أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب!

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب!

 العرب اليوم -

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب

هدى الحسيني

تستعد مجموعة من نحو عشر دول غربية لتعزيز علاقاتها مع السودان وفقا لمصادر دبلوماسية أفريقية شاركت في تأمين الاتفاقات الأخيرة بين السودان وجنوب السودان في قمة أديس أبابا. في 27 من سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي أعقاب قمة استمرت أربعة أيام وقع الرئيس السوداني عمر حسن البشير ورئيس جنوب السودان سيلفا كير تسع اتفاقيات تهدف إلى تسوية النزاع بين البلدين حول قضايا النفط والأمن والشؤون الاقتصادية. الاتفاقات حققت خرقا بعد مفاوضات مكثفة أجريت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي ودعم قوي من خلف الكواليس من شركاء أوروبيين. الفريق الذي توسط في هذه المفاوضات ترأسه ثابو امبيكي الرئيس السابق لجنوب أفريقيا بمساعدة كبيرة من الاتحاد الأوروبي والنرويج، وكانت كاثرين أشتون ممثلة الشؤون الخارجية والسياسية الأمنية الأوروبية حثت الأطراف على حل قضاياهم في إطار خارطة الطريق والاتحاد الأفريقي وحسب قرار مجلس الأمن 2046. لم تتم تسوية كل القضايا العالقة بين الخرطوم وجوبا والخلافات السياسية بين البلدين يمكن أن تؤدي إلى نسف الاتفاقات المبرمة. لكن متجاوزة كل هذه المصاعب، بدأت دول أوروبية وضع خطط ملموسة لتوسيع نطاق العلاقات، التي لن تكون محصورة فقط بالطابع الاقتصادي، حيث ستستفيد منها الخرطوم، وذلك من أجل تعزيز الاستقرار في تلك المنطقة المضطربة. المطلعون على حقيقة الأوضاع داخل السودان، متأكدون من أن الحكومة السودانية مستعدة للتجاوب مع العروض الغربية لأن البلاد تحتاج إلى دعم خارجي وسط التحديات الداخلية التي تواجهها من الديون الداخلية إلى الميليشيات المنشقة، كما لوحظ استعداد المسؤولين السودانيين في الآونة الأخيرة للتجاوب مع الغرب على الرغم من التصريحات المتحدية التي تنطلق من الخرطوم. وحسب المصادر الأفريقية، فإن الدبلوماسيين الغربيين الذين ناقشوا مسألة الديون اعترفوا بأنه لا يمكن تطبيع العلاقات بالكامل (مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال البشير)، إلا أنه يمكن تعزيزها بشكل كبير. وتلقت المصادر الأفريقية إشارات واضحة من النرويج ومن مسؤولين أوروبيين آخرين، بأن رفع مستوى العلاقات سيصب في التعاون الاقتصادي الذي يستفيد منه السودان إلى حد لافت. الدعم الغربي للسودان سيتكون من عدة عناصر: أولا، وفي أعقاب الاتفاق النفطي بين السودان وجنوب السودان، ستلتزم الدول الغربية بمساعدة السودان على تطوير مصادر النفط وتطوير الإنتاج والتكرير. الجزء الأكبر من التزامات السودان الآن هو مع الصين، لكن مع تعزيز العلاقات فإن الدول الغربية تريد شراء المزيد من النفط من كل من السودان وجنوب السودان. معظم المناطق المنتجة للنفط تقع حاليا في جنوب السودان، لكن كل أنابيب النفط تمتد في شمال السودان، ويتم شحن النفط إلى البحر الأحمر عبر بورسودان، ووفقا لشروط اتفاق السودان مع جنوب السودان، تدفع حكومة جوبا للخرطوم 10 دولارات بدل نقل كل برميل، وهكذا يستفيد السودان لاحقا من أي زيادة من الدول الغربية على طلب نفط جنوب السودان أو منه. ثانيا، يقول دبلوماسيون أفارقة، إن الدول الغربية سوف تلتزم بإتمام الدعم الاقتصادي الحالي لجنوب السودان بمبادرات يستفيد منها السودان للازدهار ولتخفيض ديونه البالغة 40 مليار دولار، وهذا مدعاة قلق للغرب، ثم إن الغرب يتخوف من ردود فعل شمال السودان إذا لم يتم توفير الحوافز له تماما كجنوب السودان. بالإضافة إلى المساعدة في إنتاج النفط، تنوي الدول الأوروبية مساعدته في اكتشاف الذهب الخام واستخراج المعادن الأخرى، وتوقف كثيرون أمام إعلان البشير في شهر سبتمبر عن افتتاح أول منجم للذهب في السودان. على هذا الأساس (نفط وذهب ومعادن) وكجزء من «صفقة جديدة للسودان»، تستعد الدول الغربية لتقديم زيادة كبيرة من المساعدات الثنائية لحكومة البشير، خصوصا بعدما خسر البشير مساعدة صندوق التنمية الأوروبي والمقدرة بـ300 مليون يورو ما بين 2008 و2013، ويرغب الغرب في تقديم مساعدة مباشرة للسودان بعد تضاعف التحديات التي يواجهها لا سيما إثر خسارته الجزء الأغنى من الأرض في الموارد الطبيعية لتتشكل دولة جنوب السودان في يوليو (تموز) من عام 2011. أيضا، لوحظ وجود ملموس لتعاون أمني بين أجهزة الاستخبارات الغربية وجهاز الاستخبارات السوداني ضد «القاعدة» ومجموعات إرهابية أخرى، وحسب المصادر الأفريقية، فإن هذا التعاون الأمني سيتوسع بالتوازي مع تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية. ويذكر أن الميليشيات والمجموعات المتمردة في أجزاء من السودان والمناطق المحيطة حيث الصراع مستعر، ترتبط بعلاقات مع مجموعات إرهابية معادية للغرب، لغرض الحصول على الأسلحة والمعدات العسكرية، وليس لارتباطات آيديولوجية. جزء من إعادة النظر في السياسة الأوروبية تجاه السودان قائم على الاعتقاد بأن توثيق العلاقات سوف يخفف من الأزمات الإنسانية الناجمة عن المشكلات الدموية الدائرة في دارفور وأبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وهذا بدوره يخفف من الضغط على حكومة الخرطوم. وتقول المصادر الأفريقية، إن الدول الغربية تريد أن يحافظ السودان على موقع ذي نفوذ بين الدول العربية في المنطقة، خصوصا في ظل التغييرات السياسية القائمة الآن في شمال أفريقيا. إن المشكلات الاقتصادية واحتمال انتشار التوتر في السودان والآثار المترتبة من كل هذه العوامل ستسبب خطرا على المصالح الغربية بدءا من مصر إلى القرن الأفريقي، وكينيا وأوغندا، من هنا تأتي الرغبة الغربية في رؤية السودان مستقرا وناميا. أما بالنسبة إلى توقيت المبادرة، فيقول الدبلوماسيون الأفارقة إنه استنادا لاتصالاتهم الغربية، أدركوا أن السودان مستعد لاتخاذ خيار استراتيجي من شأنه أن يحقق فائدة موضوعية للخرطوم، بدلا من عزل نفسه والاقتراب أكثر وأكثر من حكومات ومجموعات متطرفة، إن كان في أفريقيا أو في الشرق الأوسط وهي بطبيعتها معادية للمصالح الغربية. وبالنسبة إلى الاقتصاد وبالتحديد الطاقة، فإن الدول الغربية تنوي تنويع مصادر إمداداتها من النفط، ومن هنا يأتي اهتمامها بنجاح الاتفاقيات بين حكومتي الخرطوم وجوبا. تقييم الاتحاد الأفريقي، الذي رعى يوم الاثنين الماضي لقاء جديدا بين الخرطوم وجوبا في أديس أبابا لاستكمال المفاوضات، هو أن السودان سوف يتجاوب مع الخطط الغربية. إذ إلى جانب المكاسب الاقتصادية، فإن المسؤولين في الحكومة السودانية عملوا بشكل جيد مع نظرائهم الدوليين بما في ذلك المفاوضون الغربيون للتوصل إلى السلسلة الأخيرة من الاتفاقات. وقد شهد وراء الكواليس «تغييرا في النهج ومواقف أكثر انفتاحا» من قبل السودانيين، الأمر الذي سهل التوصل إلى الاتفاقات. ويرى الاتحاد الأفريقي أن الوقت مناسب للتواصل الغربي مع السودان، ويعتقد أن حكومة البشير على استعداد لتعاون بناء في المسائل الأمنية والسياسية والاقتصادية بشكل لم يكن متوفرا في السابق. من ناحيتها أقدمت الولايات المتحدة على عقوبات من جانب واحد بحق السودان منذ توقيع الاتفاقيات، لأن الصراعات والمسائل الإنسانية لا تزال تحول دون التطبيع، ومع ذلك، ووفقا للمصادر الأفريقية فإن الدول الغربية مستعدة لمراجعة هذا الموقف في سياق التطورات الجديدة. في النهاية، وعلى الرغم من الإنجازات التي تتحقق في أديس أبابا، لم يتمكن الطرفان من التوصل إلى شروط مقبولة من كل منهما بشأن وضع ست مناطق حدود متنازع عليها. تمتد الحدود بينهما حتى 1800 كلم، وبانتظار التوصل إلى اتفاق على مناطق حدودية آمنة ومنزوعة السلاح، وأن يتم تقاسم النفط على نحو مستدام، فإن جميع الاتفاقيات تظل، من الناحية السياسية عرضة للانهيار. إن للنفط رائحة العطر عند الغربيين، فكيف سيكون حال وساطتهم إذا ما أضيف الذهب إلى النفط! وما بين سفن عسكرية إيرانية، أو استقرار وازدهار ومستقبل، هل سيحتار السودان في الاختيار؟ نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab