لحملته بناءً على أجندته الداخلية والتي ستأخذه إلى البيت الأبيض، ومتى ما وصل الرئيس إلى البيت الأبيض وشكّل حكومته، هنا تبدأ عملية الحساب والفواتير التي يجب على الإدارة الجديدة تسديدها للوبيات التي دعمتها لتصل إلى البيت الأبيض.
إذن دعم المرشح لا يكون لتبني قضايا خارجية في حملة داخلية، ولكن من أجل دعم رئيس تبادلهم حكومته فيما بعد المصالح من خلال قرارات تصبّ في صالحهم، مثل قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس الذي اتخذته إدارة دونالد ترمب.
دعم الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة يتطلب فهماً لميكانزمات المجتمع الأميركي وكيف يعمل عقل الناخب الأميركي والعوامل التي تؤثر في قراره.
احتل «كوفيد – 19» مركز الدائرة في المناظرة الأخيرة في ناشفيل بولاية تينيسي في الجنوب الأميركي، وبعدها أو معها جاء الاقتصاد. كانت أيضاً صفات القيادة أساسية في تلك المناظرة، وكانت الأسئلة تصب في معرفة القدرات العقلية لرجلَين تخطى كل منهما سن السبعين ومدى صلاحيتهما الذهنية لقيادة القوة العظمى التي تنافسها الصين بشراسة على قيادة العالم.
الخارج بالنسبة للانتخابات الأميركية يبقى خارج اهتمامات الناخب الأميركي أياً كانت تصوراتنا عن مدى أهمية قضايانا.
إذن غياب الشرق الأوسط عن المناظرة الأخيرة يأتي ليس لأنه ليس مهماً، فقد غابت أوروبا وغابت أميركا اللاتينية باستثناء قضايا الهجرة التي هي داخلية في الأساس. غياب الشرق الأوسط يبقى ضمن غياب الخارج في انتخابات أساسها كانت دوماً القضايا الداخلية ولا شيء غيرها.

arabstoday

GMT 05:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 08:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

حرية الصحافة!

GMT 08:54 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أشغال شقة (الكوميديا) الطازجة!

GMT 08:51 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أظرف ما فى الموضوع

GMT 08:47 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

سجال فتح وحماس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط الغائب عن المناظرة الشرق الأوسط الغائب عن المناظرة



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 12:44 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 03:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:37 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:19 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

بيروت - جاكلين عقيقي

GMT 05:57 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:27 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:32 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:22 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:17 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:51 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:01 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab