الدوجمائىُّ ومعركةُ التقاويم

الدوجمائىُّ.. ومعركةُ التقاويم!

الدوجمائىُّ.. ومعركةُ التقاويم!

 العرب اليوم -

الدوجمائىُّ ومعركةُ التقاويم

بقلم: فاطمة ناعوت

مشكلةُ «الدوجمائى» ليست وحسب الجمود الفكرى والتشبث بالرأى ورفض الاطلاع على الأفكار الأخرى، مشكلتُه الأخطرُ فى تقديرى هى خلطُه الفجُّ بين «الرأى»، و«التاريخ»؛ وتلك كارثة!.

فحين تقول معلومةً تاريخية ثابتة، لا دخل لك فيها، ويحدث ألا تكون تلك الحقيقة التاريخية الدامغة على هوى الدوجمائى، أو تكون مخالفةً لما يعتقده، ماذا يفعلُ حينها؟، ينزل فيك سُبابًا ولعنًا وتقريعًا وسخريةً بل وتكفيرًا!، ولو طالتك يداه ربما قتلك!.. فقط، لأنك قلت حقيقة تاريخية لم يكن يعلمها!.. تصوّر؟!، هو لا يختصمك من أجل «رأى»، بل من أجل «معلومة»!، متصوّر حجم الكارثة؟!. خذ مثالا؛ قل مثلا إن الحرب العالمية الأولى وقعت عام 1914، لكنه لسبب ما يظن أنها عام 1915. ماذا يفعل حينها؟، هل يدير محرك بحث ويتأكد من المعلومة؟، لا.. سوف يشتمك!، لاحظ أنك لم تقل «رأيك» فى الحرب، ولا لأى فريق تنحاز. أنت فقط ذكرت معلومة حدثت قبل مولدك، ولا دخل لك فيها!، ومع هذا قد يلعنك الدوجمائى بكل اطمئنان وثقة!. نحن ننادى بألا نتعارك حين نختلف فى «الرأى»، فالاختلاف فى الآراء ثراءٌ من شأنه أن يخلق حالا من الجدل الدياليكتيكى الجميل الذى يستولد الأفكارَ؛ فيتطور العقلُ الإنسانى. فما بالك حين نصل إلى مستوى من العبث تجعلنا نتمنى ألا نتعارك لا من أجل «رأى»، بل من أجل «معلومة» بسيطة تحسمها كبسةُ زرّ؟!. متصور عزيزى القارئ حجم الطرافة والكوميديا!.

بعد كتابتى مقال: (6266 عاما على رُزنامة «توت») بجريدة «المصرى اليوم» الأسبوع الماضى، حدث أطرفُ وأغربُ ما يمكنُ أن يحدث من ردود فعل على مقال!؛ هاجمنى مسلمون، وهاجمنى مسيحيون!، رغم أن المقالَ كان يناقش «حقيقة تاريخية» لا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالمسيحية، لأنها ببساطة وقعت قبل المسيحية بأكثر من أربعة آلاف سنة، وقبل الإسلام بما يقارب الخمسة آلاف عام!، فلماذا وكيف تحولت معلومةٌ تاريخية تسبقُ الرسالات الدينية بآلاف السنين، إلى معركة دينية؟، الإجابة: «لا أدرى!»، ومع نهاية المقال أخبرك لماذا هاجمنى هؤلاء وأولئك.

المقال كان يتكلم عن «التقويم المصرى القديم» الذى وصلنا اليوم فيه إلى العام 6266، فأين يختفى «الدينُ» فى هذه المعلومة التاريخية؟!، الإجابة: يختبئ فى عقل الدوجمائى والمتطرف.

دعونا أولا نُقرُّ بعض التعريفات والحقائق التاريخية العلمية، التى لا دخل لى، ولا لك عزيزى القارئ، فيها.

«التقويم»: هو نظامُ عدّ زمنى لحساب الأيام والأعوام، وتنظيم مرور الزمن والتواريخ لأغراض اجتماعية أو زراعية أو تجارية أو إدارية. ويُسمى أحيانًا «رُزنامة» أو «نتيجة». وبالإنجليزية Calendar، مشتقة من الكلمة اللاتينية Kalendae وهو اسم اليوم الأول من كل شهر. أما «رُزنامة»، أو «روزنامة» فتعود إلى اللغة الفارسية، وهى جُماع كلمتين: «روز» بمعنى «يوم»، و«نامة» وتعنى «كتاب» أو «صحيفة»، أى: «كتاب الأيام». والتقويم فرعٌ من علم «التسلسل الزمنى».

ثم دعونا نُقرُّ حقيقةً تاريخية تقول إن البشرية تحتكم إلى «تقاويم» زمنية «عديدة»؛ لأن بعض الشعوب وضعت تقويمها بحساب دوران الأرض حول الشمس، وأخرى اعتمدت على دورات القمر حول الأرض، وبعضها اعتمدت على أسباب أخرى غير معروفة. دعونا نذكر من تلك التقاويم الكثيرة أربعة تقاويم فقط: المصرى- الميلادى- القبطى- الهجرى. والترتيب السالف من الأقدم للأحدث. فنحن الآن فى عام: 6266 مصرية، 2024 ميلادية، 1741 قبطية، 1446 هجرية. وحدث أن تزامنت بدايتا اثنين من تلك التقويمات (المصرى- القبطى)، لا بفعل دورات الشمس والقمر، بل بفعل «الإنسان»، ولأسباب عَقَدية بحتة، ذكرتُها فى المقال المذكور، الذى طالنى فيه اللومُ والتقريع.

بدأ التقويمُ المصرى القديم منذ 6266 عامًا؛ لتنظيم عمليات الزراعة والحصاد. وقال عالمُ الآثار «جيمس هنرى برستد» إنه «أقدم وأدق التقاويم المعلومة، الملائمة عمليًا، والتى تتألف من 356 يومًا». وظل التقويمُ المصرى شهيرًا حتى عام 284 ميلادية، حين وقع «عصر الشهداء» فى مصر، فى عهد الإمبراطور الرومانى «دقلديانوس» الذى اضطهد مسيحيى مصر. فى ذلك العام قرّر المصريون (تصفير) التقويم المصرى القديم، لكى يبدأ من تاريخ «عصر الشهداء» تخليدًا لشهداء مصر. ومن هنا تزامنت بدايتا: «التقويم المصرى» مع «التقويم القبطى»، وظل الاختلافُ فى العدّاد الزمنى قائمًا.

حين كتبتُ تلك «الحقائق التاريخية» التى لا دخل لى فيها، هاجمنى المتعصّب المسلم ظنًّا منه أن «رأس السنة المصرية» عيد مسيحى!، بينما هو عيد وطنى مصرى ظهر قبل المسيحية بـ4000 سنة!، وهاجمنى المتعصبُ المسيحى ربما لأنه لا يعرف حكاية «التصفير» الذى حدث فى عصر الشهداء، ومن ثم فهو لا يعترف إلا بالتقويم القبطى، وليذهب التقويم المصرى للجحيم!.. تصوروا كيف يُغتالُ التاريخُ، ويُغتالُ مَن يذكره!!.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدوجمائىُّ ومعركةُ التقاويم الدوجمائىُّ ومعركةُ التقاويم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab