مبارك سنة شوّهت سنوات

مبارك... سنة شوّهت سنوات

مبارك... سنة شوّهت سنوات

 العرب اليوم -

مبارك سنة شوّهت سنوات

بقلم - عبد الرحمن الراشد

الكثير سيُكتب عن الرئيس الراحل حسني مبارك، لكن القليل سينصفه. فالناس لا تتذكر من رئاسته، ربما، إلا أيامه الأخيرة، الثورة، الشارع، المحاكمة، وراء القضبان، المستشفى، «البيجاما». برهة من الزمن شوهت تاريخاً من ثلاثة عقود حقق فيها أكثر ممن سبقه. فجأة صار رئيساً بعد مقتل أنور السادات الذي كان زعيماً استراتيجياً متفرداً، غيّر المنطقة، وأنقذ مصر من مآلات خطيرة. ولكل من رؤساء الجمهورية الثلاثة نجاحات وإخفاقات، وفق سياقات تاريخية مفهومة، وأهمية رئيس مصر من أهمية مصر بوصفها دولة محورية في الشرق الأوسط تؤثر في محيطها.

مبارك، بعد اغتيال السادات، قاد البلاد إلى خارج دائرة الخطر. فالمتآمرون نجحوا في قتل السادات لكنهم فشلوا في إضعاف النظام وتعطيل مشروع السلام الذي كان الهدف الرئيسي من اغتياله. ولم تفلح الحملة الضارية من قبل سوريا وليبيا وإيران في ثني عزيمة الرئيس الجديد مبارك. ولم تدفع احتفالات المعارضة بنبأ اغتيال السادات، مبارك للهرب من تركة الرئيس القتيل، بل حافظ على خطه السياسي ووفى بالتزامات بلاده.

لم تكن وظيفة مبارك الجديدة سهلة، فمؤامرة الاغتيال، لم يعرف على وجه اليقين، عمقها داخلياً وخارجياً. ثم تلتها في التسعينات تطورات لم تكن أقل خطراً، من الجماعات نفسها. كانت سنوات صعبة من الدم حاربت فيها الجماعات الإرهابية الدولة المصرية وضربت وسط مدينة القاهرة. كانت مؤشرات على ولادة تنظيم جديد اسمه «القاعدة». واجهها مبارك وحيداً، حيث كانت القوى السياسية في الغرب، وجموع المفكرين، يضغطون ويلومون الحكومة المصرية، ويبررون للجماعات المسلحة جرائمها على أنها نتاج نقص الحريات والديمقراطية. ولم يكتشف العالم سلامة الموقف المصري إلا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة. كسب مبارك معركة الإرهاب بثمن غال، وكاد يفقد حياته أكثر من مرة، وأخطرها الهجوم المروع على موكبه في إثيوبيا بتدبير من نظام السودان آنذاك، وكان الحاضن للإرهاب.

الاقتصاد كان المعركة الأصعب. قيل إن الثورة على الفشل الاقتصادي، مع أن مصر، نسبياً، كانت في عهده أفضل مما كانت عليه من قبل. إنما مصر، مثل معظم دول المنطقة، عانت من الإرث البيروقراطي العقيم، وتبني الممارسات الاشتراكية الاقتصادية الفاشلة، ذلك الإرث الذي حاولت حكومات مبارك تفكيكه والانتقال إلى نظام السوق، ونجحت جزئيا.

لمبارك أخطاؤه، أبرزها تمسكه بإدارة كل الدولة وقت ضعفه ومرضه. حتى أكثر محبي الرئيس الراحل يلومونه الآن. نعم، كان عليه أن ينسحب، ولو بشكل جزئي، من الإدارة التنفيذية؛ لأن ذلك أتاح لمحيطيه من أفراد عائلته وأبنائه ورجالات القصر منافسة الحكومة على أعمالها. كان مكبلاً بالمرض والعجز ولم يعمل على ترتيب خلافته بما كان متوقعاً.

أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011 بينت ضعف قيادته وبطء أجهزته. لم تنجح في استقراء الوضع ولا التعاطي مع المد الشعبي ضده. فجاء خروجه مذلاً لرئيس تاريخي أعطى كثيرا لبلاده، وسريعاً مع غياب الدولة جاءت الفوضى لتذكر الناس بأهميتها في حياتهم. ثم صعد الإخوان المسلمون إلى الحكم، وكان أداؤهم أكثر من سيئ، كان خطيراً، ولو لم يتم إسقاطهم لانتهت الجمهورية المصرية التي نعرفها، من دولة تعزز الاستقرار إلى جمهورية جماعة تنشر الفوضى. رحل مبارك إلى رحمة ربّه الواسعة، ولم ينصفه التاريخ، لكن سيفعل بعد أن يسكن البحر الهائج.

arabstoday

GMT 05:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 20:10 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

خواطر حول الوطن والإنسان

GMT 12:25 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

كريم عبدالعزيز ومواصفات السوبرستار

GMT 19:23 2024 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

رأسمالية مصر الجديدة

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

معركة «تيك توك» وأسئلة القيم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبارك سنة شوّهت سنوات مبارك سنة شوّهت سنوات



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 21:28 2024 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله

GMT 08:12 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو

GMT 07:05 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

اليابان تستعيد الاتصال بالوحدة القمرية SLIM

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

النفط يهبط 1% مع زيادة مخزونات الخام الأميركية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab