بقلم - طارق الحميد
يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين المقبل، عملية نقل طائرات مسيّرة إيرانية إلى روسيا، واستخدامها في أوكرانيا، وقد يتوصلون إلى اتفاق سياسي بشأن عقوبات مستقبلية تتعلق بالأمر، وذلك بحسب وكالة «رويترز».
والغريب هو تأخر الأوروبيين، وقبلهم الأميركيون، في التعاطي مع هذا الأمر، رغم الحديث الأوكراني المستمر عن استخدام روسيا لطائرات مسيّرة إيرانية الصنع من طراز «شاهد - 136»، وليس قبل فترة فقط، بل وحتى قبل يومين.
قبل أمس، نشر أحد المواقع المحسوبة على الأوكرانيين أن هناك مدربين إيرانيين موجودين في منطقة «خيرسون»، وشبه جزيرة القرم، وذلك لإطلاق طائرات من دون طيار من طراز «شاهد - 136 كاميكازي».
ونقول الغريب لأن الاتحاد الأوروبي، وقبله الولايات المتحدة، كانا حريصين على مناقشة الملف النووي الإيراني أكثر من مساءلة إيران عن تمددها، وجرائمها، ليس في منطقتنا وحسب، بل أيضاً في أوروبا.
الإدارة الأميركية، مثلاً، أشغلت الجميع بالحديث عن تخفيضات إنتاج «أوبك»، بينما تتجاهل التقارير الأوكرانية التي تتحدث عن توثيق لاستهداف الطائرات الإيرانية المسيّرة لأراضيها، وهي نفس الطائرات التي تستخدمها إيران بمنطقتنا في عملياتها الإرهابية.
وهي أيضاً نفس الطائرات المسيّرة التي تستخدمها الميليشيات الإرهابية المحسوبة على إيران، سواء الحوثيون، أو «حزب الله»، و«الحشد الشعبي»، و«عصائب أهل الحق»، ضد الأراضي السعودية، والإماراتية، وكذلك في العراق، وأكثر.
وعليه، فنحن أمام تناقضات صارخة، بل نفاق أميركي غربي؛ فمن ناحية تجاهلت الولايات المتحدة، وأوروبا، كل دعوات المنطقة للوقوف بحزم أمام الطائرات المسيّرة الإيرانية، خصوصاً لحظة الاندفاع الأميركي الغربي لمفاوضة إيران.
وبعد تجاهل طويل للمطالبات الأوكرانية بضرورة التدخل على خلفية الطائرات المسيرة الإيرانية الآن يقرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي التدخل والنظر في هذا السلوك الإيراني الإرهابي، مع التلويح بعقوبات في هذا الشأن.
والمهم، بل الأهم، أن تكون هذه العقوبات ليست حصراً بالأزمة الأوكرانية، بل يجب أن تكون عقوبات موسعة ضد النظام الإيراني، وحقيقية وذات معنى، وليست عقوبات شكلية، عند استخدام المسيّرات الإيرانية في منطقتنا.
وسبق للأوروبيين أن استمعوا لوجهة نظرنا حيال ذلك، وبكل وضوح، وآخرها كان في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث قيل لهم صراحة، الآن تهتمون بالمسيّرات الإيرانية المعطاة لروسيا ونحن كنا نحاول لسنوات إقناعكم بخطرها علينا... هل أوروبا أهم من باقي الدول؟!
وكما يقول المثل، أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي على الإطلاق، ولذا من المهم تضمين أي قرار بالعقوبات من قبل أوروبا على الطائرات المسيّرة الإيرانية بأوكرانيا قراراً مماثلاً على استخدام تلك المسيّرات بمنطقتنا، سواء من قبل طهران أو جماعاتها.
ويجب أن تكون تلك العقوبات ضمن حزمة عقوبات أميركية - غربية، مع عدم التهاون برفع أي عقوبات عن إيران تضمن تزويد النظام بالأموال، ولكيلا يتكرر خطأ إدارة أوباما التي سمحت لطهران باستخدام مليارات الدولارات لتمويل جماعاتها الإرهابية، وتطوير أدواتها التخريبية؛ إذ لا يمكن أن يكون التعامل مع إيران بمسارات مختلفة، ومنفصلة، بل بمسار واضح يراعي كل وسائل التخريب الإيرانية، من الصواريخ والمسيّرات، وحتى دعم الميليشيات، وليس مفاوضات حول البرنامج النووي فقط، التي ثبت فشلها بالأمس واليوم. فهل يفعلها الأوروبيون؟