هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد 2

هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد (2)

هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد (2)

 العرب اليوم -

هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد 2

بقلم: فاطمة ناعوت

تحدثنا فى مقالى السابق، يوم الإثنين، عن جريمة إلقاء القمامة فى الطريق، والتى لا يرتكبُها إلا شخصٌ مهزوزٌ فاقدُ الثقة فى نفسه، ولا يدرك قَدرَه الرفيعَ كإنسان مُكرّم ذى مواهب. ووعدتكم بالحديث اليوم عن ثلاثٍ من الهدايا الربّانية الثمينة التى نتسلّمُها منذ ميلادنا، غير أن كثيرين يغفلون عن اكتشافها وفضّ أغلفتها، فضلا عن استخدامها والاستمتاع بها.

يحدثنا «ستيفن كوڤى»، فى كتابه الشهير، عن هدايا ثلاث لا يدركها المخفقون، فيتحولون إلى بشر فوضويين.

الأولى هى: «الحرية». حرية اختيار سلوكك الإنسانى. وهذه الهدية تهدمُ التبريرَ الذى يرفعه كلُّ فاشل حين يلعبُ دور الضحية ويُلقى باللوم على المجتمع. فأنت ابنُ اختياراتك، لأن لك عقلا حرًّا يختار، فلا طائل من إلقاء اللوم على العادات الموروثة والثقافة السائدة والبيئة المحيطة. البشرُ يختارون حياتهم، عكس الحيوانات والآلات والروبوت المنقادة. هناك مسافةٌ بين «المؤثر» و«الاستجابة»، فى تلك المسافة تكمن حريتنا وقدرتنا على اختيار ما نفعل. فالرياح فى البحر لها اتجاه واحد، لكن بعض السفن تُبحرُ شرقًا وبعضها يُبحر غربًا، لأن لديها أشرعةً تختارُ لها اتجاه سيرها.

الهدية الثانية هى: «المبادئ». بوسع المرء «اختيار» المبادئ والقيم السامية ليحدد مسلكه الشخصى. الصدق والعدل وإتقان العمل والرحمة والنظافة وخدمة الآخرين وغيرها من بين المبادئ التى يختارها الناجحون، هى قوانين طبيعية ثابتة لا تتغير مع الزمان والمكان.

الهدية الثالثة هى: «القدرات الخاصة». الذكاءاتُ الأربعة التى نتمتع بها. فالإنسان يتكون من أربعة أجزاء رائعة هى: الجسد والعقل والقلب والروح. تتوافق مع تلك الأجزاء أربعةُ ذكاءات أو أربع قدرات نمتلكها جميعًا. الذكاء الجسدى، الذكاء العقلى، الذكاء العاطفى، الذكاء الروحى. تلك هدايانا التى ولدت معنا، وقلّما نستخدمها. قدرتنا على التحليل والتعليل والتجريد واستخدام اللغة والتصوّر الذهنى والإدراك.. ذاك هو الذكاء العقلى. وهو «فرعٌ» واحد من الذكاء نظّنه «كلَّ» الذكاء. لكن، تأمل المهام العظمى التى يقوم بها جسدُك دون جهد واع منك. كيف تُدار أجهزتك التنفسية والعصبية والهضمية والدموية بشكل دائم، وكيف تُدّمَر الخلايا المريضة وتنتعش الخلايا السليمة طوال الوقت. جسدُ الإنسان منظومة مُعجزة تُدير سبعة تريليونات خلية على نحو مذهل من التنسيق الفيزيائى والكيميائى الحيوى، فتتمكن من طى صفحة فى كتاب أو قيادة سيارة أو دراجة، أو نقر مقال كهذا على كيبورد. فكّرْ فى الأمر واندهشْ من تلك المعجزة التى تنسى أن تتأملها. كم مرّة فكرت فى قلبك الذى ينبض دون أن تأمره بذلك، ورئتيك اللتين تنبسطان وتنقبضان من تلقاء ذاتهما وأنت تغطُّ فى نومك؟!.. إنه الذكاء الجسدى الذى ننساه ضمنَ ما ننسى.

فى متجر ريفى فى كارولينا الشمالية كُتبت العبارة التالية: «يقول الدماغ: أنا أذكى عضو فى الجسد. فيردُّ القلبُ: مَن أخبرك بذلك؟!» أما الذكاء العاطفى فهو قدرة الإنسان على معرفة ذاته وإدراك مشاعره ووعيه النفسى والمجتمعى الذى يؤهله للتعاطف مع الآخرين واحترام اختلافه معهم، ويمنحه مَلَكةَ الاعتراف بالخطأ وإعلان نقاط ضعفه وعلاجها. وتؤكد الأبحاثُ أن الذكاء العاطفى يلعب دورًا أكبر من الذكاء العقلى فى القدرة على النجاح وبناء العلاقات وقيادة الآخرين. ثم يأتى الذكاء الرابع. الذكاء الروحى، وهو الأهم والأكثر مركزية بين الذكاءات الأخرى لأنه يقودها جميعًا. وهو سعينا الدائم وراء «المعنى» والاتصال باللامحدود. هو سعى الإنسان الحثيث منذ سالف الأزمان نحو الاتصال بشىء أكبر وأكثر استحقاقًا للثقة من ذواتنا. التفكير فى لغز كوننا أحياء. الذكاء الروحى يُمكّننا من إدراك المبادئ الصحيحة وتشكيل ضمائرنا وفق القيم العليا. إنه الجوهر الذى يجعل منّا بشرًا. فروح الإنسان هى شعلة مقتبسة من روح الله تعالى. ليتنا نفضُّ أغلفة هدايانا عسانا نعلو.

***

ومن نُثار خواطرى:

***

(عيونُ البلاستيك)/ الكيسُ الفارغُ/ الذى يتأرجحُ مثل بالونٍ شائهٍ/ فى عاصفة/ مطمئنًا إلى خلوده الأبدىّ/ مهما حاولوا إقصاءَه عن عيونهم/ عصىّ على الذوبان/ عصىّ على الموت/ يُسلّى خواءَه/ بعدِّ الوجوهِ فى الطريق/ ومسحِ أبعادِ المدينةِ/ والتحديق فى البيوت والصناديق التى/ تضمُّ رفاتَ الرفاق/ ثم / بعيونه الكثيرة/ المصنوعة من خيوطِ النفط/ يشخُصُ فى وجوه العمال/ يضحكُ ويقول: متشابهون جدًّا/ عيونُهم/ بين الحَزَنِ والحَزَنْ/ مثل هاتين اللتين تحدقان الآن/ فى الورقة المستطيلة.

arabstoday

GMT 07:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 07:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد 2 هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد 2



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:05 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن القضاء على 200 مسلح في ريفي حماة وإدلب
 العرب اليوم - الجيش السوري يعلن القضاء على 200 مسلح في ريفي حماة وإدلب

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab