هل بايدن ظِلٌّ لأوباما

هل بايدن ظِلٌّ لأوباما؟

هل بايدن ظِلٌّ لأوباما؟

 العرب اليوم -

هل بايدن ظِلٌّ لأوباما

بقلم - ممدوح المهيني

كثيرون توقعوا أن عهد بايدن سيكون الفترة الثالثة لأوباما. والواقع أن تصورهم هذا طبيعي، فبايدن رشح نفسه في البداية على هذا الأساس. وبوصفه رجلاً متمرساً بالسياسة، تخلى عن اعتداده بذاته، واجتمع مع فريقه، وقال إنهم بحاجة إلى أن يقدموا أنفسهم بهذه الصورة حتى يعاد انتخابه.

كان بايدن يدرك أهمية شخصية رئيسه السابق الكاريزمية والمؤثرة لدى أنصارهم، وكان بحاجة لدعمه. وعلى الرغم من أن أوباما تجاهله وجرح كبرياءه، وفضَّل عليه هيلاري كلينتون لمواجهة ترمب، الأمر الذي يقال إنه غيَّر العلاقة بين الرجلين المقربين؛ فإنه لم يتردد في طلب المساعدة منه، واستطاع الرجل المسن أن ينتزع منصب الرئاسة، ويستعيد البيت الأبيض للديمقراطيين.

ظِلُّ أوباما كان ملازماً لبايدن في البداية، ولكنه انحسر مع الوقت. وبعد أكثر من 3 أعوام يمكن القول إن بايدن استقل بشخصية مختلفة؛ خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. وفي الواقع أن الرجلين مختلفان بشكل أساسي، على مستوى العقائد وليس فقط التكتيكات. الرئيس أوباما مؤمن بتعددية الأقطاب، ومتذمر من دور الشرطي الأميركي، وشخصية اعتذارية عن ذنوب أميركا، وخطبته الشهيرة في القاهرة التي بدأ عهده بها، كانت رسالة اعتذار وانسحاب من المنطقة، وهذا الأمر الذي لم ندركه إلا لاحقاً.

وبناء على هذا الإيمان تصرَّف الرئيس أوباما. انسحب من العراق على الرغم من إدراكه أن إيران ستملأ الفراغ. ويقال إن الجنرال بتريوس شرح له خطورة الانسحاب السريع، وحذَّره من هذه الخطوة، وأن هذا ما تريده طهران، فقال له: «أستطيع أن أرى خريطة العراق المعلقة على جدارك!».

وبسبب ارتيابه العميق من الدور الأميركي في المحافظة على النظام الدولي، تراجع عن مواجهة روسيا عندما احتلت القرم، وكانت هذه المقدمة لغزو أوكرانيا بعد سنوات، ونعرف قصة الخط الأحمر التي هدد بها وتراجع عنها. تراجعت العلاقة مع الحلفاء التقليديين وسمَّاهم «الراكبين بالمجان» وعقد الصفقة السرية مع طهران، وطالب بأن تتشارك السعودية وإيران المنطقة.

هكذا كانت طريقة تفكير أوباما ورؤيته للعالم؛ خصوصاً أنه ينتمي لجيل مختلف، ويُعدُّ عملياً خارج المؤسسة السياسية، فقد أتى من خارجها، وسريعاً بزغ نجمه، وأصبح نجماً لامعاً. وقد أسهمت تدخلات إدارة الرئيس بوش في أفغانستان والعراق بتعزيز هذا الإيمان لديه. وهذا عادة ما يحدث بين الرؤساء؛ يذهب الرئيس الجديد في الاتجاه المعاكس لسلفه، ويحاول أن يصحح أخطاءه ويفرض رؤيته وشخصيته.

لو قارنَّا كل ذلك بالرئيس بايدن لوجدنا اختلافاً في العقيدة السياسية والأفعال. الرئيس بايدن الذي ترعرع في أروقة الكونغرس لأكثر من 35 عاماً، مؤمن أصولي بفكرة النظام الليبرالي الذي شكَّلته أميركا، وموقفه القوي من الغزو الروسي لأوكرانيا نابع من هذه العقيدة الصلبة. وبسببها استطاع أن يوحِّد أوروبا المرتعدة، ويوقف أوكرانيا على قدميها بعد أن كادت موسكو تبتلعها. والآن الصواريخ الغربية تضرب الداخل الروسي. ويتجاوز بايدن اللياقة المفترضة بين الرؤساء، فقد تهجم على الرئيس بوتين مراراً، ووصفه بـ«القاتل»، و«الديكتاتور» و«غير المحترم!» في محاولة لتحطيم الصورة المهيبة التي صممها الرئيس الروسي لنفسه.

هذا الإيمان العميق نابع من عقيدته السياسية التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية، ولا يريد أن تعود أشباحها الكئيبة من جديد. وهو يختلف بشكل جذري عن رؤية الرئيس أوباما الذي عاش في مرحلة مختلفة جداً، وكان ناشطاً اجتماعياً في صغره.

علاقة واشنطن بالرياض اضطربت في البداية، ولكن بعد ذلك حدث تحول جذري، وأصبحت العلاقة قوية ووثيقة لدرجة الاقتراب من توقيع اتفاقية دفاعية تاريخية. هل كنا نتوقع أن تحدث هذه الاتفاقية مع الرئيس أوباما؟ على الأرجح لا؛ لأنه كان ينظر للمنطقة والعلاقة مع الحلفاء في الشرق الأوسط نظرة مختلفة عن الرئيس بايدن، المؤمن بأهمية التحالفات التقليدية.

موقف الرئيس بايدن أيضاً من الصين ينسجم مع رؤيته وإيمانه بأهمية الدور الغربي في مواجهة القوة الصينية الصاعدة، ولكن بشكل أكثر حدة من النظرة التصالحية لأوباما، أو حتى من ترمب. انتقد بايدن بكين في بداية عهده، ولم يتغير موقفه منها حتى الآن، فقد هاجمها وعدَّ اقتصادها على حافة الهاوية، وقوتها مبالغاً بها، ومبادرتها الشهيرة «الحزام والطريق» مبادرة ميتة قبل أن تولد. وبالطبع كل هذه مبالغات، ولكن تعكس طريقة تفكيره المختلفة جذرياً عمَّن سبقه.

بايدن شخصية مختلفة عن أوباما، وليس ظِلاً له، كما يحب أن يسخر منه خصومه في محاولة للتقليل من قيمته والإساءة له. وقد أثبت أنه شخصية مستقلة ومختلفة. صحيح أنه يبدو تائهاً ويتلعثم وينسى، ولكنَّ نظرته في السياسة الخارجية ورؤيته لدور أميركا العالمي تتسم بالوضوح والصفاء، تماماً مثل نهار يوم صيفي مشمس.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بايدن ظِلٌّ لأوباما هل بايدن ظِلٌّ لأوباما



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:34 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
 العرب اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab