أوباما في آخر الفيلم

أوباما في آخر الفيلم

أوباما في آخر الفيلم

 العرب اليوم -

أوباما في آخر الفيلم

مأمون فندي

عندما جاء باراك أوباما إلى البيت الأبيض كتبت مقالا بعنوان «الأمل» من أغنية أم كلثوم، على أمل أن أوباما سيغير رؤية الولايات المتحدة والعالم تجاه الملونين وقدرتهم على إدارة الشؤون العامة.. هذا كان في أول الفيلم، وأما ونحن في آخر الفيلم وأوباما في طريقه إلى الخروج من البيت الأبيض فلا بد من إعادة التقييم، ليس إعادة تقييم أوباما بل إعادة تقييم قدرتي على التحليل السياسي. كتبت يومها أيضًا مبررًا لماذا سأصوت لأوباما، وقلت إن «مسألة التصويت في الانتخابات الأميركية هي قرار شخصي صعب، ولطالما صوّت مستقلاً غير ملتزم بالأحزاب، ومنحت صوتي لمن أراه يستحقه في اللحظات الأخيرة بعد تفكير مضن». بكل صراحة أقول: «لم أكن في بداية هذه الحملة الانتخابية الرئاسية للوصول للبيت الأبيض متحمسًا للمرشح الرئاسي الديمقراطي باراك أوباما، شاب أسمر طموح تخرج في كبريات الجامعات الأميركية وأتقن سياسة المواربة، باختصار شاب أسمر (شاطر)، قابلت مثله أكثر من مرة في أميركا، مع الإشارة إلى أن ليس كل الشطارة فهلوة. السبب الرئيسي لعدم حماستي له أنني لست مقتنعًا بسياساته بقوة، وكلنا نعلم أن السياسات لا يرسمها المرشح بقدر ما يرسمها المختفون في الظل من ورائه، ومع ذلك قررت أخيرا أن أصوت لباراك أوباما».
لو انتخب أوباما ستكون لحظة الحسم التي يمكن فيها للمجتمع الأميركي أن يعلن للعالم أنه مجتمع قد تجاوز شروره وانتقل إلى مجتمع ما بعد العرق (post – racial society)، وأنه ليس مجتمعًا عنصريًا كما هي الصورة السائدة عنه في الأذهان حتى هذه اللحظة.
كان لديّ شك كبير في فوز أوباما بالرئاسة، وكتبت ما معناه أنه وعندما يصل الأمر إلى أن يجلس في البيت الأبيض رئيس أسود، سوف تستيقظ العنصرية المبنية على اللون. ولن يفاجئني أبدًا أن يصوت كثير من الأميركيين ضد أوباما للونه فقط، كما سيصوت كثيرون لأوباما للونه فقط أيضًا، وأنا منهم، إلا إذا استطاع المجتمع الأميركي، وهو من المجتمعات الحية القادرة على إعادة تصحيح مسارها، والقادرة على نقد الذات وتقييمها من دون تمسك بمعتقدات بالية، أن يتحرر من عنصريته. وبالفعل تحرر المجتمع الأميركي من عنصريته ولم يتحرر أوباما من عقدة النقص.
المجتمع الأميركي بلا شك قطع أشواطًا أبعد بكثير من غيره من المجتمعات الغربية والشرقية في مسألة اللون والعرق. فمنصب وزير الخارجية الأميركية تقلده اثنان من السود الأميركيين على التوالي وفي إدارتين مختلفتين ديمقراطية وجمهورية، وهما كولن باول وكوندوليزا رايس، ومن بعدهما سوزان رايس مستشارة الأمن القومي، وهذا أمر بعيد المنال في القارة الأوروبية مثلاً. إلا أن التردد بوصفها سمة لسياسات الأقليات كان الصفة السائدة لإدارة أوباما.
أعطى المجتمع الأميركي لأوباما فرصتين، ومع ذلك فشل في تغيير فكرة الرجل الأبيض على ما يبدو عن الرجل الملون وقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة.
لم يتخذ أوباما في سوريا مثلا قرارًا جريئًا يشبه قرار كلينتون في البوسنة التي أوصلتنا إلى اتفاق دايتون بقيادة الأسطوري ريتشارد هولبروك. أوباما في سوريا أعاد البوارج من عرض البحر بعد أن اتخذ قرار الحرب، تردد أوباما وكان في تردده رسالة على قدرة الرجل الملون على اتخاذ القرارات الصعبة.
أوباما بعد أن اشتعل منه الرأس شيبًا بدا مسالمًا وكأنه قائد دولة من الدرجة الثانية وليست الدولة العظمى الوحيدة في النظام الدولي الحالي.
سحب أوباما القوات من أفغانستان والعراق ومعها سحب كل أوراق أميركا الاستراتيجية فيما سمته كوندوليزا رايس «الشرق الأوسط الكبير».
أثبت أوباما للغرب عدم جدارة الرجل الملون على القيادة رغم إعطائه فرصتين، وأعرف أن هذا حكم قاس، ولكن في عالم السياسة لا بد وأن يكون للرجل لون واضح؛ إذ لا يمكن أن تكون كل شيء لكل الناس، وتلك كانت مأساة أوباما ومعه مأساة الرجل الملون كونه جديدًا على الحكم في بلاد الحكم الديمقراطي.
أوباما في آخر الفيلم غير أوباما في أول الفيلم، في أول الفيلم كان أوباما يمثل الأمل، أما في آخر الفيلم فأوباما يمثل قمة الإحباط، وفي الفجوة بين الأمل والإحباط تكمن مأساة الملونين.
في أول الفيلم حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام، وفي أول مواجهة مع فيلاديمير بوتين استحق أوباما جائزة نوبل للاستسلام.
أعرف أن في هذا المقال قسوة على رئيس ملون، أنا شخصيا منحته صوتي، على أمل، ولكن خاب الأمل، وفي القسوة إحسان درس لمن يعتبر. أوباما في آخر الفيلم غير أوباما في أول الفيلم، وأثبت أن الفيلم كله ليس هوليووديًا، بل بوليووديًا، أو بالعربي «فيلم هندي». باي مستر أوباما، باي باي مستر برزدنت.

arabstoday

GMT 06:31 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 06:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 06:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 06:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 06:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

GMT 06:14 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

حرية المعلومات هى الحل!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما في آخر الفيلم أوباما في آخر الفيلم



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab