بقلم : عبد اللطيف المناوي
لابد من محددات للتفاوض الإيجابى للتوصل إلى وضع إيجابى من أجل التوافق على حل الدولتين، الذى يجب أن يثمر عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش فى أمن وسلام واستقرار بجوار دولة إسرائيل، أما بدون هذا الحل الدائم فعلينا أن نتوقع حروبًا أخرى فى المستقبل سواء فى غزة أو الضفة الغربية، التى يجب ألّا تغيب أنظارنا عنها، والتى ستحاول الحكومة الإسرائيلية فرض السيادة عليها خلال فترة حكم الرئيس ترامب.
يتميز الوضع بعد وقف إطلاق النار بعدة سمات حاسمة، أولاها الأزمة الإنسانية، فقد عانت البنية التحتية فى غزة دمارًا واسع النطاق، مما ترك الملايين فى حاجة ماسّة إلى المساعدة. وتلعب مصر دورًا محوريًّا فى تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، وضمان توفير الغذاء والدواء ومواد إعادة الإعمار.
ثانية السمات هى فكرة السيطرة، حيث كانت حركة حماس مسيطرة تمامًا على غزة، والسلطة الفلسطينية كانت مسيطرة على الضفة الغربية، ويمثل الانقسام السياسى الفلسطينى هذا تحديًا كبيرًا، حيث إن المنافسة بين حماس والسلطة الفلسطينية متجذرة فى الخلافات السياسية والأيديولوجية والإقليمية، وتملك مصر العديد من الفرص لدفع ودعم ملف المصالحة بين الطرفين. ويمكن لمصر استضافة محادثات المصالحة وتقديم ضمانات للطرفين، مما يشجعهما على العمل نحو إدارة موحدة فى غزة. وتمتلك مصر إمكانية الضغط الدبلوماسى، والحوافز الاقتصادية، والاستفادة من الشراكات الإقليمية.
يجب على مصر التعامل مع هذا الانقسام لتشجيع التعاون بين الفصائل المتنافسة لإنجاح ما تم التخطيط له للمرحلة الحالية والتالية للحرب. وقد يكون من المناسب الحديث عن قوة فلسطينية جديدة ذات ملامح معبرة عن المرحلة.
السمة الثالثة هى أن هناك أطرافًا فى فلسطين سوف تستغل بالتأكيد اتفاق وقف إطلاق النار لتجذب اهتمامًا دوليًّا حول إعادة إعمار غزة واستقرارها، ويمكن لمصر استغلال هذا الاهتمام لحشد الدعم العالمى لحل طويل الأمد للأزمة الفلسطينية. ولأن السلام فى غزة مازال هشًّا، يبقى ضمان الأمن على طول الحدود المصرية، ومنع عودة الأعمال العدائية، أولوية مُلِحّة.
الطريق ليس سهلًا. هناك العديد من التحديات أمام الدور المصرى، ولعل أهم التحديات هو عرقلة بناء المؤسسات فى غزة، حيث يمكن لمصر تشجيع إنشاء لجان أو هيئات محايدة لإدارة جهود إعادة الإعمار، وضمان الشفافية والمساءلة، كما يمكن إشراك الجهات المانحة والمؤسسات الدولية لدعم هذه المبادرات بتنسيق مصرى.
ويمكن لمصر الدفع نحو توحيد غزة والضفة الغربية تحت حكومة فلسطينية واحدة، ما يمكن أن يساعد فى استعادة شرعية القيادة الفلسطينية، وهى الشرعية التى تواجه تآكلًا وتراجعًا شديدًا فى مختلف الدوائر العالمية والإقليمية.
هل هذه أحلام مستحيلة أم أهداف ممكنة؟.