بريطانيا الوقت ينفد أمام المحافظين

بريطانيا... الوقت ينفد أمام المحافظين

بريطانيا... الوقت ينفد أمام المحافظين

 العرب اليوم -

بريطانيا الوقت ينفد أمام المحافظين

بقلم - جمعة بوكليب

بدايات الأعوام، في رأيي، تكتسب طابعاً بطيء الإيقاع سياسياً، في جلّ البلدان. محركات أهل الساسة، على ما يبدو، لا تسخن وتعود إلى هديرها المعتاد إلا بعد مرور شهرين أو ثلاثة من بداية كل عام جديد. ولكن لكل قاعدة استثناء. الاستثناءات تحدث إذا تدخلت ظروف قاهرة، مثل الكوارث الطبيعية أو الحروب، أو عقد انتخابات.

العام الجديد 2024 عام حروب عديدة. ومن ضمنها حربٌ من نوع مختلف، تحدث كل أربع أو خمس سنوات. من الممكن وصفها تجاوزاً بالحرب الانتخابية.

في الفترة الزمنية التي تبدأ من عام 2010 وحتى عام 2019، شهدت بريطانيا أربعة انتخابات نيابية حاسمة، فاز بها المحافظون. الآن، وقبل نهاية أول شهر من عام 2024، الذي أطلق عليه اسم عام الانتخابات، بدأت تصل لأسماعنا أصوات قرقعة سيوف وصراخ متحاربين: إنّها الحرب إذاً.

وسائل الإعلام البريطانية، كعادتها، في أوقات الحروب الانتخابية، تنشط بشكل استثنائي، وتفتح الصحف الرئيسية، وغيرها من الصفحات، لتتحول إلى ميادين معارك لا تنتهي. والقرّاء ليسوا حياديين؛ إذ لا حياد في الحروب الانتخابية. المصالح الفردية والجمعية تتلاقى وتتفرق وتتصادم بحدّة، وتتحدد سريعاً مسارات الناخبين. ويهرع الكل ركضاً إلى امتشاق السيوف، دفاعاً عن مصالحهم الفردية، وعن الطريق التي يرونها مناسبة لتحقيق تلك الغايات، وتحت أي من الرايات المرفوعة.

ما يميّز الانتخابات البريطانية المقبلة، وفقاً لتقارير إعلامية، ولما تنشره استبيانات الرأي العام، وما يصرح به الخبراء والمختصون، أن هناك اتفاقاً بينهم جميعاً يؤكد، بنسب مختلفة، على احتمال هزيمة حزب المحافظين تحت قيادة السيد ريشي سوناك، وخروجهم من الحكم لصالح حزب العمال وزعيمه السير كير ستارمر.

في الأيام الماضية، خرجت صحيفة «الديلي تلغراف»، المؤيدة لحزب المحافظين، تنعى لجمهور المحافظين هزيمة الحزب في الانتخابات المقبلة، بناءً على استبيانات للرأي العام، صدرت أخيراً، ووصفتها بأنها غير مسبوقة، تنبأت بحصول العماليين على أغلبية برلمانية، تقترب كثيراً من تلك التي حصلوا عليها في انتخابات عام 1997، تحت قيادة السير توني بلير. وتُحذّر كبار قادة الحزب ومسؤوليه من مغبة ما سيحدث، بخاصة أن الاستبيان تنبأ بأن أكثر من 12 وزيراً في الحكومة الحالية، على الأقل، سيفقدون مقاعدهم، وفي مقدمهم السيد جيرمي هنت وزير الخزانة، وأن الحزب سيخسر كل المقاعد التي افتكّها من حزب العمال في انتخابات عام 2019 في منطقة الحزام الأحمر في شمال إنجلترا، وأن مقاعد المحافظين التاريخية في جنوب إنجلترا ستقع بين أيدي حزب الأحرار الديمقراطيين.

ما أطلقتُ عليه مجازاً وصف النعي في البداية، هو في الحقيقة، وإن شئنا الدقة، صرخةُ حربٍ أخيرة، تأتي في وقت بدا فيه قادة المحافظين وكأنهم فقدوا البوصلة سياسياً.

اللورد ديفيد فروست، أحد قادة اليمين في حزب المحافظين، وأسندَ إليه في السابق رئيس الحكومة الأسبق بوريس جونسون مهمة قيادة فريق التفاوض مع بروكسل، بهدف إنجاز اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، كان هو من أطلق صرخة الحرب، في مقالة نارية نشرها بالصحيفة، على الصفحة الأولى في نفس العدد واليوم، كونه واحداً من فريق ضم خبراء في الاستبيانات، وأشرفوا على الاستبيان المذكور أعلاه.

الصرخة تلك، في رأيي، لن تضيع في الهواء هباءً، بل من المحتمل أن توقظ الغافلين، وتنفض الرماد عما تبقى من جمر متقد تحته، وتنفخ في ناره ليتوهج. وفي حالة حدوث ذلك، وهو محتمل، فإن الحلول المتاحة للأسف قليلة، أمام من سينهضون، بهدف إنقاذ الحزب من شرّ هزيمة مدوّية. أول الحلول غير المتاحة، الحل الذي يطالب بالتخلص من السيد سوناك، واستبدال زعيم آخر قادر على إنهاض الهمم به، وتغيير مجرى الحزب. السؤال: منْ منَ القادة المحتملين يجرؤ على ركوب عاصفة، ويستلم راية الزعامة، والمعركة الأخيرة على بعد مرمى حصاة؟ وماذا بمستطاعه فعله، ولم يفعله الزعيم الحالي؟ آخذين في الاعتبار أن عملية اختيار زعيم جديد للحزب تستغرق شهرين على الأقل، فمن يجرؤ على عملية انتحارية سياسياً في عام انتخابات؟

إشكالية الهجرة غير القانونية عبر القنال الإنجليزي، ستبقى عصيّة على كل الحلول. وإرسال المهاجرين إلى رواندا ليس حلاً ولن يكون بإجماع المراقبين؛ لأن عدد المهاجرين المرحّلين لن يتجاوز مئات قليلة. والإشكالية سيورّثها المحافظون للعمال في حالة وصولهم إلى الحكم. وماذا عن إشكالية تدني مستوى الخدمات الصحية في كل البلاد، بشكل غير مسبوق، وتواصل الإضرابات؟

مشكلة حزب المحافظين، استناداً إلى آراء العديد من المعلقين، هي أنهم يجذفون ضد تيار الوقت، تزامناً مع انفضاض الناخبين من حولهم بسبب انقساماتهم؛ إذ ليس أمامهم سوى وقت قصير جداً على بدء المعركة النهائية. وقبلها، عليهم أولاً توحيد صفوفهم، ووضع خلافاتهم في الأدراج مؤقتاً، وهو ما لا يبدو ممكناً؛ لأن الخلافات ليست هيّنة أو هامشية، بل تتعلق بروح الحزب ومستقبله، والطريق التي يجب الالتزام بالسير فيها، طيلة الأعوام والعقود القادمة.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا الوقت ينفد أمام المحافظين بريطانيا الوقت ينفد أمام المحافظين



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

SpaceX تطلق 21 قمرًا صناعيًا من Starlink إلى المدار

GMT 05:56 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حريق جديد في لوس أنجلوس وسط رياح سانتا آنا

GMT 15:41 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعرض 65 مليون يورو لضم كامبياسو موهبة يوفنتوس

GMT 03:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استمرار غياب تيك توك عن متجري أبل وغوغل في أميركا

GMT 03:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

زلزال بالقرب من سواحل تركيا بقوة 5 درجات

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استشهاد مسؤول حزب الله في البقاع الغربي محمد حمادة

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 03:08 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع ضحايا حريق منتجع للتزلج في تركيا لـ76 قتيلًا

GMT 05:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الصين تختبر صاروخاً فضائياً قابل لإعادة الاستخدام

GMT 16:06 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تكشف ردود فعل الرجال على أغنيتها الجديدة

GMT 02:59 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

تحذيرات من رياح خطرة وحرائق جديدة في جنوب كاليفورنيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab