التسامحُ الدينىُّ ومكافحةُ خطابِ الكراهية

التسامحُ الدينىُّ ومكافحةُ خطابِ الكراهية

التسامحُ الدينىُّ ومكافحةُ خطابِ الكراهية

 العرب اليوم -

التسامحُ الدينىُّ ومكافحةُ خطابِ الكراهية

بقلم : فاطمة ناعوت

 

تشرَّفتُ أمسَ الأول بإدارة جلسة مائدة مستديرة عنوانها: «التسامح الدينى فى مصر... فرصٌ وتحديات»، ضمن أنشطة «البرنامج الوطنى لمكافحة التطرف والاستقطاب الفكرى» الذى أطلقه «مجلس الشباب الوطنى» بقيادة الدكتور «محمد ممدوح»، الرمز الوطنى المُشرِّف، بهدف تعزيز قيم التسامح والاعتدال بين الشباب المصرى، صُنّاع غد مصر المشرق بإذن الله. واستضافت أ. «ريهام الشافعى»، منسقة البرنامج، لهذه الجلسة نخبة من عقول مصر الوطنية من جميع التخصصات المختلفة المعنية من أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب، وممثلين عن المؤسسات الدينية: (الأزهر الشريف، الكنيسة بطوائفها)، وممثلى منظمات المجتمع المدنى، وخبراء قانونيين وإعلاميين، وباحثين وأكاديميين متخصصين فى الدراسات الدينية والاجتماعية. جاءت هذه المائدة الحوارية الثرية استجابةً لتوصيات «الاستعراض الدورى الشامل» بجنيف UPR، المتعلقة بتعزيز قيم التسامح الدينى وحماية حقوق الأقليات فى مصر، وتنفيذًا لأهداف البرنامج الوطنى لمكافحة التطرف والاستقطاب الفكرى. ونجحتِ الفعاليةُ فى صنع حال عصف ذهنى ثرى حول التحديات التى تواجهنا، والفرص المتاحة لتعزيز قيم التسامح العقدى ووأد خطاب الكراهية، ونشر ثقافة التعايش السلمى.

فى كلمتى التقديمية، واتفق الحضورُ معى، قلتُ إننا نحظى اليومَ بقيادة سياسية مستنيرة، أعلن فيها الرئيسُ السيسى، بالفعل لا بالقول، ومنذ يومه الأول فى الحكم، أنه لا مجال مطلقًا للتمييز بين المواطنين على أسس عَقَدية، فالجميعُ أمام «واجهة الحقوق والواجبات» سواء. وأثبتَ ذلك فى مواقف عديدة، بدأها بدخول الكاتدرائية عشية عيد الميلاد المجيد يوم 6 يناير 2015 لتهنئة الأشقاء المسيحيين فى عيدهم، فى سابقة تاريخية لم يقم بها رئيسٌ من قبل. والحقُّ أن تلك الزيارة تجاوزت كونَها مجرد تهنئة بعيد، لتغدو رسالةً جسورًا تقول إن حاكم مصرَ لا يمايز بين أبناء شعبه، لأن الوطن لجميع أبنائه مهما تباينت عقائدُهم، فالعقيدةُ شأنٌ خاصٌّ بين الإنسان وربّه، أما الوطن فحاضنةٌ ومِظلّة للجميع. وبالفعل أتت تلك الرسالةُ «العملية» ثمارَها الطيبة خلال العشر سنوات الماضية، فخفُتت الأصواتُ الزاعقةُ الناعقة التى كانت تُحرِّضُ بفجاجة فى محاولات مستميتة لشق الصفِّ وتصنيف الناس عقديًّا، لا انطلاقًا من عقيدة؛ بل طمعًا فى إضعاف جسد مصر القوى. فإن أردتَ كسرَ شوكة مجتمع، ليس عليك إلا تفكيك أواصره وإنهاك أوصاله بغرس بذور الشتات بين أبنائه، وزرع فتيل الفتن بين طوائفه، ثم تجلس مستريحًا وأنت تشاهد هذا المجتمعَ وقد تهاوى وانهار. وهو ما حاولت صناعتَه محاورُ الشر وجماعةُ الإخوان بعد إسقاطهم. لكن الشعب الذكى، والقيادة الحكيمة، فوّتت عليهم الفرصَ. فكان المصريون، بعد كل فاجعة طائفية يقوم بها الإرهابيون، يعودون للتمسك أكثر بخاصرة الوطن، والتضامّ حول اسم مصر الشريف التى لا تقبلُ التمييز والعنصرية. ونعلم جميعًا أن تلك العناصر المريضة مازالت تكمنُ فى ظلامها، لا تكفُّ عن محاولات الهدم، وتتحيّن الفرصة تلو الأخرى لكى تُطلَّ بوجهها الدميم وتُشعل الفتن وتنثر بذورها المسمومة فى أرضنا الكريمة، لكن وعى الشعب الطيب، ويقظة أجهزتنا الاستخباراتية وبسالة أجهزتنا الأمنية، تئد سعيَهم المذمومَ، وقبل كل هذا رحمةُ الله بأرضنا الطاهرة التى وعد الحقُّ فى كتابه العزيز بأن يدخلها البشرُ آمنين: «ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين» (يوسف- 99)، مثلما وعد بمباركتها فى الكتاب المقدس: «مباركٌ شعبى مصرُ».

فى ختام الفعالية، اتفق المشاركون على مجموعة من التوصيات، منها:

مواجهة خطاب الكراهية عبر الإعلام الرقمى والمنصات بإطلاق حملات توعية ومحتوى إيجابى يعزز القيم الإنسانية المشتركة. تعزيز الوعى لدى النشء بأهمية التسامح والمواطنة من خلال المناهج الدراسية والأنشطة. توعية المقبلين على الزواج بأهمية التسامح الدينى والمواطنة لضمان بيئة أسرية صالحة. إطلاق حملات توعية فى المناطق الأكثر فقرًا لرفع مستوى الوعى بمفهوم التسامح والتعايش السلمى. إنشاء مجلس استشارى من الشخصيات المسيحية والمسلمة والمصريين بالخارج لتعزيز التسامح ومواجهة التمييز على المستوى الدولى. تفعيل مواد الدستور الخاصة بحرية العقيدة والمواطنة المتساوية، والعمل على إصدار تشريعات أكثر وضوحًا لمكافحة التمييز الدينى. سنّ قوانين صارمة لمنع خطاب الكراهية فى الإعلام التقليدى والرقمى. إبراز التاريخ المشترك بين المسلمين والمسيحيين كنموذج للوحدة الوطنية وتعزيز الانتماء الوطنى. إصدار قوانين تنظم حرية الأديان وحماية حقوق الأقليات بما يضمن التعددية الدينية فى إطار الدولة المدنية. تفعيل مفوضية لمكافحة التمييز. الاستفادة من تجارب الدول الأخرى عبر إنشاء مجموعات عمل تتواصل مع السفارات والمؤسسات الدولية المتخصصة. رصد الواقع بأمانة وحماية صورة مصر دوليًا بتقديم تقارير شفافة عن جهود الدولة فى مكافحة التمييز وتعزيز التسامح الدينى.

وأجمع المشاركون على أهمية العمل الجماعى بين المؤسسات الدينية، التشريعية، الإعلامية، والمجتمع المدنى لتعزيز ثقافة التسامح الدينى فى مصر. كما أقرّوا بأن تحقيق المواطنة المتساوية يتطلب جهودًا دؤوبة على المستويين القانونى والمجتمعى لضمان بيئة أكثر احتواءً للجميع، حيث يكون التنوع الدينى عامل قوة وليس مصدر خلاف.

arabstoday

GMT 11:58 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

حتى الزعيم كيم

GMT 11:57 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

سعد بريشة العقاد

GMT 11:54 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

التغيير السوري.. من لبنان إلى الجزائر!

GMT 11:53 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

مشروع رفيق الحريري… هزم القتلة!

GMT 11:46 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

درس في الاعلام

GMT 11:44 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

زيارة إلى متحف الأبدية

GMT 11:42 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

غزة لن تكون صفقة عقارية ولا «ريفييرا» أميركية

GMT 11:40 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

روح الهويّة... وهويّة الروح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسامحُ الدينىُّ ومكافحةُ خطابِ الكراهية التسامحُ الدينىُّ ومكافحةُ خطابِ الكراهية



GMT 13:10 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

منى زكي تواصل حصد الجوائز عن فيلمها "رحلة 404"
 العرب اليوم - منى زكي تواصل حصد الجوائز عن فيلمها "رحلة 404"

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ما المطلوب من القمة الاستثنائية العربية؟

GMT 06:58 2025 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أقوال «حماس»... وإصرار ترمب

GMT 17:11 2025 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

مانشستر يونايتد يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة

GMT 03:37 2025 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

منع صحفي من دخول البيت الأبيض بسبب خليج المكيسك

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

تهدئة غزة في مهب الريح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab