بقلم : طارق الحميد
هذا خبر أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مثير للسخرية، ودليل على عدم جدية النظام الإيراني الذي يحاول البعض في الغرب تلميعه، حيث قامت السلطات الإيرانية بإتلاف مائة ألف طبق لاقط للقنوات الفضائية بحجة أنها مخالفة للأنظمة، وتهدد القيم الأخلاقية، والثقافية، للمجتمع! تفعل إيران ذلك في الداخل بينما تواصل فتح، وتمويل، القنوات الفضائية الناطقة باللغة العربية بمنطقتنا، عدا عن الصحف، والمواقع الإخبارية، والوكالات، ومعرفات عدة في «تويتر»، منها ما هو واضح، ومنها ما هو مزور، هدفها بث الفرقة في منطقتنا، وتحديدا السعودية، التي تحدث مسؤول فيها عن مئات الآلاف من المعرفات الوهمية التي تدار من مواقع ذات نفوذ إيرانية، وهو أمر واقع يكتشف كل فترة في السعودية.
والأمر لا يقف عند هذا الحد، حيث يقول وزير الإعلام البحريني في مقابلة سابقة مع صحيفتنا هذه إن هناك 40 محطة ممولة من إيران تستهدف أمن البحرين. ومن الواضح للجميع أن إيران تفعل ذلك لترسيخ نفوذها الطائفي بالمنطقة، والأمر يتضح جليا في لبنان، صحفا ومحطات، وقبله محاولة اختراق مصر. وعليه نقول إن إتلاف إيران للأطباق مثير للسخرية، لأنها ترى أن نصف المعركة في الإعلام، ثم تتضجر منه، وتخشاه، تفعل إيران ذلك بينما تواصل بث سمومها في المنطقة. بل وتتضجر إيران الآن من قول الإعلام بأن منفذ جريمة ميونيخ إيراني الجنسية، وترى في ذلك تشويها لسمعتها، بينما يتبنى الإعلام الإيراني كل خطاب مسيء للسعودية، والسنة بشكل عام! والحقيقة، ولنكون صادقين مع أنفسنا، فإن الموقف العربي، وخصوصا دول الاعتدال، مثير للدهشة أيضا، فأين وسائل إعلامنا الرصينة؟ أين إعلامنا المؤثر، المرئي، والمكتوب، والمسموع؟ أين قوتنا الناعمة؟ أين الإعلام الذي يخاطب العقلاء، ويعزز مواقف الأصدقاء، ويحيد المتشككين، ويكشف الأعداء؟ تتحدث عن محطة؟ أحدثك عن ضرورة وجود محطات. تتحدث عن صحيفة؟ أحدثك عن ضرورة وجود صحف، ومواقع إلكترونية! تتحدث عن «تويتر»؟ إذن أنت تعيش في عالم افتراضي. «تويتر» مجرد وعاء، وموضة سيخلفها موضة أخرى. الحديث هنا عن وسائط ذات مصداقية، معلومات، وآراء خبراء، ونقاش جاد،
وبرامج، وإنتاج معرفي. نتحدث عن مشروع ثقافي يبدأ بمراكز دراسات جادة. نتحدث عن مؤسسات، لا اجتهادات فردية. خذ مثلا التلفزيون السعودي، لديه عاملا قوة داخليا، وخارجيا، ومن دون منازع، ومن دون جهد، الأول مواعيد بث الصلوات من الحرمين الشريفين، في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، هل تتم الاستفادة منها فعليا؟ الثاني، وهو داخلي، نشرات الأخبار الرسمية، حيث تحظى بنسبة مشاهدة عالية، هذا عدا عن أن التلفزيون السعودي كان مسرح إبداع، ورغم كل الفصول التي مرت عليه، وعلى البلاد، هل هو كذلك الآن؟
وعليه فإذا كانت إيران تدرك خطورة، وأهمية، الإعلام، لكنها تتعثر في دروبه، فماذا ننتظر نحن، ولماذا نترك الساحة للتشويش الإيراني الذي لا يرى في الإعلام إلا حملات، بينما لدينا رسالة صادقة، ومشروع حقيقي، لكننا نضيع في اجتهادات جلها من العالم الافتراضي؟