شروق الحق وزهوق الباطل

شروق الحق وزهوق الباطل

شروق الحق وزهوق الباطل

 العرب اليوم -

شروق الحق وزهوق الباطل

بقلم - فـــؤاد مطـــر

كان تسويق إسرائيل مشروعها بعدما استقر بين عامي 1948 و1967، يقوم على أنها مسوَّرة بخمس دول عربية حاربت جيوشها العصابات الصهيونية التي كانت عملياتها قبل الانقضاض الحاسم على فلسطين تحت سمع البريطاني المنتدِب ومساعداته لتلك العصابات، وعلى أساس أن الأب الروحي لانتزاع الوطن الفلسطيني من بني شعبه وتقديمه على طبق من وعد بلفوري مشؤوم يبقى أولاً وآخراً مسؤولاً عن وليده (الوطن الفلسطيني) الذي تم استيلاده وتثبيته بفعل غير شرعي من مستملك غير شرعي.

ومنذ 15 مايو (أيار) 1948، الذي هو يوم النكبة الأساس، حتى الخامس من يونيو (حزيران) 1967، كانت خطة التسويق من جانب الحركة الصهيونية وروافدها الأميركية والأوروبية تعتمد أسلوب التباكي، وتنشط «اللوبيات» لدى كثير من دول العالم على أن شعب إسرائيل عُرضة للهلاك من الدول العربية ذات الاقتدار النسبي عسكرياً والحس الوطني والعروبي. ولأنها عُرضة للهلاك فإن ما يقيها الانقضاضات عليها هو أن تكون متفوقة عسكرياً على هذه الدول، وتلك مسؤولية داعمتيها منذ ولادتها؛ بريطانيا وأميركا.

أثمر التخويف الإسرائيلي ورفْع منسوب التهويل من الجيران العرب الأقربين والأبعدين عنها، في أن الإدارات الأميركية المتعاقبة، ومعها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، مسايرة، أو بطلبٍ من تلك الإدارات جعلت تلبية طلبات إسرائيل من السلاح ومن ضمنه الاستراتيجي أمراً لا رادَّ له. وهكذا؛ سنة بعد أُخرى باتت إسرائيل بفعل التهويل والخشية من الجيران أقوى على صعيد السلاح، مما يعني أن بقاء هذا الكيان رهن بتفوقه إلى درجة أنه بات الأقوى عسكرياً في المنطقة.

ورقة التهويل لم تعد على ما كانت عليه بعدما قرر القادة العرب في قمة بيروت 2002 الموافقة على «مبادرة السلام العربية». وفي تلك المبادرة نزوع من القادة العرب إلى الأخذ بالسلام نهجاً وبالتسوية الموضوعية حلاً ثابتاً للصراع العربي – الإسرائيلي والتسليم بدولة للشعب الفلسطيني على أرضه وفْق تعايش مع الشعب اليهودي. لكن المبادرة لقيت مراوغة في نفوس الغرب الأميركي – الأوروبي وتعقيدات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

ما يراد قوله في ضوء القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عُقدت في المنامة للمرة الأولى (2024)، أن هذه القمة التي صادف انعقادها في الذكرى السادسة والسبعين ﻟ«النكبة الفلسطينية» الكبرى، تعاملت مع واقع حال «النكبة الفلسطينية» الأكبر بنسبةٍ ملحوظة من التبصر. وما قيل في هذه القمة من كلام بقي في منأى عن الانفعال ومفردات الويل والثبور وعظائم الأمور، مما يعني أن الكرة العربية باتت في ملعب الطرف الآخر الذي هو الإدارة الأميركية ومعظم الحكومات الأطلسية، التي لم تتعامل على النحو المأمول مع المحنة الغزاوية إنسانياً، فضلاً عن الكلام الذي تفنن في طراوة تعابيره الرئيس الأميركي بايدن.

خلاصةُ القول إن القمة الثالثة والثلاثين، التي تصنَّف عادية ودورية، كانت استثنائية بما تشاورت وصاغت من رؤية لعل أهمها وضْع خاتمة لمقولة «صيغة الدولتيْن» أو «الدولة الفلسطينية» والبدء بالعمل على «مؤتمر دولي» يتخذ المنحى الجدي ويعمل وفق «أجندة» تنتظر التجاوب ومن دون تباطؤ، بأمل تفعيل حدٍّ للتهويل الإسرائيلي. فالقادة العرب قرروا الأخذ بتجربة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورؤاه بالنسبة إلى التنمية والتطوير والتحديث لتعويض الشعوب سنواتٍ من انشغال البال بالصراعات على أنواعها وبذرتها الأساسية إسرائيل. ولن تشقّ فكرة «المؤتمر الدولي» المشار إليه الطريق إلا بعد أن يصار إلى قراءة جديدة في ضوء نقاشات في العمق للظروف التي واكبت تأسيس وتنمية العلاقات العربية – الأميركية – الأوروبية، وذلك لأن الجانب الأميركي – الأوروبي أظهر في تعامله مع المحنة الغزاوية أن ما يعنيه هي إسرائيل. وفي ضوء القراءة الجديدة لطبيعة العلاقات العربية – الأميركية – الأوروبية يمكن أن تتبلور أمور كثيرة، كما يكون هنالك تفسير لمعنى عبارة «العلاقة الاستراتيجية» التي كثرت الإشارة إليها واستعمالها في التصريحات التي يتم الإدلاء بها.

أمة العرب بعد قمة المنامة ما زالت في الانتظار. لا موجب لأسطوانة الهلع من الدوران. ولا منطق لدى أميركا وأوروبا الأطلسية من اعتبار الباطل الإسرائيلي حقاً مشروعاً. فالطمأنينة للجميع هي في هداية السبيل والمباشرة باعتماد النزاهة في التعامل انطلاقاً من اعتماد «المؤتمر الدولي» باب الدخول إلى «الدولة الفلسطينية». وبذلك تنعم الأمتان بشروق الحق وغروب الباطل الزهوق.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شروق الحق وزهوق الباطل شروق الحق وزهوق الباطل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية
 العرب اليوم - نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab