أميركا النازعين وأميركا النازحين

أميركا النازعين وأميركا النازحين

أميركا النازعين وأميركا النازحين

 العرب اليوم -

أميركا النازعين وأميركا النازحين

بقلم - فـــؤاد مطـــر

كان من شأن عدم الأخذ بالموافقة على اعتبار دولة فلسطين كامل العضوية في منظمة الأمم المتحدة، وتلك سقطة سياسية من جانب إدارة الرئيس جو بايدن، أن تخفف من حالة العتب العربي والإسلامي والدولي بنسب متفاوتة على السلوك الأميركي الذي افتقد الموضوعية بعدم تمرير مشروع القرار الذي كانت الصياغة الجزائرية له على درجة من بُعد النظر. بل قد يجوز الافتراض أن الجزائر بصياغتها تلك كانت ترى أن التصويت بالموافقة على قبول العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة؛ كونها تتم في حين هنالك تحضير من جانب الأمانة العامة للجامعة العربية لجدول أعمال القمة التي تستضيفها البحرين، يوجب وقفة من التأمل والمراجعة من جانب إدارة الرئيس بايدن تلفت انتباه القادة العرب الأصدقاء منهم بشكل خاص الذين يشاركون في القمة التي تنعقد في الرحاب البحرينية شأنها في ذلك انعقاد القمة السابعة والعشرين للمرة الأُولى في نواكشوط (25 يوليو/ تموز 2016). ولن تكون حال المنامة كما التي كانت عليها نواكشوط التي تعاملت حكومتها مع الحدث العربي المهم بما أضفى على العاصمة الموريتانية لجهة المباني والنظافة وإخلاء مناطق كثيرة في العاصمة المضيفة من الباعة المتجولين والمتسولين، هذا عدا رقابة أمنية مشددة. أما لماذا هذه الإجراءات لن تحتاج إليها المنامة مستضيفة القمة العربية للمرة الأُولى؛ فلكونها ذات رونق عمراني دائم التجدد، بحيث لن تنشغل الأجهزة الحكومية المختصة في التجميل والتنظيف وحجْب ما جرى حجْبه في نواكشوط عندما استضافت القمة التي كانت لافتة من حيث مكان الانعقاد الذي تم في خيمة ربما استحضاراً لـ«خيمة القذَّافي» جرى نصْبها وإرفاق ذلك بعبارات من جانب المسؤولين مثل «اقبلونا كما نحن» و«ارضوا بالقليل يا إخواننا».

هنالك إلى جانب الانعقاد الأول للقمة العربية في المنامة عاصمة البحرين بعد أيام وقبل ذلك الانعقاد الأول للقمة في نواكشوط عاصمة الجمهورية الموريتانية، وضعية متشابهة. فالانعقاد في نواكشوط حدث في حين موريتانيا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وكانت من أوائل المطبِّعين، وقيل عن خيارها الكثير من اللوم. والانعقاد الآتي للقمة يتم في المنامة بعدما خطت البحرين خطوة نوعية على طريق التطبيع.

ما يجوز قوله حتى إذا كان افتراضاً هو أن قمة المنامة كانت ستبدو تسجل التقدير العربي الذي في أشد الحاجة إليه الإدارة الأميركية لو أن عملية التصويت على قبول دولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة لم تلق هذا الخذلان من جانب الرئيس بايدن. ولا يقلل من غرابة الموقف الأميركي أن اليد لم ترتفع بالموافقة كما كان مأمولاً، وعوض ذلك كان عدم التصويت يراه الرئيس بايدن أخف وطأة على الأصدقاء العرب الذين سيعقدون قمتهم الدورية في المنامة.

تبقى على هذه الهوامش عن الأحوال العربية من مشارقها إلى مغاربها وقفة أمام أوضاع وظواهر تلفت الانتباه. ففي الوقت الذي تستضيف العاصمة السعودية الرياض (الأحد 28 - 4 - 2024) وعلى مدى يومين «المنتدى الاقتصادي العالمي» بهمة صاحب «رؤية 2030» ويشارك فيه قيادات ومسؤولون من 92 دولة، أكثرهم كما الدولة المضيفة يرون أن الحل الذي لا أفضل ولا أعقل ولا أمثل لاتخاذه كان تمرير مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر لإضفاء صفة الدولة المكتملة حق العضوية في منظمة الأمم المتحدة؛ ذلك أن هذا التمرير الأميركي تصويتاً لمصلحة المشروع كما تصويت سائر المصوتين العاقلين، كفيل بانحسار مشاعر المرارة من التعامل الأميركي - الأطلسي مع حرب إسرائيل نتنياهو على الشعب الفلسطيني في غزة وحيث تُحكم هذه الإسرائيل القبضة على ما هو فلسطيني أو مؤازر بموضوعية لحقوق شعب احتلت بريطانيا وطنه، ثم أحلت على أرض هذا الوطن شعباً وافداً من الشتات ومستقراً بحماية قبضة أميركية - أطلسية. كما نرى افتراضاً أن هذا الموقف الاحتجاجي من جانب قطاعات عريضة في الجامعات الأميركية - الأوروبية كان سيشهد بعض الاستكانة لو أن إدارة الرئيس بايدن ارتأت على نحو ما أشرنا إليه التكفير عن خطوات اكتسبت صفة الذنوب.

ونحن نخلد إلى حالة عميقة من التأمل عندما نقارن بين هذا الذي يشهده الوسط الجامعي الغاضب في مدن أميركية وأوروبية عدة، وبين الحال في الرياض العاصمة العربية المعول على قيادتها وضع المنطقة في مدار الاستقرار والتنمية؛ وهو ما يسجله الجمع الدولي بمن في ذلك الأميركي ضمناً لبصيرة خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبد العزيز و«رؤية 2030» لولي عهده الأمير محمد بن سلمان، المتبقي على استكمال ثمار شجرتها خمس سنوات نرى كم الفوارق شاسعة بين حكمة أهل القرار السعودي وتخبط أهل القرار الأميركي - الأطلسي عموماً إزاء قضايا لمصلحة دوام الاستقرار وتفعيل خطوات على طريق التنمية والتطور. وما انعقاد «المنتدى الاقتصادي العالمي من دافوس إلى الرياض» والمشاركة الألفية من جانب رموز هواجسهم التنمية المستدامة والاستقرار والنأي عن الرهانات والمغامرات والتدخلات غير المحسوبة سوى الاستخلاص من التأمل العميق بأن الحكم اختبار لمَن يحكم كما أن أهمية السُلطة ليس فقط في استحواذها، وإنما في سلاسة مَن يملك القرار الصعب، بحيث لا يدير الأمور على نحو هواه وارتباطاته وتطلعاته ومشاعره، وإنما وفق قاعدة تقوم على التبصر، وهذا ما افتقدناه في التعامل الأميركي وكذلك تعامل بعض دول أوروبا الأطلسية مع القضايا العربية المحقة.

وما زال الأفق يتسع لموقف أميركي - أطلسي يطوي مواقف ممثلين على مسرح وليس رجال دولة يملكون السلطة التي تعطي أصحاب الحقوق ما هو منتزَع منهم وتلقن النازعين المطمئنين إلى خيمة السلاح والمال والمواقف القائمة على الباطل الدرس الذي يضمد جراح النازحين. والله الهادي.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا النازعين وأميركا النازحين أميركا النازعين وأميركا النازحين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab