متى يدرك أوباما حقيقة النظام الإيراني

متى يدرك أوباما حقيقة النظام الإيراني؟

متى يدرك أوباما حقيقة النظام الإيراني؟

 العرب اليوم -

متى يدرك أوباما حقيقة النظام الإيراني

متى يدرك أوباما حقيقة النظام الإيراني؟
هدى الحسيني

يريد الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل نهاية ولايته أن يحقق شيئًا، لكنه سيحصد العكس، خصوصًا في ما يتعلق بالحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل؛ لأنه سيدفع بكل الأطراف العربية إلى البحث عن السلاح النووي.
يعتقد الرئيس أوباما أنه يستطيع أن يتوصل إلى ما يريده مع إيران، ويواصل وكأن الجانب العربي - السني غير متأثر؛ لأنه يظن أن باستطاعته إقناع العرب بأن ما يقوم به هو الأفضل لهم، قد يعتقدون أنه مضر لهم، لكنهم لا يعلمون ما يناسبهم، وبالتالي، فإن ما يقوم به هو بمثابة المعروف. وجاء هذا واضحًا في مقال روجر كوهين في «نيويورك تايمز» (14 مايو/ أيار، الحالي) بعنوان «لحظة العربي الغاضب»؛ حيث ينصح أوباما، في رد على هذا الغضب والقلق، بأن يحافظ على التمسك بإيران «ويرفض أن يمسك بالأيدي السعودية».
المشكلة أن أوباما يعتقد أن صاحب العلاقة لا يفهم مصلحته، وبالتالي هو من موقعه يفهمها أكثر. ربما اعتقد في قمة «كامب ديفيد» أنه أقنع قادة وكبار ممثلي دول الخليج بما يردده دائما من أن إيران من دون قنبلة أفضل، أي تصوروا ما كانت ستصبح عليه لو ظلت في طريقها للحصول على السلاح النووي، وكأن الحالة: إما الموافقة من قبلكم على صفقة أميركية مع إيران، أو القنبلة، وليس أن هناك وسيلة أخرى لمنعها. وكأنه يقول إن العمل العسكري غير وارد، وأيضًا لا مقاطعة إضافية، رغم أن كل الأطراف المهددة من إيران تعرف أن معادلة «إما الصفقة أو الحرب» معادلة غير صحيحة؛ لأن هناك المقاطعة الإضافية والمقاطعة الاقتصادية التي تشل.
يغطي أوباما على المقاطعة الاقتصادية ويكرر أنه من دون «الاتفاق»، والموافقة عليه، فإن دول المنطقة، خصوصًا دول الخليج، ستبقى عرضة لإيران ولكل تدخلاتها الإقليمية التي تزعزع الاستقرار، إضافة إلى القنبلة.
هذا الطرح استخفاف بعقول الأطراف الأخرى. أما لماذا الاتفاق مع إيران جيد في نظر الرئيس الأميركي.. فلأنه يعتقد أن إدخال إيران إلى النظام العالمي يضطرها إلى تغيير تصرفاتها، وأن من سيستفيد من هذا الاتفاق في إيران هم المعتدلون الذين سيغيرون السياسة الإيرانية. وهذا غير صحيح أيضا؛ لأن من سيبرزون بعد الصفقة هم المتشددون ليحافظوا على النظام بكامل أطروحاته الآيديولوجية (مقال راي تقيه في «فاينانشيال تايمز»، بتاريخ 10 مايو الحالي). على الأقل طرح أوباما غير مؤكد.
الغريب أن الرئيس أوباما يعتقد أن من يصغي إليه لا يدرك مصلحته، وهذه قمة الإمبريالية، عندما يتظاهر بأنه يعرف ما المفيد للأطراف الأخرى أكثر منهم. قد يكون متأثرًا بطرح الأبيض الأميركي سابقًا للمواطن الأسود: «أنا أعرف مصلحتك أكثر منك». حتى لو اعتقد، حسب حساباته ومنطقه، أنه يعرف، فإنه لا يعرف واقع المنطقة. رأينا كيف حذر العراقيون الشيعة والسنة والأكراد إدارة أوباما من خطر نوري المالكي، الذي كان خسر الانتخابات النيابية، بأنه رجل ديكتاتوري يكره السنة، لكن أوباما قرر أنه الرجل المناسب، وما يعيشه العراق حتى اليوم أنه يدفع حساب ما ارتكبه المالكي الذي كان مدعومًا من أوباما، ونائبه جو بايدن، وبالطبع من إيران، هذا كي لا نقول إن الرئيس الأميركي ضحى بالعراق والعراقيين ومستقبلهم كي لا يفقد تحقيق الصفقة مع إيران.
بالطبع لن يوجه إليه أحد من الأطراف المعنية رسالة مفتوحة يقول فيها إنه يعرف لماذا استخفاف أوباما بقضاياه، لكن هذا ما سيحصده لاحقًا، وقد بدأ رد الفعل: استخفاف مقابل استخفاف. وظهر هذا في قمة «كامب ديفيد» حيث فضل أحد المدعوين حضور سباق أحصنة في لندن. 
حلم أوباما بالنسبة للمنطقة قاله في حديثه إلى ديفيد ريمنيك («نيويوركر» يناير/ كانون الثاني الماضي).. قال: «إذا استطعنا تحقيق توازن ما بين السنة والشيعة، فسنصل إلى وضع رائع، وسيتحول الصراع إلى منافسة بين الجانبين من دون حروب بالوكالة». هذه العبارات كررها في عدة مناسبات أخرى، وهي تتضمن اعترافه بأنه يعرف أن إيران تمارس الإرهاب والعمليات السرية، وتتدخل في شؤون الدول الأخرى. هو لم يذكر هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، إنما لمح إلى ما قام به الأخير مع الاتحاد السوفياتي والصين، حيث حقق «الوفاق»، بمعنى أنه «شارك» الدولتين في إدارة العالم.. أعطاهما الاحترام فتوقفتا عن تصدير الثورات الشيوعية. أوباما يريد أن «يشارك» إيران.
في مقال نشره كيسنجر وجورج شولتز (وزير خارجية أميركي أسبق) في «وول ستريت جورنال» (7 أبريل/ نيسان، الماضي) جاء: «... مع استعداد الدول السنية لصد الإمبراطورية الشيعية، فإن توازن القوى لن يفرض نفسه بشكل طبيعي نتيجة للتنافس الإيراني – العربي. وحتى لو كان هذا هدفنا، فإن النظرية التقليدية لتوازن القوى تتطلب تعزيز الجانب الأضعف، وليس دعم القوة البارزة أو التوسعية». عندما يذكر كيسنجر يذكر على الفور مثله الأعلى في السياسة، وزير الخارجية النمساوي في القرن التاسع عشر «مترنيخ»، الذي أسس للنظام الدولي الأوروبي بعد الحروب النابليونية. لم يدفع مترنيخ بفرنسا إلى الزاوية أو اعتبرها دولة منبوذة رغم كل حروبها على أوروبا، بل على العكس أدخلها النظام الدولي الأوروبي الجديد في القرن التاسع عشر.
مبدأ الرئيس أوباما ينص على معالجة الدولة المنبوذة بطريقة إيجابية، أي بإشراكها. وهناك من يقول: «آتي بالمجرم وأجعله رجل شرطة، فتهدأ الأمور نحو الأحسن». أوباما يعرف كل ما تقوم به إيران، لكنه مصر على موقفه. لكن يجب التذكير بأن فرنسا زمن مترنيخ كانت مهزومة، والاتحاد السوفياتي زمن كيسنجر كان مرهقا، وكانت الصين جاهزة. طرق كيسنجر بابيهما فرأى دولتين مستعدتين. أما إيران فليست جاهزة، إنها بحاجة إلى تصدير الثورة، فهذه حاجة حيوية لها؛ لأنها تمثل الأقلية مقابل 90 في المائة، وتحتاج إلى التوسع للمحافظة على نظامها القائم على تصدير الثورة.
إيران اليوم لن تراجع مواقفها ولن تغير توجهاتها، وأوباما لا يستطيع تحقيق التوازن، على الأقل لأن الطرف الآخر لن يسمح بالتوازن، لا سيما بعدما أدرك أن أوباما يقف مع إيران ضده، أي مع أقلية توسعية، ويغض النظر عن توسعها؛ لأنه يفكر في تحقيق التوازن. هناك توازن بين أميركا وروسيا والصين، لكن مع إيران إقليميا لا يوجد توازن. وقد بدأ الرد السني على إيران: كانت الضربة الأولى في البحرين، والضربة الثانية في اليمن، والضربة الثالثة آتية في سوريا، والرد الإيراني يأتي بتكفير الآخرين، مثل قول خامنئي يوم السبت الماضي: «من يرتكب المجازر في اليمن هو بعض الدول التي تسمى (مسلمة)، ولكن غرر بها»، أو تصريح الرئيس حسن روحاني «رائد المحادثات الأميركية - الإيرانية»؛ حيث قال في اليوم نفسه تعليقا على قمة «كامب ديفيد»: «كان يتعين على قادة مجلس التعاون الخليجي الذهاب إلى (معسكر محمد)؛ لأن الملاذ ليس في (كامب ديفيد)، ولكن في معسكر النبي محمد والقرآن». إذن التوازن الذي تدعيه إدارة الرئيس أوباما غير موجود، بل يدفع إلى تحريض إيران.
ونعود إلى أوباما؛ أراد التوازن من أجل السلام، لكنه للأسف يضع الأسس لحرب ستستمر عقودا بين السنة والشيعة. ثم إن كيسنجر عندما أعطى الشراكة للصين والاتحاد السوفياتي قدم تنازلات أميركية لجذبهما، أما الآن فإن أوباما يقدم تنازلات على حساب بقية الدول الأخرى في المنطقة ويهدد استقرارها. وهذا يترابط مع اعتقاده بأنه «يستطيع». كان شعار حملته الرئاسية الأولى «نعم نستطيع»، ولم يتغير شيء. والآن في علاقاته مع الدول العربية السنية بشكل خاص، يعتقد أنه يستطيع إقناعهم بأنه يعرف مصلحتهم أكثر منهم. ردوا عسكريا لمواجهة التوسع والتمدد الإيرانيين، وهذا أثار رعب إيران لأنها تعرف أبعاد هذه الحرب. كانت إيران تردد أنها لم تهاجم أحدا في السنوات الـ350 الماضية، هذا صحيح تقريبا؛ لأنه ليس من مصلحتها، ثم إنها لا تجرؤ؛ لأن العواقب وخيمة. استعجال الرئيس أوباما بالانسحاب عسكريا من العراق نرى نتائجه المخيفة أمام أعيننا، ونرى أيضا نتائج تردده في التدخل في سوريا.. في الدولتين أعطى حرية التحرك لإيران.
وعندما تسمع دول الخليج العربي تصريحات جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، بعد سقوط الرمادي، بأن القوات العراقية ستعيد انتشارها، وهو واثق بأنها ستستعيد الرمادي، أو تسمع كيف أن «داعش» يهدد تدمر السورية، أهم مدينة أثرية في العالم، فيما العالم يتنادى ليعرف كيف يحمي عاصمة الحضارة الآشورية، فستتأكد أن أفضل ما قامت به كان «عاصفة الحزم» لإبعاد إيران عن أبوابها، وكي لا يأتي لاحقا وزير خارجية أميركي يقدم وعودا بأنه ستتم استعادة مدن خليجية سقطت ودُمرت، وأنه واثق من ذلك!

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى يدرك أوباما حقيقة النظام الإيراني متى يدرك أوباما حقيقة النظام الإيراني



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab