لماذا يهاجم المتطرفون قادة دول الخليج

لماذا يهاجم المتطرفون قادة دول الخليج؟

لماذا يهاجم المتطرفون قادة دول الخليج؟

 العرب اليوم -

لماذا يهاجم المتطرفون قادة دول الخليج

بقلم - ممدوح المهيني

مَن يقرأ التاريخ الإسلامي ويتعرَّف على شخصياته العظيمة، لا بدَّ من أن يستغربَ كيف تحولوا إلى رهائنَ بيد المتطرفين يستخدمونهم في السيطرة والتأثير على عقول ملايين المسلمين! الإسلام دينٌ عظيم، أنجبَ حضارة وممالك وإمبراطوريات شوَّهها الإسلاميون الذين يستخدمونه كآيديولوجيا لأهداف تتعلق بالسلطة، أو تنفيذ أجندات، أو لمجرد نشر الكراهية والعنف والتدمير، كما تفعل التنظيماتُ الجهادية المسلحة.

وصحيحٌ أنَّ هناك متطرفين بالغرب يكرهون الإسلام، ومصابين بمرض «الإسلاموفوبيا»، ولكن أكثر من شوَّه صورة المسلمين والإسلام هم المتطرفون أنفسهم، ومنهم يستمد هؤلاء الكارهون كل ما يحتاجونه لتنفيذ مهمتهم بسهولة. لقد حوَّلوا هذا الدين الكبير إلى دينٍ صغير. الدين الذي أنتج فلاسفةً وفقهاءَ وقادة وشعراء ومفكرين، تحول إلى دين ضد المدنية بكل ما تعنيه. ضد الفلسفة والثقافة والفنون والتحديث الاقتصادي، وبالتالي ضد الحياة نفسها. الدين الذي صنعَ حضارةً ذهبية أصبح على يديهم أداة لوأدِ الحضارة. الدين الذي هدفه إثراءُ الشخصية نفسياً وروحياً وأخلاقياً، تحوَّل بيدهم إلى سلاح وأداة للطعن في استقامة وعقيدة الأفراد ورجال الدولة والمجتمعات بأسرها.

الدول الخليجية التي تحقّق نجاحاتٍ اقتصادية لافتةً، وأصبحت وجهاتٍ سياحة وإقامة حول العالم، تُواجَه بحملات تكفير وتفسيق من الجماعات الإسلاموية، من تشكيلات «الإخوان المسلمين» المقيمة في أوروبا وأميركا وكندا. تقوم هذه الدول الخليجية بتقديم الصورة الصحيحة للإسلام المستنير الحضاري المتناغم مع التقدم وقيم الحضارة الحديثة ومصدر السعادة وليس الموت، وتحوَّلت عواصمُها إلى مزيج إنساني فريد من كل الجنسيات والأعراق. وهذا هو السبب الذي يجعلها مصدر تهديد لهذه الجماعات والجهات التي تسعى لاحتكار الرواية الدينية والتحدث باسم الإسلام. ولهذا فإنَّ إفشال مشاريع التنمية والتقدم، وإضعاف هذه الدول، والهجوم على قياداتها وتكفيرها هو هدف رئيسي لها.

نجاح هذه الدول كل يوم هو خسارة لتلك الجماعات من رصيدها، وافتكاكٌ للدين من قبضتها، وإعادته إلى وضعه الطبيعي. ولهذا تسعى هذه الجماعات للتخريب بالفعل عبر خلق الميليشيات وتهديد الأمن وتهريب المخدرات، أو القول عبر نشر الإشاعات وتشويه مشاريعها والتشنيع على خطها التنموي الإنساني المنفتح على العالم.

فكِّر في جماعات مثل: «حزب الله» و«القاعدة» و«داعش» و«عصائب الحق» و«الإخوان» وكل تفرعاتها. رغم الاختلافات فيما بينها فإنَّ ما يجمعها شيء واحد، هو الحديث باسم الدين، ولكن النسخة المظلمة منه. وهذا ما تفعله الأبواق الدعائية السنية والشيعية التي تستغل حتى أكثر الأحداث الإنسانية مأساوية -كما يحدث في غزة- من أجل خلق رواية دعائية عدائية ضد الدول الخليجية.

صور بن لادن وسليماني والمهندس والبغدادي أكبر دعاية سيئة لنا، ومشاريعهم هدفها إغراق المنطقة ومن فيها في حالة مستعصية من الفشل الذي يصعب الخروج منه. ولننظر إلى الدول التي غزتها من أفغانستان إلى لبنان، لقد تحوَّلت من أوطان إلى ذكرى أوطان.

ولكن الآن –وأخيراً- نرى ضوءاً في آخر النفق. فرصة استعادة الإسلام المختطف من يد المتطرفين، هي عبر تقديم الرواية الدينية الحضارية المترافقة مع الازدهار الاقتصادي. هذه المعادلة الناجحة هي العلاج الشافي. الآن نرى نتائجها الإيجابية؛ ليس في دول الخليج، ولكن في المنطقة؛ حيث نشهد صعود خطاب التسامح وتراجع خطاب الكراهية.

ولكنَّنا ما زلنا في بداية الطريق، وبحاجة إلى عقود، حتى نقول إننا وصلنا إلى المناطق الآمنة، وانتزعنا هذا الدين العظيم من براثن هذه الحفنة السيئة. لقد أمضينا وقتاً طويلاً في الظلام، وقدر القادة الكبار أن يقوموا بالمنعطف التاريخي الذي يُخرج مجتمعاتهم إلى النور.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يهاجم المتطرفون قادة دول الخليج لماذا يهاجم المتطرفون قادة دول الخليج



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:56 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

نشاط سينمائي لمحمد ممدوح في 2024
 العرب اليوم - نشاط سينمائي لمحمد ممدوح في 2024

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل

GMT 13:16 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

عمرو سعد يكشف تفاصيل عودته الى السينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab