بعد سقوط دمشق

بعد سقوط دمشق

بعد سقوط دمشق

 العرب اليوم -

بعد سقوط دمشق

بقلم:جمعة بوكليب

الأيام القليلة الماضية المنتهية بسقوط دمشق في أيدي قوات «هيئة تحرير الشام»، مضت سريعاً وبإثارة غير مسبوقة، وكأننا نشاهد فيلماً سينمائياً، ربما أكثر إثارة من كل أفلام استوديوهات هوليوود الأميركية. قد يجد البعض تشبيه ما حدث في سوريا بالإثارة السينمائية غير ملائم. وأنا أعتذر لهم سلفاً عن استخدامه. وتبريري أنني لم أجد وصفاً أبلغ منه يليق بما حدث ويحدث.

كانت وسائل الإعلام الدولية ووسائط التواصل الاجتماعي تنقل، أولاً بأول، تقدم القوات المهاجمة جنوباً قاصدة العاصمة السورية دمشق. وكانت البلدات والقرى والمدن في طريقها تتساقط، واحدة إثر أخرى، متهاوية بين أيديها، مثل حبات من عقد منفرط.

المسافة من المدينة الثانية حلب إلى العاصمة التاريخية دمشق، قطعتها القوات المهاجمة في أقل من أسبوع تقريباً. وبوصولها إلى ضواحي دمشق، ثم دخولها المدينة، أسدلت الستار نهائياً على زمن البعثيين العرب، في آخر حصونهم المنيعة. وفي الوقت نفسها، طوت إلى الأبد ملفات حقبة سياسية في سوريا دامت 54 عاماً.

الرئيس السوري السابق بشار الأسد يقبع حالياً مع زوجه وأطفاله في موسكو، بعد فرارهم ومنحهم اللجوء. وفي صباح الاثنين المنصرم، وفي موسكو، نقلت وسائل الإعلام الدولية مباشرة صوراً لأعضاء السفارة السورية وهم ينزلون العلم السوري، ويرفعون مكانه علم الاستقلال.

قد لا يكون مهماً الحرص على رصد تنقلات الرئيس السوري السابق ووضعيته الجديدة في تلك العاصمة الباردة والبعيدة، بقدر الحرص على معرفة الطريق التي سيقصدها القائد الجديد المشهور سابقاً باسمه الحركي الإسلاموي أبو محمد الجولاني، أو حالياً باسم أحمد الشرع. الاسمان يدلان على شخصين مختلفين. ولا ندري أيهما هو حالياً.

بسقوط دمشق، انتهت حقبة سورية وعربية وشرق أوسطية بكل ما لها وما عليها. وسوريا الآن دخلت حقبة أخرى، وأدخلت معها منطقة الشرق الأوسط. وليس من الصعب التكهن بملامح الحقبة الجديدة، أو التنبؤ بمساراتها.

في فترة زمنية تعد قصيرة، انتهى مشروع بعد سقوط أهم حليفين له في منطقتنا العربية. والجيب العراقي المتبقي لن يصمد طويلاً.

التاريخُ لا يعيد نفسه، حتى لو بدا لنا أنّه يتكرر. والتاريخُ، كما قال الفيلسوف الألماني هيغل، لا يعلمنا شيئاً. وما حدث في سوريا، ليس جديداً، إذ سبق لنا وأن شاهدناه يحدث في بقاع جغرافية أخرى، عربية وغير عربية. وبالتالي، بقدر حرصنا على التمهل في إصدار الأحكام، يزداد خوفنا من مغبة ما تشهده المنطقة كلها من تطورات وتغيرات متلاحقة، من المحتمل أن تفضي إلى شرق أوسط جديد، بسمات ظللنا نحن العرب نرفضها بشدة، منذ أكثر من سبعين عاماً.

الآن، وقد تحركت الأرض تحت أقدامنا، واشتعلت بنيران حارقة، فقدنا القدرة على الرفض. وصار من الملائم استعدادنا لارتداء ما يفصّل لنا من جلابيب في عواصم عديدة، وغير صديقة.

موسكو ليست أفضل حالاً من طهران بعد سقوط دمشق. الرئيس فلاديمير بوتين أنفق الكثير من الوقت والجهد والمال والعتاد والجنود في سبيل أن تحظى روسيا بموطئ قدم في المنطقة، خاصة بعد أن تجرأ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في عام 2014 بوصف روسيا في خطاب له بأنها قوة إقليمية تصغيراً من شأنها. الرئيس بوتين أراد من تدخله العسكري في سوريا في عام 2015 أن يؤكد العكس أولاً، وأن تحظى روسيا بقاعدة لها في المنطقة، تكون بمثابة منصة لعملياتها العسكرية في المنطقة وأفريقيا ثانياً. لذلك السبب، ضمن لقاء تدخله العسكري الحصول على قاعدة بحرية متوسطية في طرطوس وأخرى جوية باتفاقية ولمدة 47 عاماً. القوات الجوية الروسية حاولت مع السلاح الجوي السوري وقف المهاجمين لكنها فشلت. وأدان وزير خارجيتها لافروف القيادات الجديدة، وقال إنه من غير الممكن القبول بحكم إرهابيين لسوريا. لافروف ربما لا يعلم أن الحكومات في عواصم الغرب بدأت فعلياً في إجراءات رفع الصفة الإرهابية عن «هيئة تحرير الشام».

انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، وعناد الرئيس السوري السابق بشار الأسد في العمل بنصيحة الحليف الروسي بضرورة تقديم تنازلات والدخول في مصالحة مع أطراف المعارضة ووضع نهاية للصراع، لم يتركا في موسكو نيّة جادة للمسارعة بتقديم العون. أضف إلى ذلك أن الهجوم كان سريعاً ومفاجئاً، بمعنى أن المهاجمين تحينوا الفرصة بانهيار قوة «حزب الله»، ودخول إيران في مواجهة مع إسرائيل، وعدم استطاعتهما تقديم العون.

وماذا عن تركيا؟ الجواب ليس صعباً. فأيديها واضحة في العملية الأخيرة. وتصريحات الرئيس إردوغان لوسائل الإعلام الدولية بعد سقوط دمشق تغني عن التورط في التكهنات والتفاسير. وما يهمّ الرئيس التركي إردوغان هو الإيفاء بما قطعه من وعود للناخبين الأتراك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بالتخلص من ملايين المهاجرين السوريين المقيمين في بلاده، وكذلك القضاء على الجماعات المسلحة الكردية. والهدفان قيد التحقق.

 

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد سقوط دمشق بعد سقوط دمشق



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 09:19 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هند صبري تعلن مفاجأة عن مشاركتها في دراما رمضان
 العرب اليوم - هند صبري تعلن مفاجأة عن مشاركتها في دراما رمضان

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 12:09 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

نقص فيتامين د وتأثيره على الصحة النفسية في فصل الشتاء

GMT 10:38 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

دينا الشربيني تكشف موقفها من الانتقادات

GMT 09:27 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

سوريا.. هل قفزت إلى المجهول؟

GMT 19:15 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

انفجارات في مطار القامشلي شرقي سوريا

GMT 16:32 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 11 مدنيا جراء استهداف مسيرة تركية منزلا شمالي الرقة

GMT 17:57 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

أليسون يعود لدوري أبطال أوروبا بعد غياب طويل

GMT 17:52 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إنهاء عمل الحكم ديفيد كوت بسبب ليفربول

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

صعود البيتكوين يدفع أسهم شركات التشفير للارتفاع

GMT 01:43 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

اعتقال راكب حاول إجبار طائرة مكسيكية على السفر إلى أميركا

GMT 09:14 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد بشار الأسد

GMT 16:20 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثلاثة من جنوده في شمال قطاع غزة

GMT 06:16 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... وماذا الآن؟

GMT 01:27 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يرد على شائعات انفصاله عن زوجته ميغان ماركل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab