أخطر 3 مؤامرات

أخطر 3 مؤامرات

أخطر 3 مؤامرات

 العرب اليوم -

أخطر 3 مؤامرات

بقلم - ممدوح المهيني

هناك في تقديري 3 مؤامرات تسيطر على أذهاننا. ولكن قبل أن نعددها علينا أن نفهم السحر والجاذبية في فكر المؤامرة. إنها آلية نفسية مريحة لأنها تخلي الفرد - أو الشعوب - من المسؤولية بشكل كامل وتلقي بها على الآخرين. سبب الهزيمة ليس الجيوش المتهالكة، ولكن الخونة في الداخل والأعداء الأشرار في الخارج. هي أيضاً تحقق ما يُسمى بمفهوم «كبش الفداء»؛ فكل عيوبي وعثراتي أضعها على آخَر وأقوم بعد ذلك بإعدامه وإعدامها معه، وأتطهر نفسياً بعدها. وهي أيضاً طريقة مناسبة للهروب من الواقع ومواجهة الحقيقة. ولهذا تُروى بحس استخباراتي وروح قصصية بوليسية لا تتناسب مع الواقع البارد المفتقد لحرارة الدراما وحبكات أفلام الإثارة. كل هذه مغريات تقدمها المؤامرة لمن يُؤْمِن بها. تعزله وتدخله في عالم سحري خرافي، وتنصّبه على عرش المنتصر. لماذا يريد بعدها العودة لواقع بارد لا يعرف المجاملة هو فيه المهزوم؟ وكنا نعتقد أن الأجيال السابقة هي من تؤمن بالمؤامرة وتروِّج لها، ولكنها الآن أكثر انتشاراً ورواجاً بين الأجيال الجديدة الصاعدة التي تتشرب، للأسف، هذه القناعات بعمر مبكر.

في تقديري هذه أخطر 3 مؤامرات تواجهنا:

المؤامرة السياسية: هذه المؤامرة تقول باختصار إن الدول الغربية، وأهمها الولايات المتحدة الأميركية، تنوي تمزيقنا واستغلال ثرواتنا وإخضاعنا لسلطتها في نهاية المطاف. وبسبب هذا التفكير انتشرت مصطلحات، مثل الاستعمار الجديد والتبعية والخنوع، ومؤخراً التأمرك والتصهين، إلى آخر هذه التوصيفات. ولكن القليل من التأمل في الواقع والتاريخ يكشف لنا أنها مجرد خدعة تلعب على غرائز الكرامة والأنفة وشيطنة الآخرين. الشعوب العربية لم تتعرض للتمزق والانهيار ولم تُنهب ثرواتها بسبب الغرب، بل بسبب حكام فاسدين وحكومات ثورية وأنظمة متطرفة. والحكومات التي تخلصت من هذا الوهم هي الأكثر نجاحاً؛ ليس فقط في السعودية ودول الخليج، بل في كوريا الجنوبية، واليابان، وسنغافورة، وتشيلي. كل هذه الدول عملت الشيء ذاته تقريباً ونجحت. تخلَّت عن أوهام المؤامرات وركزت على التنمية والاقتصاد وأخرجت الآيديولوجيات المتطرفة الدينية والقومية من النافذة وأدخلت الاستثمارات من الباب. تنطلق هذه المؤامرة من النظرة القديمة للاستعمار الأوروبي، ولكنها مرحلة تاريخية انقضت ولا يمكن أن تعود. العالم تغير وتبدَّل، والنظام الدولي اختلف عن مرحلة نهب الثروات أو ما يُسمى نظرية التبعية. مناصرو محور الممانعة وجماعات الإسلام السياسي الشيعي والسنّي هم أكثر مَن يبثون فكر المؤامرة السياسية ويروِّجون لفكرة الحرب القادمة مع الغرب «الكافر»، ونعرف كل الدمار الذي تسببوا به. المؤامرة السياسية لم تصبح فقط وسيلة للهروب من معالجة الأسباب الحقيقية للفشل، ولكنها تحولت لشعار عاطفي تُرتكَب تحته أكبر المآسي. الميليشيات تقتل الأطفال السوريين ويرددون بعدها شعار الموت لأميركا وإسرائيل!

المؤامرة الدينية: تختصر هذه المؤامرة المقولة الرائجة بأن هناك حرباً على الإسلام والمسلمين. ولكن إذا تأملنا الواقع قليلاً فإننا نرى أن المسلمين يزدهرون وينجحون في الدول الغربية أكثر في أحيان كثيرة من دولهم الأصلية. إذا كانوا محارَبين فعلياً لماذا إذن يُسمَح لهم بالعيش هناك؟ ولماذا تُمنَح لهم الفرصة للنجاح؟ مَن قام بتشويه صورة الإسلام ليسوا الغربيين، ولكن الزرقاوي والبغدادي وسليماني. وفي الوقت الذي تختار لندن عمدة مسلماً، يقوم الإرهابيون بتفجير الأسواق والقطارات والمطارات وقتل الأبرياء. وهناك مِن المتطرفين مَن يقول إن المؤامرة أخبث، وهي تهدف إلى تذويب الإسلام و«أمركته»؛ بنشر تعاليم، مثل التسامح والتعايش بين الطوائف. ولكن هذه أفكار ليست غريبة علينا، والمسلمون شهدوا فترات طويلة من تاريخهم متسامحين مزدهرين قبل أن يسود منطق المتطرفين، ويعلّم الأطفال كيف يكرهون المختلفين معهم في الدين والمذهب. أفكار التسامح والتعايش لا علاقة لها بالتآمر، بل هي آليات مهمة لتخفيف الاحتقان والبغضاء داخل المجتمعات. وبدل أن تتطاحن الطوائف وتتمزق المجتمعات يتم توجيهها نحو أهداف وطنية وإنسانية أسمى. المتآمر مَن يمنعها، وليس من يدعو لها. من الصعب علينا أن نقول إن الحرب الطائفية بين المسلمين في بلدان عدة حدثت لأن شياطين خارجية وسوست في عقولهم. ويجب ألا ننسى أن الحرب الطائفية قديمة قبل أن نعرف الغرب بالشكل الحديث، ولن يختفي «داعش» و«حزب الله» و«القاعدة» لو تلاشت بريطانيا وفرنسا غداً. المؤامرة الدينية مجرد خديعة صُمِّمت لطرد الأفكار الإنسانية من التأثير على ثقافتنا وعقلنتها. حتى تلك المُثل القيمة النبيلة من تراثنا وتاريخنا الإسلامي والعربي يتم الاشتباه بها من أجل حماية العقلية المنغلقة، حتى يُصد أي سؤال وشكّ يتسبب بهزها ومن ثم انهيارها.

المؤامرة الاجتماعية: تزعم هذه المؤامرة أن هناك خططاً لتغيير قيم المجتمعات تهدف لطمس هويتها وقيّمها. منبع هذه الفكرة العزلة القديمة للشعوب، حيث يصبح الغريب الآخر الذي سيجلب معه الشرور والأمراض الثقافية. ولكن هذه فكرة انهار منطقها مع تلاشي الحدود التي تخترقها الطائرات والاتصالات. اكتشفنا أن لا أحد يتربَّص بنا ويصحو من النوم لتقويض مجتمعاتنا. بل بِتْنا نرسل أبناءنا للدراسة في الخارج. فكرة الهوية لم تعد جامدة، بل متطورة ومتغيرة باستمرار. الهوية الصحية هي المتجددة والمنفتحة على لغات وثقافات مختلفة، عكس الهوية الثابتة التي تعيش في الماضي، لكن الماضي لا يعود. باتت تسكن الأفراد هويات متعددة وحتى جنسيات مختلفة من دون أي تناقض. التآمر على المجتمع يحدث بعزله وتقييده، وليس العكس. المحذرون يقولون إن المرأة هي هدف المؤامرة الاجتماعية التي تهدف إلى خلعها من قيمها. ولكن التجربة أثبتت أن هذا مجرد وهم، ومزيد من الحقوق للمرأة مفيد؛ ليس لها فقط، ولكن للمجتمع الذي تساعد في نهضته وهي تشعر بالاحترام الكامل.

كل ما سبق أفكار بديهية للبعض، ولكنها، مع ذلك، تستمر وتنتقل من جيل إلى آخر. ومن المهم أن تُنتقد وتُكشف عيوبها حتى تُحاصَر عند فئة قليلة. فكر المؤامرة لن يموت وموجود في كل المجتمعات حتى المتطورة منها، ولكنه محصور بقطاعات محدودة من المرتابين والمهووسين، ويجب ألا يكون بين المعلمين والدعاة والصحافيين وأساتذة الجامعات. إنها مثل الأقراص المخدرة، وأسوأ شيء يمكن أن نفعله لأطفالنا أن ندسَّها يومياً في أفواههم ونجبرهم على ابتلاعها.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخطر 3 مؤامرات أخطر 3 مؤامرات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab