بقلم : عبد اللطيف المناوي
تتسارع الأحداث فى ملف التفاوض بين إسرائيل وحماس لإبرام صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وسط ضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب. هذه الجهود تأتى فى ظل تحركات دبلوماسية مكثفة وإشارات متضاربة حول مدى إمكانية النجاح قبل الموعد النهائى الذى حدده ترامب، وهو يوم تنصيبه فى ٢٠ يناير الجارى.
يريد ترامب تحقيق إنجاز سياسى كبير قبل بداية ولايته، بما يمنحه مزيدًا من الزخم داخليًا ودوليًا. هدفه المعلن هو تسليم الرهائن الإسرائيليين، إرساء هدنة، وإنهاء صراع طال أمده. ومع ذلك، يبدو أن تحركه يحمل أبعادًا أخرى تتعلق بإعادة ترتيب أوراق المنطقة بما يتماشى مع مصالحه السياسية والاستراتيجية، مثل استكمال مسار التطبيع العربى الإسرائيلى، وتعزيز التعاون مع الدول الإقليمية الكبرى.
على الجانب الآخر، يواجه ترامب عدة تحديات. أولها، تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى استخدم خلال إدارة بايدن مواقف متشددة تجاه غزة وحماس لتحقيق مكاسب داخلية. ثانيها، تعقيدات الوضع على الأرض، حيث لا تزال هناك قضايا خلافية تتعلق بترتيب مراحل الصفقة وآليات تنفيذها.
تدخل ترامب شخصيًا عبر مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وزيارات الأخير للدوحة وتل أبيب، يعكس جدية الإدارة الجديدة فى فرض حل سريع. إضافة إلى ضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين فى الداخل بقوة على حكومة نتنياهو من خلال مظاهرات واتهامات بعرقلة الصفقة.
يمكن قراءة التحركات الإسرائيلية الأخيرة، مثل إرسال رئيس الموساد ورئيس الشاباك إلى الدوحة، على أنها استجابة مباشرة لهذه الضغوط. ولكن ما يجعل الموقف أكثر تعقيدًا هو أن هذه الخطوات تبدو موجهة أيضًا لاسترضاء ترامب، وليس كنيَّة لحل الأزمة.
وفقًا للمعطيات الحالية، يبدو أن التوصل إلى اتفاق شامل أو مرحلى قبل ٢٠ يناير ممكن ولكنه محفوف بالتحديات.
أولها بالتأكيد مصداقية نتنياهو التى جُرّبت فى الماضى، وثانيها التخوف الإسرائيلى من استغلال حماس لأى هدنة لتعزيز قدراتها العسكرية. إضافة إلى ذلك، تبقى مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلى من غزة معقدة وغير محسومة لدى حكومة نتنياهو.
وعلى خلاف ما سبق حدوثه فى الفترات الأخيرة، تشير التقارير إلى مرونة نسبية من جانب حماس، خاصة فى ما يتعلق بمراحل تنفيذ الصفقة، فإذا استمرت الضغوط الأمريكية ووافقت حماس على الصيغة النهائية، فقد يتم تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة قريبًا، ما يتيح لترامب الاحتفاء بالإنجاز. لكن حال استمرار الخلافات، فقد يؤدى ذلك إلى عدم إبرام الصفقة، وهو ما سيضعف موقف ترامب ويزيد تعقيد المشهد.
أيضا يمكن أن تتفق الأطراف على صفقة محدودة تشمل إطلاق سراح بعض الأسرى وهدنة قصيرة الأمد، مع تأجيل النقاط الخلافية لمفاوضات مستقبلية، وأظن أن نجاح ترامب سوف يعتمد على قدرته على ممارسة ضغوط فعالة، ولكن يبقى السؤال حول ما إذا كان ترامب سينجح فى تحقيق الصفقة قبل المهلة التى حددها أم لا، وهل المهلة سوف تسفر عن حل دائم أم مجرد هدنة مؤقتة؟.